درعا – سارة الأحمد
ينتظر الأطفال في درعا جنوبي سوريا العطلة الصيفية لممارسة النشاطات الترفيهية المتعددة خلال فترة انقطاعهم المؤقت عن المدرسة.
ويلجأ بعض الأهالي في هذه الفترة لاغتنام فرصة العطلة الطويلة لنحو ثلاثة أشهر لتنمية مهارات أطفالهم الفكرية أو الترفيهية، فيما قد يرغب آخرون بالتحاق أبنائهم بورشات لتعلم الحرف المهنية بسيطة.
ارتفاع أجور الالتحاق بهذا النوع من الورشات والنوادي الصيفية المخصصة للأطفال، قد يحول دون قدرة كثير من الأهالي على إلحاق أطفالهم بها، جراء ظروف المعيشة الصعبة، ما يفرض أولوية تأمين الاحتياجات الأساسية فقط.
للمقتدرين
تتنوع النشاطات التي يمكن للأطفال الالتحاق بها في محافظة درعا، بين نشاطات ترفيهية وأخرى لتنمية المهارات الفكرية والتعليمية، وورشات لتعلم المهن الحرفية.
عبير الدخان من سكان مدينة درعا، أم لطفلين (سبعة وعشرة أعوام)، ترى أن النادي الصيفي ضرورة للأطفال خلال فترة العطلة الصيفية الطويلة لتعبئة أوقاتهم بأنشطة مفيدة، سواء كانت ترفيهية أو تعليمية.
تدفع عبير 500 ألف ليرة سورية شهريًا لقاء التحاق أطفالها بدوام كامل ضمن النادي التابع للمدرسة الخاصة بمنطقة سكنها.
قالت عبير لعنب بلدي، إنها تستطيع تأمين تكاليف النوادي الترفيهية والتعليمية لأبنائها، بسبب اعتمادها على ما يخصصه زوجها المسافر خارج البلاد لهذه الورشات.
أما ياسر رشيدات، وهو أب لأربعة أطفال، فقال لعنب بلدي، إن النوادي الصيفية مهمة جدًا، لكنها ليست ضمن قدرة جميع العائلات ماديًا، إذ لا يتعدى متوسط دخل العائلة الشهري نحو 250 ألف ليرة سورية.
ولغياب قدرته المادية على تسجيل أولاده بهذه الدورات، يلجأ ياسر وزوجته لتعليم أطفالهما في المنزل تهيئة لعامهم الدراسي المقبل.
مهن حرفية خيار آخر
يرغب بعض الأهالي خلال هذه العطلة بتعليم أطفالهم مهنًا حرفية بسيطة، إلى جانب تعليمهم في المدرسة.
جورج شناعة، وهو من سكان مدينة درعا وصاحب ورشة خياطة، قال لعنب بلدي، إنه يرغب بتعليم طفليه (11 و13 عامًا) مهنة الخياطة إلى جانب دراستهما، وهو يصطحبهما معه إلى الورشة خلال فترة العطلة.
يتبع جورج مع طفليه ما اتبعه معه والده، كما قال، إذ علمه المهنة في هذه الفترة من السنة، عندما كان بعمرهما، وساعدته المهنة على تجاوز الوضع المعيشي الصعب.
بدوره، يمضي الطفل محمد الشرع (12 عامًا)، من سكان مدينة درعا، العطلة الصيفية في العمل بمحل نجارة مع عمه، بحسب ما قاله لعنب بلدي، موضحًا رغبته بتعلم المهنة بهدف جمع بعض المال لمساعدة عائلته، إذ تعول أمه العائلة لوحدها بعد وفاة الأب.
أسعار مرتفعة “مبررة”
طال ارتفاع الأسعار في جميع المحافظات السورية، ومنها درعا، تكاليف نشاطات النوادي الصيفية، ما جعلها خارج حسابات عديد من أهالي الأطفال.
وتختلف الأجور وفق نوع الورشة التدريبية، سواء في الموسيقا أو السباحة أو الرياضة وغيرها، وهناك عديد من النوادي التي تعلن عن بدء نشاطها الصيفي منذ بداية العطلة الصيفية وبتكاليف مختلفة من نادٍ لآخر.
ففي درعا البلد تتوزع معاهد خاصة لتعليم منهاج العام الدراسي المقبل بتكلفة 200 ألف ليرة شهريًا، وتوجد نوادٍ ترفيهية لتعليم رياضة “الزومبا” و”الكاراتيه” ومهارات الدفاع عن النفس بتكلفة تصل إلى نحو 40 ألف ليرة شهريًا، بالإضافة إلى معاهد لتعليم اللغات العربية والإنجليزية والفرنسية والمهارات الذهنية بتكلفة 70 ألف ليرة شهريًا.
تانيا البرماوي، طالبة في الصف الثامن، تتعلم العزف على آلة العود منذ بداية العطلة الصيفية، بحسب ما قالته والدتها ابتسام المقداد، لعنب بلدي، لقاء دفعها 70 ألف ليرة سورية خلال ثلاثة أشهر، وهو مبلغ مقبول مقارنة بما ستتعلمه الفتاة.
بينما يرى نضال المسالمة أن تكاليف هذه النوادي مبالغ بها، إذ قرر منذ بداية العطلة تسجيل ابنه ذي الثمانية أعوام في نادٍ لتعليم مهارات الدفاع عن النفس و”الكاراتيه”، لكن التكاليف تصل إلى نحو 60 ألف ليرة شهريًا، المبلغ الذي لا يقدر على دفعه كونه موظفًا في القطاع العام.
من جهته، اعتبر مدير أحد النوادي الصيفية في مدينة درعا، عماد الحسين، أن أسعار النوادي الصيفية والمعاهد التعليمية المرتفعة مبررة، وترتبط بالغلاء العام للأسعار، وأجور الكوادر العاملة في هذه النوادي والمتخصصة بمهارات مختلفة، وتأمين المعدات المختلفة، بالإضافة إلى أجور وسائل النقل.
وحسب مدير التربية بدرعا، منهل العمارين، بلغ عدد تلاميذ مرحلة التعليم الأساسي في المحافظة للعام الدراسي الماضي 290 ألفًا، وبلغ عدد الطلاب في المرحلة الثانوية 30 ألفًا، وتوجد في المحافظة 735 مدرسة للحلقة الأولى والثانية، و99 للمرحلة الثانوية، و45 مدرسة للتعليم المهني.