رأس العين – حسين شعبو
أصبح الاعتماد على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في منطقة رأس العين، شمالي محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، ضرورة مُلحة نتيجة غياب البدائل الأخرى، وسط قطع مستمر للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى انقطاع مواد المحروقات من فترة لأخرى وغلاء أسعارها.
تصل معدات تركيب ألواح الطاقة الشمسية إلى المنطقة عبر الترانزيت من تركيا، وتدخل عبر معبري “رأس العين” و”تل أبيض” الحدوديين، ما أسهم بانتشارها بشكل كبير مؤخرًا.
وجود نحو 15 مركزًا متخصصًا ببيع منظومات الطاقة في المنطقة خلال الفترة الأخيرة، فتح باب المنافسة بين التجار، ورافقتها عروض في الأسعار لتشجيع الناس على اقتنائها، خاصة لأصحاب الحقول الزراعية التي باتت تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء وتعزيز الإنتاج الزراعي، وتشغيل الأنظمة الميكانيكية المائية والري الأوتوماتيكي، ما أسهم بتحسين ري المحاصيل وتوفير الماء بكفاءة عالية وبتكاليف أقل على المزارع.
1100 دولار للمنزل
منذر كريط، يقيم في مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إنه لجأ لتركيب الطاقة الشمسية في منزله بسبب الحر الشديد، وانقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة بشكل كامل، بالإضافة إلى التكلفة العالية لتشغيل المولدات بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
دفع منذر لقاء تركيب منظومة كاملة 900 دولار، ورغم أنه مبلغ ليس قليلًا وفق قوله، فإن احتياجه إلى الكهرباء وتشغيل جميع الأجهزة بسلاسة، جعل من المبلغ استثمارًا مفيدًا جدًا وفق رأيه.
محمد صالح، صاحب مركز لبيع معدات الطاقة الشمسية في مدينة رأس العين، قال لعنب بلدي، إن الإقبال على شراء ألواح الطاقة الشمسية زاد خلال الأعوام السابقة بشكل كبير نتيجة انقطاع التيار الكهربائي وشح المحروقات وارتفاع أسعارها.
وتتراوح تكلفة المنظومة المنزلية الكاملة بين 800 و1100 دولار أمريكي كحد أقصى، بحيث تكون قادرة على تشغيل الكهرباء في المنزل بشكل كامل على مدار 24 ساعة متواصلة، وفق محمد.
وتبلغ تكلفة لوح الطاقة الواحد نحو 40- 200 دولار أمريكي، وفق استطاعته، فيما تختلف تكلفة تركيب المنظومة في مشروع زراعي بحسب مساحة الأرض، وتبدأ من نحو خمسة آلاف دولار أمريكي، وتكون قادرة على ري 25 دونمًا زراعيًا، وقد تصل إلى نحو 50 ألف دولار، وتخدّم نحو 300 دونم.
الأفضل للزراعة اقتصاديًا
سلمان المردلي مزارع من رأس العين، قال لعنب بلدي، إنه ركّب مشروع طاقة شمسية في أرضه الزراعية، وبلغت تكلفته نحو 20 ألف دولار، ما دفعه للتنازل عن بعض الممتلكات مثل بيع الجرار والسيارة لتأمين التكلفة.
وبعد تركيب المشروع، أبدى المزارع رضاه عن النتائج، إذ أدى العمل بالطاقة الشمسية إلى عودة الحياة إلى أرضه، واستطاع أن يكمل عمله دون وجود أعطال ميكانيكية متكررة بسهولة، ما أتاح له التركيز دون القلق من ناحية توفير الوقود أو مواجهة المشكلات المتكررة في المولدات.
رئيس مكتب الزراعة في المجلس المحلي لمدينة رأس العين، عمر حمود، قال لعنب بلدي، إن الطاقة الشمسية أصبحت من أبرز الحلول التي يلجأ إليها السكان والمزارعون في المنطقة.
ووفق حمود، بلغ عدد المشاريع الزراعية التي تعتمد على الطاقة الشمسية في المنطقة 510 مشاريع، بسبب ما تتيحه للمزارعين من تشغيل أنظمة الري بكفاءة عالية، الأمر الذي ينعكس على تحسين إنتاجية المحاصيل بطرق مبتكرة، ويسهم في تعزيز الاستدامة الزراعية وتحسين الأداء الإنتاجي.
وأكد حمود أن استخدام الطاقة الشمسية أصبح بديلًا مقبولًا اقتصاديًا للمزارعين، حيث يمكن لهم الاستفادة من الشمس كمصدر مجاني لتوليد الكهرباء، ما يقلل من التكاليف المرتبطة بشراء الوقود وصيانة المولدات، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية النفطية وتقليل الانبعاثات الضارة للبيئة.
أكثر من ثمانية آلاف منزل
بلغت أعداد منازل المنطقة التي تعتمد بشكل كلي على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء نحو 8120 منزلًا، والعدد في ازدياد مستمر نتيجة الإقبال الواسع على منظومات الطاقة الشمسية في المنطقة، بحسب ما صرح به مدير غرفة التجارة والصناعة في رأس العين، هبو الهدار.
وأوضح الهدار، لعنب بلدي، أنه يوميًا يتم تنفيذ مشاريع طاقة شمسية للمنازل والمشاريع الزراعية، ما يعكس الحاجة الماسة للاعتماد على هذا النوع من الطاقة في تلبية الاحتياجات اليومية للسكان والمزارعين.
واعتبر الهدار أن مشاريع الطاقة الشمسية تعد خيارًا مستدامًا يسهم في تحسين الجودة المعيشية وتقليل الانبعاثات الضارة للبيئة، كما تمثّل فرصة استثمارية واعدة للتجار الجدد، تسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتنمية البنية التحتية للمنطقة، وفق قوله.
وأدى النزاع المسلح إلى تعرض أربع من محطات توليد الطاقة الـ14 لأضرار جسيمة، أي ما نسبته حوالي 18% من الاستطاعة الكهربائية في أرجاء سوريا كافة ما قبل 2011، وفق ما ذكرته دراسة بحثية أعدها الباحثان سنان حتاحت وكرم شعار.
وفاقمت السنوات العشر الأخيرة الأوضاع الخدمية المرتبطة بالكهرباء إلى حد كبير في دمشق، حيث صار نصيب الفرد من استهلاك كهرباء الدولة 15% مما كان عليه في عام 2010، وفق الدراسة.