بعد شهر من رفض مديريات الزراعة في حكومة النظام السوري، استلام محصول الشوندر السكري من المزارعين، لا تزال قضية المحصول الاستراتيجي عالقة بين مرحلة تقطيعه وتجفيفه من قبل شركة سكر “تل سلحب” وبين بيعه علفًا للثروة الحيوانية.
أحدث ما تم في هذا الصدد، هو إقرار استلام الشوندر من المزارعين من قبل شركة “تل سلحب” في ريف حماة، من أجل تقطيعه وتجفيفه وتسديد قيمته وفقًا لعقود مبرمة بينها وبين المزارعين، بحسب ما ذكرته صحيفة “تشرين” الحكومية اليوم، الأربعاء 26 من تموز.
وقال مدير أعلاف حماة، تمام النظامي، للصحيفة، إنه لا توجد ساحات لتجفيف الشوندر قبل عملية بيعه للمربين كأي مادة علفية.
وذكر أنه طلب من المحالج أن تستلمه وتجففه في ساحاتها الواسعة، لكن لا توجد وسائل نقل لشحن الشوندر من شركة “تل سلحب”، لافتًا إلى ضرورة تضافر الجهود من الجميع من أجل إنهاء هذه الأزمة، حسب قوله.
الحكومة ترفض استلام المحصول
في 1 من تموز الحالي، قال مدير شركة سكر “تل سلحب” مدين العلي، إن الشركة اضطرت للإعلان عن مزاد علني لمن يرغب بشراء محصول الشوندر السكري، مقطعًا من أرض الشركة، من أجل تقديمه علفًا للثروة الحيوانية.
وذكر العلي، أن مؤسسة الأعلاف واتحاد الفلاحين ومديريات الزراعة في حكومة النظام، رفضت استلام محصول الشوندر السكري من المزارعين هذا العام.
وأبرمت الشركة العقود مع الفلاحين والتزمت باستلام الإنتاج، لكن مديريات الزراعة في كل من حماة والغاب لم يتابعا تنفيذ خطة زراعة المحصول بما يكفي لعملية التصنيع، وفق العلي.
وأوضح العلي، أن هذه الجهات لم تقدم لمزارعي الشوندر أي شيء من الدعم، لا سماد ولا محروقات، واعتبر أن تسعيرة شراء الكيلو 400 ليرة سورية غير محفزة وغير مشجعة، الأمر الذي لم يجعل زراعة الشوندر ذات أهمية عند المزارعين، حسب قوله.
الكيلو 400 ليرة
في 21 من تموز 2022، وافق رئيس حكومة النظام، حسين عرنوس، على مقترح وزارة الزراعة، رفع سعر شراء محصول الشوندر السكري من المزارعين، لموسم 2022- 2023، إلى 400 ليرة سورية للكيلوغرام، بعد حساب التكلفة النهائية للمنتج بالسعر الرائج.
وأقرت اللجنة الاقتصادية في حكومة النظام، في 28 من آذار الماضي، وأوصت بأن تتسلّم المؤسسة العامة للأعلاف محصول الشوندر هذا العام وأن تدفع ثمنه للمزارعين.
وعزت السبب إلى تراجع زراعة المحصول بمساحات كافية كي تعطي إنتاجًا وفيرًا يسهم في تحريك عجلة دوران معمل سكر “تل سلحب”، ونظرًا إلى قلة وضآلة الإنتاج، ارتأت اللجنة الاقتصادية عدم جدوى تشغيل المعمل.
قبل أسبوع، قال مدير الثروة النباتية في الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، وفيق زروف، إنه خلال هذا الموسم تم الاعتماد بزراعة محصول الشوندر على نظام الزراعة التعاقدية بين معمل سكر “تل سلحب” والمزارعين لزراعة 1392 هكتارًا في مجال عمل الهيئة.
وبلغت المساحة المزروعة 875 هكتارًا، تعرض حوالي 44 هكتارًا منها للضرر بسبب الغمر خلال الشتاء و831 هكتارًا بقيت سليمة، حيث قدر إنتاجها ببين 35 – 40 ألف طن، وفق زروف.
تدهور زراعي
تراجعت زراعة محاصيل استراتيجية في سوريا، بعد أن كانت مصدر دخل للسكان ودعامة للاقتصاد المحلي، وتركت آثارها على المزارعين والاقتصاد خصوصًا في مناطق سيطرة النظام، وعلى نمط حياة الأهالي.
وساهم في تراجعها تردي وسوء الأوضاع الاقتصادية، ونقص دعم الفلاحين من الأسمدة والمحروقات والمياه والمعدات الزراعية.
الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، قال لعنب بلدي في حديث سابق، إن آثار انحسار الزراعات الاستراتيجية في سوريا له أثر سلبي حاد، فالزراعة تعد من أهم الأنشطة الاقتصادية في البلاد، وكانت تسهم بأكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وتستوعب 35% من العاملين.
وأضاف السيد عمر، أن تراجع الزراعة يؤثر على المؤشرات الاقتصادية الكلية والجزئية، وأسهم ذلك في ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتدني مستوى الدخل، والأهم ارتفاع التهديد بالمجاعة وانعدام الأمن الغذائي.
اقرأ أيضًا: محاصيل استراتيجية تتراجع في سوريا.. تنهك الاقتصاد وتهدد الأمن الغذائي