نادي “المناظرات” يفتح مساحات للحوار في اعزاز

  • 2023/07/25
  • 8:37 م
تدريبات في نادي "المناظرات" بمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- تموز 2023 (عنب بلدي)

تدريبات في نادي "المناظرات" بمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- تموز 2023 (عنب بلدي)

في محاولة لتشخيص المشكلات المجتمعية التي تعيشها منطقة شمال غربي سوريا، وإيجاد حلول فعالة لها، أطلق مقهى “الدومري” في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، ناديًا مجتمعيًا أطلق عليه اسم نادي “المناظرات”.

ويهدف النادي إلى إعطاء مساحة لحرية الرأي والتعبير، عبر المناظرة والحوار واحترام الرأي الآخر، من خلال توصيف الأفكار وطرحها والدفاع عنها بالحجج والبراهين.

مدير مقهى “الدومري” ومؤسس نادي “المناظرات” المحامي شادي دالاتي قال لعنب بلدي، إن فكرة النادي جاءت بعد انتشار المشكلات المجتمعية بجميع نواحيها، نتيجة عدم وجود مساحة للحوار، ومصادرة الآراء أو عدم احترامها، وهو ما قد يسبب شرخًا بين أفراد المجتمع وخصوصًا بين فئة الشباب.

مهارة المناظرة من أهم المهارات التي ترسخ حرية الرأي والتعبير بحسب دالاتي، وهي من المهارات الهامة لإدارة النقاشات واحترام الرأي والرأي الآخر.

ويفسح النادي المجال للشباب وخصوصًا الجامعيين منهم، للتعبير عن آرائهم والدفاع عنها، مع احترام الرأي الآخر، وفتح باب النقاش والتناظر حول أكثر القضايا الجدلية والمشكلات التي يعيشها المجتمع.

أهمية المبادرة بنظر دالاتي، تنبع من كونها تعطي “مساحة حرة” للتعبير عن الآراء والدفاع عنها بالطرق العلمية وبالحجج والبراهين، والتناظر وجهًا لوجه، مشيرًا إلى أن هذا الأمر لم يعد موجودًا في المجتمع السوري، فأي قضية جدلية يحصل نقاش علني عليها، ومهاترات واتهامات على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي أدى لشروخ مجتمعية واضحة.

تدريب الشباب

اعتبر دالاتي أن فكرة النادي هي الأولى من نوعها شمال غربي سوريا، فهو يهدف في مرحلته الأولى إلى تدريب عدد من الشباب الجامعي على مهارات النقاش والحوار والمناظرة.

بعدها تطرح مشكلات مجتمعية وقضايا جدلية يعيشها المجتمع السوري في الشمال، من خلال إقامة جلسة تناظر، بين فريق مؤيد للفكرة المطروحة وفريق معارض لها، ويتم التبارز والمحاورة فيما بينهما، من خلال تقديم كل فريق للحجج والبراهين التي تؤيد فكرته، مع وجود لجنة للتحكيم.

يحاول دالاتي طرق أفكار جديدة تساهم في إيجاد حلول وصناعة الفرق للمشكلات التي يعاني منها المجتمع، من خلال إقامة جلسات المناظرة بشكل علني وعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي.

مقهى “الدومري”، هو صالون اجتماعي يعنى بالقضايا المجتمعية والثقافية والتنمية التعليمية باعزاز، ويعمل على تعزيز القراءة والحوارات الاجتماعية الهادفة من خلال جلسات حوارية مركزة، إضافة إلى تعزيز الثقافة بين فئات المجتمع، فتجتمع فيه النخب وطلبة المدارس والجامعات من مختلف الاختصاصات، ونادي “المناظرات” كان نتاج هي الجلسات.

وعمل النادي على إطلاق مبادرات مجتمعية سابقة لتنمية قدرات الشباب وزيادة وعيهم السياسي، وجلسات لتمكين المرأة وخصوصًا بالمجال السياسي والقانوني.

طلاب يتناقشون في نادي “المناظرات” بمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- تموز 2023 (عنب بلدي)

تعزيز المهارات وتنظيم الأفكار وتقبل النقد

حضر التدريبات في نادي “المناظرات” عدد من الطلبة الجامعيين في اعزاز، في محاولة تلقي مهارات “الخطابة، الانصات، البحث العلمي”، ليكونوا قادرين على الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها، بمهنية ومدعمة بالحجج والبراهين.

ولهان برجس، طالبة ماجستير بقسم الإرشاد النفسي، اعتبرت أن التدريبات التي تلقتها لها فوائد على الصعيد الشخصي، وقالت لعنب بلدي، إن التدريب عزز لديها “مهارة الحديث والمنافسة أمام الجمهور”، وساعد على تعزيز “الثقة” واكتساب مهارات البحث في علوم عدة خارج مواضيع الدراسة.

وأضافت ولهان أن التدريب يساعد على تنظيم الأفكار وتشجيع العمل الجماعي واحترام اراء الآخرين واحترام النقد، كما ينمي مهارة الحوار والإنصات والتحليل العلمي والمنطقي السليم.

زهور الأكسح، وهي طالبة في كلية القبالة بجامعة “حلب الحرة” ومهجرة من مدينة حمص إلى اعزاز، اعتبرت أن منهجية التدريب كانت واضحة وهي فكرة “فريدة” في الشمال، ويوجد لدى الشباب قدرات كبيرة، قادرة على صنع الفرق في المجتمع، كما أن توسعة الأفق للشباب مفيدة لإدراك ما يجري في محيطهم، وتقييم الأحداث والتفكير المنطقي بإيجاد الحلول للمشكلات التي يعانيها المجتمع.

وتلقى المتدربون عدة مهارات خلال الجلسات التدريبية، منها الذكاء الوجداني، ومهارات التفكير الناقد، الذي يمكن أي شخص من أن يناقش أي قضية وفق مهارة النقد الجيد، ويكون نقاشه مبني على أسس علمية وبراهين، وأيضًا تفنيدات علمية للخصم.

كثرة المشكلات المجتمعية الناتجة عن تردي الأوضاع الاقتصادية، كالغلاء في أسعار الكهرباء والمياه والمواد الغذائية، واختلاف الآراء حول قضايا جدلية مثل مشاركة المرأة السورية في السياسة، وتأثير التيارات الفكرية على الشباب، وانتشار الفرق التطوعية العشوائي، كلها مواضيع طُرحت على طاولة النقاش في خطة نادي “المناظرات” المجتمعي.

طلبة يتناقشون في نادي “المناظرات” بمدينة اعزاز بريف حلب الشمالي- تموز 2023 (عنب بلدي)

تطبيق عملي

خضع للتدريب 20 طالبة وجامعية حول فنون التناظر والأسس النظرية والمهارات العملية، وأطلقت جلسات عملية على التناظر، وكل فريق قدم حججه وبراهينه، مع وجود لجنة تحكيم مختصة في موضوع التناظر، والتي تختار الفريق الذي موقفه وحجته أقوى.

ناصر بلال من بين الذين أجروا جلسات تدريبية وجلسات عملية عبر مناظرات مباشرة، مع وجود لجنة تحكيم مختصة لاختيار من الطرف الذي حجته وموقفه أقوى، اعتبر أن هذه التدريبات تعزز قدرة الفرد على التركيز والنقاش على أساس منطقي.

وقال بلال، في حديث لعنب بلدي، إنه حضر تدريبات فن المناظرة على مدار خمسة أيام، عن مفهوم المناظرة ومنهجية التناظر، والأطر النظرية للتناظر وأهميته وطرق اعداده وفنونه، وبعد اجتياز التدريب، نظَم مقهى “الدومري” مباريات تناظر للمتدربين وفق المنهجية اللي تعرف عليها المتدربين عليها في التدريب.

وأضاف أن المناظرة عززت الثقة بالنفس، وهي أحد أهم الأدوات لاكتساب معارف ومعلومات متنوعة من خلال مهارات التحليل والبحث العلمي، وأنها تقوي المخزون اللغوي والفصاحة والخطابة عند الفرد، وتعزز قدرة الفرد على التركيز والتفكير المنطقي، والنقاش على أساس منهجي، وهو ما يفيد بإيجاد حلول للقضايا الشائكة بالمجتمع من خلال عقد المناظرة.

وعلى المستوى الشخصي قال بلال، إن خوض جلسة مناظرة يجعل الشخص يبحث عن المعلومة، التركيز في النقاش، إضافة إلى اكتساب مهارة الاستماع ومهارات التفكير المنطقي السليم، ومهارة تقديم المعلومة.

فيما وصف مصعب صالح وهو طالب ماجستير ترجمة وتعريب في كلية اللغة الإنجليزية النادي بـ”الاستثنائي” على مستوى مناطق شمال غربي سوريا، وشارك بجلستي تناظر تم عرضهن على وسائل التواصل الاجتماعي.

وتنشط الفعاليات المدنية في مدينة اعزاز لوجود أكثر من خمس جامعات في المدينة، وتضم عشرات الآلاف من الطلبة الجامعيين بمختلف الاختصاصات، إضافة لانتشار الفرق التطوعية ومنظمات المجتمع المدني.

اقرأ أيضًا: افتتاح فعاليات “معرض الكتاب” في مدينة اعزاز شمالي حلب

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع