ارتفع سعر صفيحة زيت الزيتون في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، بوزن 16 كيلوغرامًا ليتراوح بين 70 و90 دولارًا أمريكيًا (كل دولار يعادل 27 ليرة تركية).
ارتفاع بالسعر أرهق الأهالي ودفع بهم إلى خلطه مع زيت نباتي، أو الاقتصار على استخدام الأخير لتلبية احتياجاتهم من زيت الطعام.
وارتفع السعر تدريجيًا منذ موسم عصر الزيتون في تشرين الأول 2022، من 40 دولارًا ليصل في أيار الماضي إلى 50 و60 دولارًا، قبل ارتفاعه القياسي الأخير.
تصدير وتأثر بالسوق العالمي
سألت عنب بلدي أكثر من تاجر زيت ومواد غذائية في الشمال السوري حول أرتفاع الأسعار، إذ أرجعوا السبب إلى تصدير الزيت عالي الجودة، وارتفاع أسعاره في سوريا وعلى مستوى العالم.
أسامة الخالد، تاجر مواد غذائية بالجملة، قال لعنب، إنه يبيع الزيت بالكيلو وليس بالصفيحة لأن القدرة الشرائية لدى الأهالي ضعيفة جدًا، مشيرًا إلى أن سعر الكيلو يزيد في حالة البيع بالتجزئة.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي عبر مراسليها في الشمال السوري، فإن كثيرًا من الأهالي يخلطون زيت الزيتون بالزيت النباتي من أجل تحصيل كمية “كافية ومقبولة بطعم معقول”.
وتعد السلعة غالية سواء بالصفيحة أو الكيلو الذي يباع بخمسة ونصف إلى ستة دولارات ونصف الدولار، مقارنة بالوضع المعيشي والاقتصادي للمنطقة، إذ يتقاضى عمال المياومة بمهن مختلفة كالزراعة والإنشاءات بين 40 و70 ليرة تركية.
خلط أو زيت نباتي
حسين الشهاب مهجر من خان شيخون ويقيم بقرية صلوة شمالي إدلب، قال إن عائلته المكونة من خمسة أفراد باتت تستخدم الزيت النباتي بديلًا عن زيت الزيتون في معظم الطبخات والأكلات وحتى في تحضير بعض المؤونة.
وذكر أنه كان يؤمن زيت الزيتون سابقًا من أرضه، لكن بعد نزوحه عام 2019، بات يشتري بـ”التنكة” حتى صار يشتري بالكيلو مع ارتفاع الأسعار، وتحتاج عائلة حسين حوالي أربع “تنكات” سنويًا.
سوريا المحمد، وهي نازحة من ريف إدلب الجنوبي، وتقيم في مخيمات قرب حربنوش شمالي إدلب، قالت إنها تشتري زيت الزيتون بالكيلو وتخلطه مع زيت نباتي، لعدم قدرتها المادية، ومن أجل الحصول على كمية زيت أكبر في حالة الخلط.
وذكرت السيدة، وهي أرملة ولديها ثلاثة أطفال، أنها كانت تشتري “تنكة” زيت الزيتون بـ40 دولارًا وتكفي عائلتها نحو شهرين، لكنها لم تعد تشتر سوى بالكيلو منذ ارتفع السعر تدريجيًا.
ويتحسر محمود الأحمد، وهو نازح يقطن في مخيمات كللي شمالي إدلب على عدم قدرته شراء الزيت لارتفاع سعره، خاصة وأنه كان يملك 400 شجرة زيت زيتون بريف معرة النعمان جنوب إدلب.
محمود قال إنه يستعمل زيت دوار الشمس كبديل، دون شراء زيت زيتون أو حتى محاولة خلطه، لأن العائلة لا تقبل طعمه مخلوطًا.
100 ألف طن.. متأثرًا بإسبانيا
مدير التجارة الخارجية في حكومة “الإنقاذ” بإدلب، عبد الإله ظاظا، قال لعنب بلدي، إن إنتاج مناطق إدلب لعام 2022 كان ما يقارب 100 ألف طن من الزيت.
وأضاف، أن المنطقة تحتاج قرابة 60 ألف طن سنويًا، ما فتح المجال لتصدير الفائض، وذكر أن موسم الزيتون انتهى في شباط الماضي، ورافقه إقبال الناس على شراء حاجتهم، كون الأسعار في الموسم تكون أقل من باقي أشهر السنة، وتبقى أي كميات فائضة عن حاجة الناس معدة للتصدير وترتبط بالسعر العالمي.
وبما يخص ارتفاع السعر، قال ظاظا، إن إسبانيا هي المصدر الأول لزيت الزيتون في العالم، وبذلك تعتبر المتحكمة بالسوق العالمي لهذه المادة.
وتابع ظاظا، أن ظهور إصابة حشرية بالموسم للعام الماضي في إسبانيا بسبب تقلبات المناخ، وانتقال هذه الإصابة لعدة دول مثل فرنسا وإيطاليا، تسبب بخسائر كبيرة وانخفاض بمستوى الإنتاج، ما زاد الطلب وارتفاع أسعار الزيت عالميًا.
وكون باب التصدير مفتوحًا من السوق المحلي بإدلب، فقد ارتفعت أسعار هذه المادة بشكل ملحوظ، فيما لاتزال اقل من السعر العالمي، وفق ظاظا.
ووصلت أسعار زيت الزيتون عالميًا إلى أعلى مستوياتها في موسم المحاصيل 2022- 2023، وارتفعت إلى أكثر من 40٪ في الأسبوع الرابع من آذار الماضي، مقارنة بنفس الفترة من عام 2022، وبلغ سعر كل 100 كيلوغرام من زيت الزيتون البكر الممتاز 519 يوروهات.
ماذا عن باقي المناطق
تشهد الأسواق المحلية في مناطق سيطرة النظام فقدانًا شبه تام لمادة زيت الزيتون، أرجعه عدد من التجار لتصدير المادة.
هذه الحالة سببت ارتفاعًا في الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، إذ وصل متوسط سعر مبيع الليتر الواحد منها إلى نحو 70 ألف ليرة سورية، والصفيحة (16 كيلوجرامًا) إلى حوالي مليون و200 ألف ليرة (86 دولارًا).
ويتراوح سعر صفيحة زيت الزيتون في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا،بين 50 و70 دولارًا أمريكيًا.