ازدادت حرارة السباق الدولي نحو القمر، بعد إطلاق الصاروخ الروسي والهندي في مهمات استطلاعية لمركبات فضائية، فيما تتسارع خطوات المشروع الأمريكي والصيني لرحلة مأهولة بشرية إلى القمر.
وأطلقت روسيا أول مركبة فضائية للهبوط على سطح القمر منذ 47 عامًا، في 11 من آب الحالي، في سباق مع الهند للوصول إلى القطب الجنوبي للقمر، الذي يمثّل مصدرًا محتملًا للمياه سيسهم في وجود حياة هناك.
وأطلقت المركبة من قاعدة “Vostochny” الفضائية التي تبعد 5550 كيلومترًا شرقي موسكو، بعد أربعة أسابيع من إطلاق الهند صاروخ “Chandrayaan-3” إلى القمر، الذي من المقرر أن يصل إلى القطب الجنوبي في 23 من آب الحالي.
ويعد من الصعب الهبوط على القمر، بسبب عدم استواء سطحه، لكن القطب الجنوبي وجهة تستحق المخاطرة، إذ يعتقد بعض العلماء أنه يحتوي على كميات مهولة من الجليد الذي قد يستخدم في استخراج الوقود والأكسجين، بالإضافة إلى مياه الشرب.
وقالت وكالة الفضاء الروسية (Roscosmos)، إن مركبة الفضاء “Luna-25” ستستغرق خمسة أيام لتصل إلى مدار القمر، ثم ستبقى من خمسة إلى سبعة أيام في المدار قبل الهبوط في موقع من إجمالي ثلاثة مواقع محتملة للهبوط بالقرب من القطب.
وتخطط “روسكوسموس” عبر جدول رحلتها القمرية الزمني لمنافسة خطة الهند الفضائية في الوصول مسبقًا إلى سطح القمر.
وفي تموز الماضي، أطلقت منظمة أبحاث الفضاء الهندية الصاروخ “LVM 3” من مرفأ الفضاء الرئيس في الهند، وبعد 16 دقيقة من الإطلاق، أعلن طاقم التحكم في البعثة نجاح الصاروخ في وضع مركبة الهبوط “Chandrayaan-3” في مدار حول الأرض، ومنه ستتجه لتنفيذ هبوط على القمر في آب الحالي، في خطوة غير مسبوقة ستعزز مكانة الهند ضمن مستكشفي الفضاء.
“ناسا”: سباق الفضاء بيننا وبين الصين
تمنى مدير وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، بيل نيلسون، التوفيق لروسيا في إطلاقها مؤخرًا مسبارًا إلى القمر، لكنه ألقى بظلال من الشك على فكرة أن رواد الفضاء الروس قادرون على النزول على سطح القمر.
على الجانب الآخر، اعترف نيلسون “بسباق الفضاء الجديد” مع الصين، قائلًا خلال مؤتمر لمتابعة آخر التطورات على مهمة “Artemis 2″، في 8 من آب الحالي، “لا أريد أن تصل الصين إلى القطب الجنوبي أولاً”.
وأضاف، “أعتقد أن سباق الفضاء هو حقًا بيننا وبين الصين، ونحن بحاجة إلى حماية مصلحة المجتمع الدولي”.
وتسعى “ناسا” لتنفيذ مهمة “Artemis 2” الهادفة إلى إعادة رواد الفضاء إلى سطح القمر بحلول عام 2025، وتأسيس قاعدة أو أكثر على القمر في المستقبل، وهي جزء من الرؤية التي تصبو “ناسا” فيها إلى استعمار المريخ بحلول عام 2029.
وتساعد “ناسا” في عملها شركات من القطاع الخاص مثل “SpaceX” التي أسسها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
من جانبها، تمكنت الصين من تحقيق خطوة متقدمة على الولايات المتحدة في السباق نحو الفضاء، مع نجاح شركة “LandSpace” في إطلاق صاروخ يعمل بمزيج من الميثان والأكسجين إلى المدار الأرضي، منتصف تموز الماضي، وهو ما فشلت فيه نظيراتها الأمريكية، وعلى رأسها شركة “SpaceX”.
وفي نيسان الماضي، انفجر الصاروخ التجريبي الذي يعمل بخليط الميثان والأكسجين، التابع لشركة “SpaceX” والذي كان يحمل المركبة “Starship”، فوق خليج المكسيك بعد أربع دقائق من إطلاقه.
وتأمل الصين في أن يطأ رواد الفضاء التابعون لها سطح القمر قبل عام 2030، وأن توسع محطة “تيانغونغ” الفضائية التي أطلقتها في مدار الأرض عام 2021.
وكان سباق الفضاء خلال “الحرب الباردة” منافسة واضحة بين غريمين، بدأها الاتحاد السوفييتي بإطلاق أول قمر صناعي خاص به، سمي “سبوتنيك”، إلى الفضاء عام 1957.
وأنهت الولايات المتحدة هذا السباق حين استطاع رواد فضاء أمريكيون، يتقدمهم نيل آرمسترونغ، النزول لأول مرة على سطح القمر، في 21 من تموز 1969، عبر المكوك “أبولو 11”.