برر رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، انهيار سعر صرف الليرة السورية، خلال الدورة الاستثنائية لـ”مجلس الشعب” المخصصة لدراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة، اليوم، الاثنين 24 من تموز، مشيرًا إلى التوجهات الحكومية المعتمدة لمواجهة صعوبات سوق الصرف والتمويل.
وقال عرنوس، إنه وراء عدم استقرار سعر الصرف يقف بشكل جوهري، فجوة تمويلية واسعة بين الحاجة للقطع الأجنبي لتلبية احتياجات البلد من حوامل الطاقة، ومن القمح ومن المواد الغذائية والدوائية وكذلك من فاتورة مستلزمات الإنتاج من جهة، وبين الكميات المحدودة المتاحة تحت تصرف مصرف سوريا المركزي من جهة أخرى.
ووفق عرنوس، عقدت اللجنة الاقتصادية في الحكومة خلال الشهر الماضي سلسلة اجتماعات، وخلصت إلى تحديد وتحليل أهم العوامل المتحكمة في سعر الصرف، بين أسباب بنيوية تراكمية من جهة وأسباب طارئة مستجدة وفق التالي:
- أثر العوامل الاقتصادية الضاغطة الناجمة عن تراكم الاختلالات في الاقتصاد السوري لعدة أسباب خارجية وداخلية.
- الأثر الناجم عن العوامل النفسية والإعلامية الخارجية، والتي كان لها دور كبير في المساهمة في إحداث تقلبات مفتعلة في سعر صرف الليرة، بالتوازي مع عمليات المضاربة في الأسواق المحلية والمجاورة، كان من الصعب التعامل معه بأدوات أو إجراءات نقدية مجردة.
- سياسة التمويل بالعجز لتغطية نفقات الحكومة الإدارية، ما انعكس سلبًا عبر تراكم عجوزات الموازنة وارتفاع حجم الدين العام الداخلي إلى مستويات تضخمية قياسية تهدد الاستقرار الاقتصادي ككل.
- شح موارد مصرف سوريا المركزي من القطع الأجنبي نتيجة تراجع الوضع الاقتصادي والمالي للحكومة وتدهور عوائد القطاعات الموردة للقطع الأجنبي كالسياحة والنفط والصناعة والمواسم الاستراتيجية وغيرها، بالتوازي مع ارتفاع تكلفة دعم الاقتصاد عند مستوياته التشغيلية المتدنية.
- الأثر السلبي للطلب الموازي على القطع الأجنبي لتمويل السلع المهربة، حيث أدت المشاكل الاقتصادية إلى اتساع نشاط التهريب عبر الحدود والمنافذ غير الشرعية، ووصلت لمرحلة تهدد العملة، وسط انتشار ظاهرة تهريب السلع المسموحة بالاستيراد تهربًا من إجراءات التمويل عن طريق “المنصة” المخصصة لذلك.
قرارات محورها زيادة القطع الأجنبي
مقابل الأسباب التي ذكرها حسين عرنوس، أشار أثناء حديثه أمام “المجلس” إلى ما وصفه بـ”سلسة من القرارات ومن مشاريع الصكوك التشريعية التي تعطي المزيد من الارتياح لقطاع الأعمال ولتوفير التمويل اللازم لعملية الاستيراد”، وفق أهم الملامح التالية:
- تخصيص القطع الأجنبي المتوفر تحت تصرف مصرف سوريا المركزي لتمويل قائمة المواد الأساسية.
- تحديد قائمة مواد ثانية يتم تمويلها عن طريق شركات الصرافة بمدة تأخير لا تتجاوز 15 يومًا وبهوامش تحرك سعر صرف محددة مسبقًا.
- تمويل بقية قوائم الاستيراد (والتي تشكل الجزء الأكبر من المواد المستوردة) من خلال مصادر التمويل الذاتية لدى المستوردين دون الحاجة للمرور عبر “المنصة”.
- إعادة تشكيل عضوية لجنة المنصة بحيث تقتصر على حاكم مصرف سورية المركزي، وممثلي شركات الصرافة المرخصة أصولًا بشخصياتها الاعتبارية، تماشيًا مع العمل المؤسساتي.
- تحديد مدة عمل لجنة المنصة بعام واحد، وتقوم اللجنة بتقديم تقارير دورية إلى اللجنة الاقتصادية حول آلية عملها مع مقترحات تطوير الأداء بما يضمن حسن سير العمل.
- قامت اللجنة الاقتصادية بمراجعة قوائم الاستيراد واختصار ما يمكن منها، مع الإشارة إلى أن هذه القوائم تضم الحد الأدنى الممكن من متطلبات تلبية احتياجات النشاط الاقتصادي الوطني الاستهلاكي والإنتاجي.
- مخاطبة جميع الوزارات بكتب رسمية مشفوعة بمصفوفات معطيات واضحة نطلب فيها تحديد مصادر توليد القطع الأجنبي في البلد، والآليات المطلوبة لتحقيق ذلك (ولا سيما في قطاعات السياحة، الثروة الجيولوجية والمعدنية، الصناعات الزراعية والغذائية وغيرها).
- دراسة سيناريوهات إدارة ملف الدعم الحكومي.
خسرت الليرة السورية خلال فترة قصيرة تمثلت بنحو أسبوعين جزءًا كبيرًا من قيمتها، في انهيار متسارع، وفي 11 من تموز الحالي، كسر الدولار الأمريكي للمرة الأولى في تاريخ الليرة حاجز عشرة آلاف ليرة، لتبدأ مسيرة التدهور المتسارع.
وبحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص برصد أسعار العملات الأجنبية، سجل سعر مبيع الدولار الأمريكي اليوم، الاثنين 24 من تموز، 12200 ليرة سورية، وسعر شرائه 12050 ليرة.
الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، مناف قومان، قال في وقت سابق لعنب بلدي، إن النظام لا يمتلك ملاءة مالية لضخ النقود في السوق، وأنه اتضح له بعد كل هالسنوات أن ضخ النقود في السوق استنزف الاحتياطي النقدي والحيازات دون جدوى على المدى المتوسط والبعيد.
وفسر قومان، التدهور المتسارع لليرة، بإدراك النظام مرة أخرى أن الدول الحليفة له، لم تعد تدعمه كما في السابق، إذ باتت خطوط الائتمان والمساعدات المالية والمادية شحيحة.
اقرأ أيضًا: صمت رسمي عقب تدهور متسارع لليرة السورية.. ما التفسير والتوقعات