تشتهر وصال بإعداد طبخات “الغمّة” و”الكروش” و”القبوات” و”المقادم” و”النيفا”، وساعدتها شهرتها في إتقان تحضير هذه الأطعمة بكسب مردود مالي وتأمين احتياجات منزلها.
عبر إعداد هذه المأكولات تعيل وصال عبدون (46 عامًا) وهي مهجرة تقيم في مدينة إدلب، أسرتها المكونة من ستة أشخاص بعد وفاة زوجها متأثرًا بمرضه قبل أعوام.
وينشط في مدينة إدلب تحضير المأكولات الشعبية الموروثة خاصة “الغمّة” والاعتماد عليها كمصدر دخل سواء من الرجال أو النساء، بسبب تراجع إعدادها في المنازل وصعوبة تحضيرها وما تلزمه من وقت وجهد.
وتختلف تسمية هذه الأطعمة التي تعتمد على أمعاء الخراف وأجزاء من جسمها من مكان لآخر، وفي مناطق دمشق تسمى “القشة” وفي حماة وحمص “سختورة” ويطلق عليها “الغمّة” في الشمال السوري.
وبالنسبة لبعض السيدات، فهي مهنة تتطلب جهدًا أقل مقارنة بمهن شاقة وخطيرة ومرهقة تمتهنها النساء شمال غربي سوريا، بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
إقبال على الأكل الشعبي
تقبل عائلات كثيرة على طلب هذه الأكلات من وصال، والتي أرجعت السبب إلى صعوبة تحضيرها والمهارات التي تحتاجها هذه الطبخات، و”اشمئزاز” بعض النساء من طهيها، لافتة إلى الإقبال عليها نشط في الصيف رغم اعتبار هذه المأكولات شتوية.
وأضافت السيدة أن هذه الطبخات وخاصة “الكروش” و”الغمّة” كفيلة بحدوث مشكلات زوجية، وهي تسمى طبخة “مطلقة السبع نسوان” في إشارة إلى قلة النساء اللواتي يتقن تحضيرها رغم طلب الرجال لها.
آلاء السيد (37 عامًا)، مهجرة تقيم في مدينة إدلب، قالت لعنب بلدي، إنها تلجأ إلى بعض الأسر التي تعد هذه المأكولات، لأنها لا تجيد تحضيرها.
ثلاث مراحل لطهي “الغمّة”
الخمسينية “أم عمر” تقيم في إدلب، وتعد “الغمّة” في منزلها مع أسرتها المكونة من خمسة أشخاص لتأمين حاجاتهم من مردود هذا العمل.
وقالت لعنب بلدي إن عملية الطبخ تحتاج إلى ثلاث مراحل، الأولى إفراغ الكرش من محتوياته والثانية تنظيفه بشكل جيد بالماء الساخن والثالثة عملية الحشو بالأرز واللحم وأحيانًا الحمّص حسب الطلب.
وعن المرق، قالت “أم عمر” إنه يجب أن توضع التوابل والبهارات بشكل جيد ومتوازن لتعطي المذاق المحبب لدى الأهالي كما يجب أن يبدل الماء في أثناء الطهي باستمرار.
وتصل تكلفة طهو “الغمّة” كاملة مع تنظيفها إلى350 ليرة تركية، بينما تتقاضى السيدة لقاء تنظيفها 100 ليرة تركية، وبسبب كثرة الزبائن توقفت عن استقبال زبائن جدد مؤخرًا، حسب قولها.
وتجاوز سعر صرف الدولار 28 ليرة تركية، وسط تراجع متوصل في قيمة العملة المعتمدة في الشمال السوري.
تواجه السيدة صعوبات بارتفاع أسعار الغاز، إذ تتطلب هذه الأطعمة الكثير منه، لافتة إلى أنها تتوقف عن العمل في حالات انقطاع الغاز، ويبلغ سعر أسطوانة الغاز 12.60 دولارًا أمريكيًا (ما يعادل 343 ليرة تركية).
تنظيف الأحشاء مهنة أيضًا
لا يقتصر الأمر على عملية التحضير، إذ يعد تنظيف هذه الأكلات قبل تحضيرها عملًا يدر دخلًا لبعض العائلات، وتمتهنه الأُسر منذ أعوام.
أحمد ضبيع (28 عامًا) صاحب ملحمة “المنار” في مدينة إدلب ورث مهنة تنظيف “رؤوس الخروف والكروش والكراعين والقبوات” من والده، وتعمل أسرته في هذه المهنة منذ 40 عامًا.
يحب أحمد هذه المهنة رغم أنها صعبة وسمعتها “سيئة” لارتباطها بأحشاء الحيوانات، وقال لعنب بلدي إن الرؤوس و”القبوات” تصل محله مع شروق الشمس حين تنتهي المسالخ من عملية الذبح، ويبدأ في عملية التنظيف التي تحتاج إلى الكثير من المهارة والإتقان، ولها ككل المهن أسرارها الخاصة التي لا يعلمها كثير من الناس.
وأضاف أحمد أن رأس الخروف يلزمه الكثير من السلق بالماء الساخن وتنظيف ونتف بشكل دقيق، ثم يبيعه حسب طلب الزبائن. بعضهم يفضل الرأس مسلوخًا وبعضهم دون سلخ.
في المقابل، تمر “الغمّة” بأكثر من عملية فحص للتأكد من نظافتها 100%، وفق أحمد معتبرًا أن تنظيفه لها أكسبه شهرة واسعة، ويستقبل يوميًا حوالي 35 غمة لتنظيفها.
ويعمل أحمد بالتنظيف فقط دون الطهي، وتبلغ كلفة تنظيف الغمّة كاملة الرأس والكرشة والكراعين 75 ليرة تركية، لافتًا إلى أن هذه الأسعار تختلف في فترة عيد الأضحى بسبب ارتفاع التكاليف والحاجة للمزيد من اليد العاملة.
اقرأ أيضًا: صناعة حلوى العيد.. فرصة عمل لنازحات في إدلب