تشهد أسواق مدينة إدلب شمالي سوريا شحًا في مادة الثوم وارتفاعًا في سعر المتوفر من السلعة، في حين أنها تكون رائجة عادة في مثل هذه الأيام من كل عام.
وتخلت عائلات عن مؤونة الثوم وتخزينه رغم أنه يشكّل مكوّنًا أساسيًا من مكونات المطبخ السوري، ووصل سعر الكيلو الواحد إلى 25 ليرة تركية (نحو دولار أمريكي).
وتراوح سعر كيلو الثوم لهذا العام ببداية موسم جمعه، في أيار الماضي، بين ثلاث وتسع ليرات تركية وفق نوعية وجودة الصنف، وارتفع منذ شهر بشكل مفاجئ ليسجل 15 ليرة للصنف ذي الجودة العادية، وحوالي 25 ليرة للصنف الجيد.
وقال براء المحمد وهو مزارع من مدينة بنش شرقي إدلب، إن انخفاض أسعار الثوم في الموسم الماضي، دفع معظم الفلاحين للعزوف عن التوسع بزراعته هذا العام.
وأضاف براء أن المزارع دائمًا ما يبحث عن المحاصيل التي تحتاج إلى عناية أقل، خاصة مع ارتفاع أسعار الأسمدة وعدم وضوح حركة السوق بالنسبة للمحاصيل الزراعية.
وحصلت عنب بلدي على شهادات من بعض العائلات تفيد بعدم قدرتها على تخزين الثوم، على عكس المعتاد في المواسم الماضية، واقتصر التخزين على كميات قليلة.
وقال عماد محمود وهو مهجر من دمشق يقيم في إدلب، إنه لم يشترِ الثوم مع بداية الموسم رغم أن سعره كان مقبولًا، لأنه يكون أخضر وطريًا، ولا يصلح للتخزين حتى يبدأ بالجفاف، وحين قرر شراء المؤونة تفاجأ بارتفاع السعر من ست إلى 15 ليرة للصنف العادي.
محصول حساس
تتركز زراعة الثوم ضمن إدلب بشكل ملحوظ في مناطق رام حمدان وبنش وزردنا شمال شرقي المحافظة، وبحسب الخبير الزراعي المهندس يحيى تناري، فإن مدة زراعة الثوم تتراوح بين سبعة وثمانية أشهر بحسب جودة التربية وتقديم السقاية والتسميد اللازم.
وقال تناري خلال حديث لعنب بلدي، إن زراعة الثوم تحتاج إلى عناية وأسمدة خاصة، وتختلف بحسب نوع التربة والمحصول السابق المزروع مكانه، لافتًا إلى أنه يفضّل تحليل التربة قبل زراعة الثوم.
وأضاف أن الثوم يعتبر من المحاصيل الحساسة، ويحتاج إلى مراقبة بشكل مستمر، بسبب انتشار الإصابات الحشرية مثل حشرة التربس والذبابة البيضاء والأمراض الفطرية وخاصة البياض الزغبي.
وللثوم الذي يُزرع في محافظة إدلب أنواع عدة، أشهرها البلدي والصيني والمصري، والكردي، وهو أفضل الأنواع الذي يُستخدم في المؤونة، لصلابته ما يساعد في بقائه مدة أطول على حاله.
وتقدّر وزارة الزراعة في حكومة “الإنقاذ” بإدلب المساحة المزروعة بالثوم بـ330 هكتارًا، وقال المدير العام للزراعة، تمام الحمود، لعنب بلدي، إن معدل الإنتاج لهذا الموسم بلغ 5940 طنًا، في حين تقدّر حاجة المنطقة إلى مادة الثوم بحوالي 6655 طنًا.
ويقدّر إنتاج حقل الثوم بمساحة هكتار ما بين 40 و60 طنًا، ويفقد المحصول من 30 إلى 40% من وزنه في حال التخزين، وبذلك فإن كل عشرة أطنان من الثوم تصبح ستة أطنان، وتنقص الكمية كلما طالت مدة التخزين، وفق المزارع براء المحمد.
احتكار وتصدير
وخلال استماع مراسل عنب بلدي إلى شكوى الأهالي، اتضح أن هناك روايتين لتراجع كميات الثوم في السوق وارتفاع سعره.
الأولى تتحدث عن شراء تجار معظم محصول الثوم ووضعه في برادات التخزين لبيعه بأسعار أعلى بعد انقضاء الموسم.
والثانية أن تصدير الثوم هو السبب الرئيس وراء ارتفاع سعره، حيث تتم معالجته عبر طريقة تسمى “ليزرة”، لضمان بقائه على حاله أكبر قدر ممكن.
وتُصدّر مادة الثوم إلى دول الخليج بشكل أساسي وإلى دول عدة أخرى عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، حيث تسمح إدارة المعبر بتصدير محاصيل زراعية عدة من بينها الثوم، وفق ما أكده مدير المكتب الإعلامي للمعبر، مازن علوش.
اقرأ أيضًا: أمطار وسيول سوريا المتأخرة.. مزروعات انتعشت وأخرى تضررت
–