اقتادت السلطات اليونانية مجموعة بين 70 و100 طالب لجوء سوري إلى جزيرة معزولة في نهر “إفروس”، على الحدود التركية- اليونانية.
ومن بين طالبي اللجوء الباقين على قيد الحياة 32 طفلًا و10 نساء و28 رجلًا، حياتهم معرضة للخطر، بعدما توفي آخرون غرقًا وفُقد عدد منهم.
وناشد أحد طالبي اللجوء بالجزيرة، في 7 من آب الحالي، عبر تسجيل مصور نشر عبر “فيس بوك” من قبل الناشط الحقوقي في قضايا اللاجئين أحمد قطّيع، جميع المنظمات الدولية لمساعدتهم وإنقاذهم من الجزيرة المحاصرين بداخلها لمدة 39 يومًا.
خطر على الحياة
بعد وصول طالبي اللجوء إلى الأراضي اليونانية، احتجزهم “مرتزقة” مدعومون من السلطات اليونانية ثم ضربوهم وشتموهم وأعادوهم إلى الجزيرة.
وتعيد السلطات اليونانية عادة المهاجرين إلى الأراضي التركية، أو إلى جزر داخل الحدود التركية، لكن هذه الجزيرة في نهر “إفروس” بعيدة عن طرفي البر، بحسب ما قاله الناشط أحمد قطّيع لعنب بلدي.
عنب بلدي تواصلت مع محمد، وهو أحد طالبي اللجوء العالقين في الجزيرة، وقال إن عشرة أشخاص وطفلًا توفوا غرقًا عند رمي “المرتزقة” الجميع وسط النهر، بينما فُقد قرابة ثمانية أشخاص.
وتعتمد السلطات اليونانية على “مرتزقة” من المهاجرين وطالبي لجوء يشاركون في صد عمليات طالبي اللجوء الجدد القادمين من تركيا.
ومن بين الـ100 شخص، يوجد أشخاص بحالات معرضة للخطر، كامرأة مريضة كبيرة بعمر الـ70 عامًا، وامرأتين حاملتين، ورجل مسن بعمر الـ60 عامًا، وأطفال لديهم حالات خاصة قد يكون سببها التسمم من شرب ماء النهر الملوث، ما سبب إسهالًا شديدًا مع قيء.
نفد الطعام والماء الصالح للشرب لدى طالبي اللجوء، ما أدى إلى شربهم من ماء النهر غير الصالح للشرب وتعرضهم لأمراض مزمنة كالإسهال والجفاف الشديد وغيرهما.
وبحسب إفادة محمد، فإن أغلب طالبي اللجوء تم توقيعهم على ورقة العودة الطوعية من تركيا، وسيتم ترحيلهم إلى سوريا في حال عودتهم إلى تركيا.
وأضاف محمد أن دوافع قيام طالبي اللجوء بهذه الخطوة، هو بحثهم عن حياة آمنة خالية من المخاطر، آملين حياة آمنة وأفضل لهم ولمستقبل أطفالهم.
وتقع هذه الجزيرة في نصف نهر “إفروس” المتعارف عليه بشدة تياره الجارف وعمقه وتلوث مائه وعدم صلاحيته للشرب، حيث يقع على الحدود البلغارية- اليونانية بمسافة 16 كيلومترًا، ثم تصبح الحدود اليونانية- التركية بمسافة 185 كيلومترًا.
حوادث مكررة
لم يكن هذا الحادث هو الأول الذي يتعرض له طالبو اللجوء العالقون على جزر صغيرة في نهر “إفروس”، ففي آب 2022، دعت “لجنة الإنقاذ الدولية” ومنظمات أخرى إلى إجلاء 39 لاجئًا سوريًا من جزيرة في النهر، وإنقاذ طفلة عمرها تسع سنوات في حالة حرجة، بعد أن توفيت شقيقتها البالغة من العمر خمس سنوات بلسعة عقرب.
وفي نيسان 2022، تحدثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن قوات الأمن اليونانية توظف أشخاصًا من جنسيات دول ثالثة، من أصول شرق أوسطية أو حتى جنوب آسيوية، في سبيل إبعاد طالبي اللجوء إلى الحدود البرية بين اليونان وتركيا، وهم من يصفهم اللاجئون العالقون بـ”المرتزقة”.
ومنذ مطلع عام 2022 حتى نهايته، منعت السلطات اليونانية حوالي 40 ألف مهاجر من دخول البلاد عبر نهر “إفروس”، وفقًا لوزير الحماية المدنية اليوناني، تاكيس ثيودوريكاكوس، مع استمرار حالات العبور بالازدياد بالتزامن وتشديد الحراسة لمنع المهاجرين من دخول البلاد “بشكل غير قانوني”.
أصوات لم تصل
ناشد محمد، أحد طالبي اللجوء على الجزيرة، المنظمات الدولية لمساعدتهم في إيجاد حل وإخراجهم من الجزيرة.
كما أطلق قصي دالي، وهو ناشط مجتمعي ومؤسس مبادرة تطوعية غير ربحية، حملة لمساعدة طالبي اللجوء أسماها “أنقذوا حياة اللاجئين العالقين بالقرب من بلدة ديموتيقة في اليونان”.
وطالب في الحملة بإرسال بريد إلكتروني للمناشدة بإنقاذ أرواح جميع طالبي اللجوء العالقين في الجزيرة وتقديم المساعدة العاجلة، في سبيل ضمان حقهم في طلب اللجوء والحماية.
الناشط أحمد قطّيع، أشار في حديثه لعنب بلدي إلى عدم إمكانية السلطات التركية التدخل، بسبب موقع الجزيرة الواقع ضمن الحدود الجغرافية لليونان، وبناء على ذلك يجب على منظمة “İOM” و”الصليب الأحمر اليوناني” التدخل بشكل سريع.
إبراهيم، طالب لجوء ثانٍ عالق على الجزيرة، قال إن العالقين تواصلوا مع “الصليب الأحمر اليوناني”، فأجابهم بعدم إمكانية التدخل، وأشار إلى وجوب تواصلهم مع السلطات اليونانية.
لكن السلطات اليونانية أنكرت وجودهم على أرضها، وأرسلت “مرتزقة” من قبلها لمنع وصد محاولة عودة أي فرد من أفراد المجموعة إلى الأراضي اليونانية.
وتزداد محاولات اللجوء من تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة من السوريين البالغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ على الأراضي التركية، بعد قيود مشددة فرضتها السلطات، أدت إلى ترحيل كثيرين منهم إلى الشمال السوري.
استطلاع
وفق استطلاع أجرته “سي إن إن”، تزداد التطلعات نحو الهجرة للخارج من الشباب العرب، بنسبة تصل إلى 53% من دول شرق المتوسط، و48% من شمال إفريقيا، ونسبة الراغبين في الهجرة من دول مجلس التعاون الخليجي 27%، بهدف البحث عن فرص لحياة وعمل أفضل.
كما أظهر الاستطلاع أكثر الوجهات التي استحوذت اهتمام أكبر من قبل المهاجرين، وتصدرت كندا رغبة أكثر الشباب بالهجرة إليها بنسبة 34%، تليها الولايات المتحدة بنسبة 30%، وألمانيا والمملكة المتحدة بنسبة 20% (لكل واحدة منهما)، وأخيرًا فرنسا بنسبة 17%.
وكان البحث عن عمل في أولويات المهاجر العربي، بحسب الاستطلاع، بسبب ارتفاع نسبة البطالة في منطقة الشرق الأوسط بنسبة تصل حتى 25%، وتعتبر هذه النسبة الأعلى نموًا عالميًا بحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية، وأظهر الاستطلاع أن السبب الرئيس وراء رغبة المهاجرين العرب هو البحث عن فرصة عمل بشكل جدي بنسبة تصل حتى 49%.
–