هل ترد سيدات المغرب دَين الرجال؟
عروة قنواتي
عنوان عريض ولربما ثقيل على المسامع وكبير في محاضر كرة القدم العالمية، وهو مقولة “أي دَين ترده السيدات عن الرجال في المستطيل الأخضر”، نظرًا إلى الفوارق الفنية والبدنية والاحترافية، وانتشار اللعبة وسنوات المنافسات الطويلة والبطولات وتنوعها.
لكن وللأمانة، فإن إنجاز فتيات المغرب ولأول مرة وبأول مشاركة لهن في المونديال النسوي الذي انطلق في العام 1991، يستحق أن يقال له “يخزي العين ودقو عالخشب “، بعد انتصارين على كوريا الجنوبية وكولومبيا وهزيمة الافتتاحية أمام ألمانيا، التي خسرت مع كولومبيا وتعادلت أمام كوريا الجنوبية. فتيات وسيدات المغرب كنّ على وقع التحدي وأمام المسؤولية التي أطلقها المدرب لجميع أعضاء الفريق بعد الهزيمة القوية أمام الألمانيات، وقال يومها “سنفعلها، وسنفوز ببطاقة التأهل، وسيرى العالم إصراركن في المونديال”.
من هذه البوابة كان استحقاق التفاؤل من كل المشجعين والعشاق لإكمال مسيرة سيدات المغرب
الرهان عليهن حتى في مواجهة المنتخب الفرنسي المتطور جدًا، الثلاثاء 8 من آب الحالي، نفس الأمر الذي أعاد إلى أذهاننا مواجهة رجال المنتخب المغربي مع المنتخب الفرنسي في نصف نهائي مونديال 2022، والهزيمة بهدفين دون رد، وانتهاء حلم الوصول إلى النهائي في بطولة ومسابقة ونسخة لم يكن أي متفائل في كرة القدم يشعر بإمكانية وصول المغرب فيها إلى ما بعد دور الثمانية، إلا ثقة المغاربة أنفسهم مع مدربهم وكوادرهم بأنه “لماذا لا نصل إلى النهائي ونحرز اللقب؟”.
وهنا تتضح أهمية التشابه بين استعدادات وجهود منتخب السيدات في محفلهن العالمي ولأول مرة تاريخيًا، واحترافية منتخب الرجال وتعاملهم المنظم والمحكم والمتطور مع مبارياتهم في المونديال الأخير. “الرهان كان باتجاه أبعد مسافة يمكن الوصول إليها، ولا مستحيل في كرة القدم”، وهنا لا نقول إن مهمة سيدات المغرب يوم الثلاثاء منطقية أو معقولة، لا أبدًا، فالمنتخب الفرنسي ومن خلفه المدرب هيرفي رينارد يصب كل اهتمامه وأفكاره وتنوع خططه على ما هو أبعد من الدور ربع النهائي، وحلم انتزاع اللقب هو حلم فرنسي يتم العمل عليه منذ سنوات، والمدرب رينارد خير من يعرف الإصرار المغربي والتطور الحاصل في الكرة المغربية. صحيح أنه درب منتخب الرجال هناك، وذهب بهم إلى مونديال 2018، ولم يدرب السيدات، لكنه يعرف جيدًا الهوى المغربي والرياح التي قد تهب في أي لحظة، وهذا ما يجعل المهمة المغربية معقدة.
صحيح أن سيدات المغرب تلقين ستة أهداف في مواجهة واحدة أمام ألمانيا، وصحيح أنهن سجلن هدفين فقط في دور المجموعات، لكن المغربيات حافظن على شباكهن نظيفة في 180 دقيقة، وهذا أمر مهم لا يسمى به المنتخب المغربي مدافعًا بكل الاحتمالات، ويرخي بالظلال الهجومية كورقة محتملة ومناسبة بحسب ظروف كل مباراة وكل إقصائية.
هنا نستطيع القول والجزم بأن كرة القدم المغربية لاقت وتلاقي دعمًا يوصف باللامحدود، من جهة المسؤولين عن كرة القدم في المملكة المغربية، ومن خلفهم التعليمات الملكية الموفرة للدعم والثقة والتواصل، وغير المتدخلة فنيًا وإداريًا وبكل الصلاحيات. جانب كبير من الاستثمارات ومواردها وُضعت لخدمة المنتخبات المغربية بمختلف الفئات العمرية، ومنها منتخب السيدات في المونديال وفي بطولة أمم إفريقيا سابقًا، وللأمانة وللحقيقة، فإن ثمار الدعم والاهتمام ظهرت في البطولات الكبرى، والحصاد كان رائعًا وجميلًا وللذكرى، على أمل أن يستمر ويدخل في بوابات التحدي بشكل أكبر مما يجعل الكرة المغربية بل والرياضة المغربية في كفة وبقية إفريقيا والعالم العربي في كفة ثانية.
حتى لو خسرت سيدات المغرب يوم الثلاثاء أمام فرنسا، وخسر المدرب بيدروس تحدياته ورهاناته المشروعة في المونديال “وهذا متوقع وفق المنطق”، فالمنجز خلال هذا المونديال بأول مشاركة مع تأهل للدور الثاني ينذر بمارد إفريقي عربي مغربي قادم على صعيد كرة القدم النسائية كرقم صعب وخالط للأوراق، ومن ثم منافس على الألقاب كما التحذير الذي أطلقه أسود الأطلس في مونديال 2022. ومن أعماق الوجدان نتمسك بهذا العنوان اليوم لعله يرى النور “هل ترد السيدات في المغرب دَين الرجال؟”.
بالتوفيق والفوز المستمر لمنتخب المغرب للسيدات في مواجهة المنتخب الفرنسي الثلاثاء المقبل.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :