نصف عام على الكارثة.. ضحايا الزلزال دون “شريان الحياة”

  • 2023/08/06
  • 9:24 م

دمر بعد وقت قصير من وقوع الزلزال في شباط 2023 آلاف المباني في مدينة هاتاي التركية- شباط 2023 (Welthungerhilfe)

مرّت ستة أشهر على كارثة الزلزال التي ضربت الشمال السوري والجنوب التركي، والذي راح ضحيته في شمال غربي سوريا أكثر من 4500 شخص وأصيب نحو 10400 شخصًا، وفق بيانات الأمم المتحدة، وفي مناطق نفوذ النظام السوري، 1414 شخصًا في محافظات حماة وحلب واللاذقية.

أما في تركيا، حيث ضرب مركز الزلزال مدينة كهرمان مرعش وبقوة 7.8 درجة وما أعقبه نحو 25 ألف هزة ارتدادية، مات أكثر من 56 ألف شخص وأصيب نحو 100 ألف آخرين بجروح، وفقد ملايين الأشخاص منازلهم.

ومع أكثر من 10600 مبنى دمره الزلزال بدرجات متفاوتة، منهم ما لا يقل عن 1000 مدرسة و70 مركزًا صحيًا، تضرر  منازل ما لا يقل عن 855 ألف شخص في شمال غربي سوريا، ولا يزال 265 ألف شخص فقدوا منازلهم بحاجة إلى ملاجئ كريمة، وفق بيانات الأمم المتحدة.

وفي حين لا يزال تأثير زلازل شباط المدمرة كبيرًا، لم تنفع خيبة أمل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أو مطالبته أعضاء مجلس الأمن التوصل إلى اتفاق بشأن تمديد تفويض عمليات الإغاثة عبر الحدود بعد “الفيتو” الروسي في تموز الماضي، في إيجاد حل لتقديم المساعدات الأممية عبر معبر “باب الهوى”، الذي يعد “شريان حياة” حقيقي لملايين الأشخاص في شمال غربي سوريا، حيث وصلت الاحتياجات الإنسانية إلى أعلى مستوياتها منذ بداية الثورة السورية عام 2011.

منظمات تحذر

حذرت لجنة الإنقاذ الدولية في تقريرها اليوم الأحد 6 من آب، من أنه بعد مضي ستة أشهر على الزلزال “المميت”، يجد ملايين النساء والأطفال في شمال غربي سوريا أنفسهم الآن بدون “شريان حياة” إنساني حيوي، حيث يعيش 90% من السكان في فقر ويكافحون لإطعام أسرهم، ويخاطرون بفقدان الوصول إلى الإمدادات الغذائية الأساسية، وإنقاذ الرعاية الصحية.

وقال المدير الميداني لشمال غربي سوريا في المنظمة الدولية، أحمد حامد، “تسبب الزلزال والصراع المستمر في حدوث ضائقة وصدمات طويلة الأمد، وزيادة الحاجة إلى الصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي”، مضيفًا، “أظهر اثنان من كل ثلاثة أطفال شملهم الاستطلاع من قبل لجنة الإنقاذ الدولية بعد الزلزال علامات الضيق النفسي، مثل زيادة البكاء والحزن والكوابيس”.

المديرة القطرية للجنة الإنقاذ الدولية في سوريا، تانيا إيفانز، حذرت من توقف وصول المساعدات إلى سوريا قائلة، “تركت هذه المجتمعات المدمرة بالفعل قلقة بشأن المكان الذي ستأتي منه وجبتهم التالية في غياب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من المحتمل أن يزداد الوضع تدهورًا الأسبوع المقبل عندما تنتهي اتفاقية استخدام نقطتي عبور إضافيتين من قبل الأمم المتحدة”.

منذ الزلزال، عبرت نحو 3750 شاحنة محملة بالمساعدات الأممية إلى شمال غربي سوريا، منها حوالي 3000 شاحنة عبر معبر “باب الهوى” المفوض من مجلس الأمن الدولي، وهو ما توقف منذ فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد القرار عبر الحدود الشهر الماضي، ومن المقرر أيضًا أن تنتهي صلاحية المعبرين الإضافيين (الراعي- باب السلامة) في 13 من آب الحالي، حيث سجل دخول 81 شاحنة وفق الاستثناء المعمول به منذ انتهاء التفويض الأممي.

بدورها قالت مديرة منظمة “Care” الإنسانية الدولية في تركيا، شيرين إبراهيم، “سواء في شمال غربي سوريا أو في جنوبي تركيا، فإن الاحتياجات الإنسانية هائلة وستظل كذلك لسنوات”.

وأضافت، “توجد آفة ثلاثية لشعب شمال غربي سوريا”، موضحة “الاحتياجات الإنسانية كانت بالفعل في مستوى قياسي عندما ضرب الزلزال، وأدى فشل مجلس الأمن في إعادة تفويض المساعدات عبر الحدود إلى المنطقة إلى زيادة القلق وعدم اليقين على العائلات التي تعيش هناك، بينما تعاني المنطقة من ندرة المياه، فإن إحدى أسوأ موجات الحر في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت درجات الحرارة 40 درجة مئوية، وتتعرض حياة الناس للخطر مع عدد كبير من الحرائق التي تم الإبلاغ عنها في تموز والتي دمرت المنازل والخيام”.

ومنظمة “Care” هي اتحاد عالمي يتكون من 21 منظمة وطنية تعمل معًا من أجل القضاء على الفقر والظلم الاجتماعي في العالم، بحسب ما تعرف عن نفسها في موقعها الرسمي.

أمل بمستقبل أفضل للباقين

ولدت الطفلة عفراء تحت أنقاض منزل أسرتها الذي دمره الزلزال المميت في سوريا قبل ستة أشهر، وهي تتمتع حاليًا بصحة جيدة وتحب أسرتها التي تربيها وتعتني بها.

وتسبب الزلزال في وفاة والديها وأربعة من أشقائها في بلدة جنديرس شمالي سوريا، وعندما عثر عليها بعد عشر ساعات من الزلزال، كان حبلها السري لا يزال متصلًا بوالدتها.

وجذبت قصتها أنظار العالم حينها، وعرض كثيرون من جميع أنحاء العالم تبنيها، لكن بعد أن أمضت عدة أيام في أحد المستشفيات شمالي سوريا، أخرجت عفراء وسلمت إلى عمتها وزوجها اللذين يربيانها مع بناتهما الخمس وابنيهما.

زوج عمتها المتكفل برعايتها، خليل السوادي، قال لوكالة “أسوشيتد برس”، إنهم يقضون النهار في شقة استأجرها، لكن في الليل تذهب الأسرة إلى خيمة من الخيام لقضاء الليلة، حيث لا يزال أطفاله يعانون من صدمة الزلزال.

قصة عفراء جذبت أنظار العالم وسط المآسي التي خلفها الزلزال المدمر- 6 آب 2023(أسوشيتد برس)

في تقريره الصادر اليوم الأحد، ذكر “الدفاع المدني السوري” في شمال غربي سوريا، أنه بعد ستة أشهر على الزلزال أزال أكثر من 422 ألف متر مكعب من الأنقاض ضمن 133 تجمع سكني، وفتح طرقًا بطول 210 كيلومترًا في 216 تجمع سكني، كما نفذ أكثر من 610 عمليات هدم سقف أو جدار بحجم يتجاوز الـ 26 ألف متر مكعب ضمن 103 تجمعات سكانية لحماية المدنيين من المخاطر الناتجة عن انهيار الأسقف والجدران في المباني المتضررة والمنشآت العامة والمدارس.

وكثّف “الدفاع المدني” (الخوذ البيضاء) خلال هذه الفترة من مشاريع البنية التحتية بمختلف مجالاتها لتوفير بيئة مناسبة للحياة الكريمة للسوريين في شمال غربي سوريا.

ومن هذه المشاريع، مشروع شبكات مياه الشرب والصرف الصحي في تجمعات مخيمات كفر كرمين ـ الكمونة في ريف حلب الغربي الذي يخدم أكثر من سبعة آلاف منزل، ومشروع تجهيز شبكة للصرف الصحي بطول 1650 مترًا على طريق سرمدا- البردقلي شمالي إدلب، توفر خدمة الإصحاح لأكثر من ستة آلاف مدني.

وفي إطار الجهود المشتركة للتحالف العملياتي المشكل في 25 من آذار الماضي، والمكون من “المنتدى السوري”، و”الدفاع المدني”، و”الجمعية الطبية السورية الأمريكية” (سامز)، أطلق أول مشاريعه لإعادة أكثر من 13600 طالبًا وطالبة إلى 23 مدرسة متضررة من خلال مشروع ترميم المدارس الذي بدأ في ستة مدارس في شمال غربي سوريا، لتصبح جاهزة مع بداية العام الدراسي المقبل.

مقالات متعلقة

  1. الأمم المتحدة لعنب بلدي: تعويض متضرري الزلزال بالمأوى يحتاج تمويلًا عاجلًا
  2. أين وصلت استجابة "الإيواء" لمتضرري الزلزال شمالي سوريا؟
  3. ما قبل الزلزال ليس كما بعده.. رائحة الموت عالقة في ذاكرة الناجين
  4. قافلة أممية محدودة تدخل الشمال السوري رابع أيام الزلزال

سوريا

المزيد من سوريا