قطاف أوراق الملوخية.. مصدر رزق لعائلات في إدلب

  • 2023/08/11
  • 12:48 م
سيدة تعمل بقطاف أوراق الملوخية بمدينة إدلب شمال غربي سوريا - 20 من تموز 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

سيدة تعمل بقطاف أوراق الملوخية بمدينة إدلب شمال غربي سوريا - 20 من تموز 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

بوجه يعتريه الإرهاق والتعب ويدين متعبتين خضبتهما أوراق الملوخية بالسواد، تجلس وليدة وسط بناتها للتعاون فيما بينهن على قطاف أوراق الملوخية بعناية لكسب مبالغ بسيطة تساعد في إعالة الأسرة المكونة من ثمانية أفراد.

وقالت وليدة الصالح (50 عامًا)، التي تقيم في سلقين في ريف إدلب، إنها اضطرت للعمل في قطاف أوراق الملوخية بعد إصابة زوجها بمرض “السرطان” وعجزه عن العمل لينتقل عبء إعالة الأسرة عليها وعلى كاهل ابنها الأكبر الذي يعمل حمّالًا (عتالًا) في سوق “الهال”.

وتعتمد عدد من الأسر في إدلب على العمل بالمؤونة لتأمين احتياجاتها، وتشكل هذه الأعمال مصدر دخل رئيس لبعض السيدات اللواتي ينتظرن مواسم المؤونة المختلفة ومنها قطاف أوراق الملوخية.

وأضافت السيدة أن ابنها يشتري الملوخية بالطن لأجل قطاف أوراقها، وتأخذ ما تقدر عائلتها العمل عليه، ويوزع هو الباقي على جاراتها اللواتي يعملن مثلها.

وتصل أجور قطاف الكيلو من أوراق الملوخية ليرتين تركيتين، ويعتمد المبلغ اليومي على مدى السرعة بالعمل ومهارة القطاف وتنظيف الملوخية من الأعواد وما علق بها من شوائب، وتصل الأجور اليومية وسطيًا إلى 100 ليرة تركية.

وتعمل حسناء السيد (52 عامًا) بقطاف أوراق الملوخية، وهي مهجرة تقيم في مدينة إدلب، موضحة أن صناعة المؤونة فرصة عمل جيدة للأسر الفقيرة، وقالت “نستعين بها لمساعدة أبنائنا وأزواجنا على تحمل أعباء الحياة”.

وأشارت السيدة خلال حديثها لعنب بلدي، إلى أن الأسر في إدلب تفضل الأعمال التي يمكن القيام بها في المنزل على الأعمال التي تجبر النساء على الخروج من منازلهن كالعمل بالمشاريع الزراعية وغيرها من الأعمال الشاقة.

وعن صعوبات العمل شكت السيدة من آلام الظهر التي تصيب السيدات جراء الجلسة الطويلة، والحساسية التي تصيب اليدين، لافتة إلى أن الألم يمنع السيدات من النوم أحيانًا.

الوساطة مصدر آخر للرزق

يشكل موسم العمل بقطاف أوراق الملوخية مصدر دخل لبعض الرجال الذين يعملون في الوساطة والنقل بين السيدات والعائلات والتجار أيضًا.

راكان يوسف الزعبي (42 عامًا) يعمل في سوق الهال وسيطًا بين الأسر التي تعمل بقطاف أوراق الملوخية والتجار، وقال لعنب بلدي إنه يتعامل مع عدد من الأسر الفقيرة التي تستغل مواسم المؤونة لكسب الأرزاق ويحضر لهم الخضار.

وأضاف أنه يحرص على التعامل مع الأسر التي تعمل بجد وإتقان وسرعة، لأن أرباحه تعتمد على إنتاج تلك الأسر، لافتًا إلى أنه يتقاضى ربع ليرة تركية عن كل كيلو من أوراق الملوخية المقطوفة.

ويملأ راكان سيارته صباحًا بأوراق الملوخية ويوزعها على الأسر، وفي المساء يستلم الإنتاج ويتأكد من جودة العمل وسلامته ويسلم تلك الأسر أجورها بعد وزن الكمية.

وقال إبراهيم سيفو (36 عامًا) وهو من إدلب يعمل في سوق “الهال”، إنه يتعاون مع عدة أسر في صناعة المؤونة، وإن غالبية التجار لا يتعاملون مع الأسر بشكل مباشر، ويفضلون العمل من خلال وسيط لانشغالهم بتجارتهم.

وأضاف أن فحص جودة الإنتاج وسرعة العمل تقع على عاتق الوسيط وهو من يتحمل تبعاتها.

وبحسب إبراهيم تصل أجور الوسيط اليومية بعد تسليم الأسر أجورها إلى 100 و150 ليرة تركية يوميًا (الدولار يقابل 27 ليرة تركية)، مشيرًا إلى حاجته لقطاف أوراق الملوخية مع أسرته إلى جانب أجور الوساطة.

أعمال شاقة وبطالة

تلجأ بعض النساء، خصوصًا من المقيمات في مخيمات النازحين في أرجاء الشمال، لأعمال تعرف محليًا بأنها من تخصص الرجال، أو نشاط محفوف بالخطر كالبحث بين أكوام القمامة عن البلاستيك، مع انتشار المقذوفات غير المنفجرة من مخلفات الحرب.

وأشار تقرير “WILPF (الرابطة النسائية الدولية للسلام والحرية) حول “النساء في الاقتصاد السوري”، أن ظروف الحرب حمّلت النساء السوريات “مسؤوليات اقتصادية مركبة، مع غياب المعيل التقليدي وتحول قسم كبير منهم إلى الإعاقة الجسدية في معظم الأحيان، خاصة في المناطق الشمالية الغربية الخارجة عن سيطرة النظام”.

وذكر التقرير الصادر في آذار 2021، أن الأوضاع الاقتصادية السيئة، فرضت العمل على النساء بشكل لم يألفه المجتمع السوري التقليدي، بهدف تأمين مستلزمات الحياة في ظل ظروف بالغة القسوة والشدة.

ولا يمنح بعض أصحاب المشاريع ورؤوس الأموال أجورًا جيدة للعمال، مستغلين كثرة الأيدي العاملة في منطقة تعاني من نسبة بطالة عامة تصل إلى 88.48% بشكل وسطي، وفق فريق “منسقو استجابة سوريا” العامل في المنطقة ( مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة).

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع