مجانًا ومدفوعة.. الحجامة رائجة في إدلب دون ترخيص

إدلب – شمس الدين مطعون

تعلمت “أم عادل”، وهي مهجرة من ريف دمشق وتقيم في إدلب، إجراء الحجامة منذ خمس سنوات، عبر مركز يقدم خدمات الطب العربي لمعالجة آلام الشقيقة لديها.

قالت السيدة الثلاثينية المعروفة باسم “أم عادل طبية”، إنها أتقنت إجراء الحجامة وتساعد النساء في التخفيف من آلامهن، وتعلمهن طريقة عمل الحجامة ضمن مراكز خاصة بالتدريبات النسوية.

وتنشط مراكز الحجامة بكثرة في مناطق مدينة إدلب دون تراخيص، ولا يقتصر تقديمها على المراكز، إذ يجريها أشخاص في المنازل.

الحجامة عملية علاجية تعتمد على سحب الدم الفاسد والأخلاط الضارة من الجسم، والتي يمكن أن تكون سببًا بأمراض معينة، أو قد تتسبب فيما بعد بأمراض مستقبلية.

مجانًا

أوضحت السيدة لعنب بلدي، أنها عانت لسنوات عدة آلام الشقيقة ولم تنفع معها الأدوية الكيماوية، حتى لجأت إلى أحد مراكز خدمات الطب العربي، وهي مراكز تُعرف بمعالجة الأمراض باستخدام مكونات طبيعية تعتمد على الزيوت والتمر والحجامة كعلاج للتخفيف والوقاية من الأوجاع، وتعالجت وتعلمت.

لا تتقاضى “أم عادل” أي أجور على تعليم الحجامة أو إجرائها للسيدات كما قالت، مضيفة، “أطلب ممن تريد عمل الحجامة أن تأتي بالكؤوس الخاصة والمشرط وأدوات التعقيم أو أن تدفع ثمنها، لكني لا آخذ أجرة على العمل”.

وتُقبل السيدات على الحجامة لاعتقادهن بأنها تسهم في التداوي والعلاج من الدوالي، وأمراض الشيخوخة، والروماتيزم، والسكري، وانتفاخ القلب، وانسداد الشرايين، والشقيقة، والعقم، والضعف الجنسي، وارتفاع ضغط الدم، والسرطان.

وتنتشر الحجامة أيضًا في مراكز غير متخصصة، أو يجريها أشخاص لا يتقاضون أجرًا مقابل ذلك، معتبرين أنها من باب مساعدة الناس.

الستيني محمد قدحنون من مدينة سرمين، يقدم خدمة الحجامة لجيرانه ومعارفه دون مقابل.

محمد قال لعنب بلدي، “كل من يطلب مني ذلك أساعده بها، وأحرص على أن تكون في أيام منتصف الشهر الهجري، وبطقس معتدل”.

ويوصي محمد الأشخاص الذين أجرى لهم الحجامة بعدم ممارسة الجهد لمدة يوم قبل وبعد الحجامة، وبتناول حبات التمر، وعدم إيصال الماء إلى الجروح التي تحدثها العملية لمدة ثلاثة أيام لتجنب التهابها.

نوعان للحجامة.. الثالث بالمغناطيس

“الحجّام” محمد علي، صاحب مركز للطب العربي في إدلب قال لعنب بلدي، إن للحجامة نوعين رئيسين هما الحجامة الجافة والرطبة، موضحًا أن الجافة يستعمل فيها “الحجّام” ما يُعرف بكؤوس الهواء، ويضعها على موضع الألم في جسم المريض دون جرح جلده.

وذكر أنها تفيد في نقل الأخلاط الرديئة من مواضع الألم إلى سطح الجلد، وبذلك يختفي جزء كبير من الألم.

بينما الحجامة الرطبة، فيجرح فيها “الحجّام” الجلد جروحًا خفيفة، ومن ثم يضع الكأس على مكان الجروح ويفرغها من الهواء عن طريق حرق الأكسجين فيها، فيندفع الدم والأخلاط الرديئة من الشعيرات والأوردة الصغيرة إلى سطح الجلد، بسبب التفريغ الذي أحدثه الامتصاص، ولذلك يُعرف هذا النوع بالحجامة الرطبة أو الدامية.

وتُترك الكؤوس حوالي عشر دقائق، ثم تُفرغ مما سحبته من دماء، وتُكرر العملية بحسب الحالة، مرضية كانت أم وقائية.

وأشار محمد علي إلى أنه في كل مرة يجب تبديل الكؤوس، حرصًا على ضمان تعقيمها وعدم انتقال الأمراض.

وتوجد أنواع أخرى كالحجامة المغناطسية، وتُستخدم في علاج عديد من الأمراض والمشكلات الصحية، فهي تعالج المفاصل المتقابلة بكؤوس الهواء اليدوية.

ويوضع كأسان متقابلان أحدهما سالب والآخر موجب، على أن يكون المغناطيس قوي التجاذب، حيث يوضع داخل الكأس ويُثبت على المفصل ما يساعد على تسكين الآلام.

أجور مختلفة.. لا ترخيص للمراكز

تختلف أجور الحجامة بحسب نوعها والمنطقة التي تُجرى بها، وكذلك عدد الكؤوس التي تُستعمل.

وتبدأ تكلفة الحجامة من 100 وحتى 300 ليرة تركية، تبعًا للحالة ونوعية الحجامة، وهي تسعيرة متعارف عليها بين المراكز المتخصصة بعمل الحجامة.

مدير مديرية المستشفيات التابعة لحكومة “الإنقاذ” بإدلب، الطبيب ملهم غازي، قال لعنب بلدي، إنه لا يوجد في الوقت الحالي ترخيص لمراكز الحجامة المنتشرة بالمحافظة.

وأوضح أن عدد المراكز غير معروف وهي تنتشر بكثرة، لافتًا إلى أن الوزارة ستنفذ خلال الفترة المقبلة إجراءات لتنظيم عمل هذه المراكز، وستعمل على ترخيصها مع إقامة دورات تدريبية للعاملين بهذا المجال لتكون وفق الضوابط الصحية.

ماذا يقول الطب

للحجامة جمهورها الواسع، وتعد من الطرق الشعبية المستخدمة للتخفيف من الآلام وتنشيط الدورة الدموية، ووفق تقرير صادر عن موقع “المعهد الوطني للصحة” الأمريكي، المتخصص بنشر المعلومات الطبية، يعد العلاج بالحجامة طريقة قديمة، تُستخدم في علاج مجموعة واسعة من الحالات الطبية، رغم أن آلية عملها لا تزال غير مفهومة بالكامل.

وأشار التقرير إلى أن من الآراء المثيرة للجدل بشأن العلاج بالحجامة أن لها تأثيرًا وهميًا فقط، مشيرًا إلى أن نظرية العلاج الوهمي هذه ستبقى على قيد الحياة لحين اكتشاف آلية موثوقة وصالحة لتفسير طبيعة عملها.

ووفق التقرير، هناك أدلة متقاربة على أن الحجامة يمكن أن تحفز الراحة والاسترخاء على المستوى الجهازي، وأن الزيادة الناتجة في إنتاج المواد الأفيونية الذاتية في الدماغ تؤدي إلى تحسين السيطرة على الألم، وقد يكون الإجراء الرئيس لها تعزيز الدورة الدموية وإزالة السموم والفضلات من الجسم، والوقاية من عدد من الأمراض، كتصلب الشرايين وأمراض القلب والأوعية الدموية.