كُتبت بالصدأ والدم.. أسماء معتقلين سوريين في معرض على الساحل الغربي للولايات المتحدة

  • 2023/07/24
  • 7:28 م
معرض "حقوق الإنسان بعد الهولوكوست" - آب 2023 (جودي مارغلز/ منصور العمري)

معرض "حقوق الإنسان بعد الهولوكوست" - آب 2023 (جودي مارغلز/ منصور العمري)

يعرض متحف “أوريغون اليهودي ومركز تعليم الهولوكوست” قطع قميص حمل أسماء معتقلين سوريين في سجون النظام السوري، على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، على مدار سنتين.

المعرض ينظم تحت عنوان “حقوق الإنسان بعد الهولوكوست”، وهو الأول من نوعه في شمال غرب المحيط الهادئ، ومن القلائل على المستوى الوطني في الولايات المتحدة، الذي يتناول حقوق الإنسان ليس فقط من خلال الصور الأرشيفية والمقابلات مع اللاجئين الجدد من أفغانستان وأوكرانيا وتيغراي ودارفور، ولكن أيضًا من خلال مواد مستعارة من سوريا ورواندا وبنغلادش وكمبوديا والولايات المتحدة.

القميص عاد مجددًا إلى الولايات المتحدة، بعد عرضه في متحفي “محكمة الشعوب” و”تحريك عجلات العدالة” في مدينة لاهاي الهولندية، مقر محكمة العدل الدولية، ومتحف “البحر المتوسط” في العاصمة السويدية، استوكهولم، وقبل ذلك في “معرض سوريا: نرجوكم لا تنسونا” في متحف الهولوكوست بواشنطن، حيث عرض لأكثر من سنتين.

أهمية قطع القميص، التي أعارها صاحبها منصور العمري، للمتحف تأتي من كونها توضيحًا للأهوال التي يتعرض لها المعتقلون السوريون في سجون النظام السوري، وفق ما قاله العمري لعنب بلدي.

أسماء كُتبت بالصدأ والدم

في 2012، كُتبت للعمري حياة جديدة مع الإفراج عنه من قبل النظام السوري، ونجح حينها بتهريب قطع القميص وعليها أسماء 82 معتقلًا أحياء، لطمأنة ذويهم.

كتب منصور العمري ورفاقه أسماء المعتقلين بالصدأ والدم باستخدام عظام الدجاج، ولم تكن هناك وسيلة أخرى لكتابتها ثم تهريبها من سجن تحت الأرض يتبع للنظام السوري على خمس قطع قماشية.

وقال العمري إنه اتصل بعائلاتهم ليخبرهم بمكان اعتقالهم وأنهم على قيد الحياة، ويعرف أن أربعة معتقلين منهم بأمان.

قماش من قميص أحد المعتقلين، كتب عليها منصور العمري ورفاقه بالدماء والصدأ أسماء معتقلين في الزنزانة، وأخرجها العمري معه حين أطلق سراحه (عنب بلدي/ منصور العمري)

المعارض أداة للتعريف بقضية المعتقلين

“المتاحف والمعارض فضاءات للحوار، وتمنح مساحات للحوار بين أفراد الجمهور على تنوعه وتتيح لهم المشاركة الفعالة والمباشرة. تلعب المتاحف دورًا استثنائيًا من خلال طرح القضايا المعاصرة، وتثقيف الزوار واطلاعهم على انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجماعية، باستخدام أدواتها الإبداعية، بما فيها الفيديوهات والصور والموسيقى والشهادات الحية والأدلة على الجرائم، بما يمكنها التأثير بشكل مباشر على الجمهور وتسهم في تشكيل الرأي العام وتعزيزه”.

هذا ما عبرت عنه مديرة متحف “أوريغون اليهودي ومركز تعليم الهولوكوست”، جودي مارغلز، في وصفها لافتتاح المعرض، “كان من المدهش مشاهدة الزوار وهم يقرؤون ويستمعون ويستوعبون، وينظرون إلى قطع القميص ويطرحون الأسئلة، وأحيانًا يذرفون الدموع. قطع القميص هي نجمة هذا المعرض، وأنا ممتنة حقًا لثقتكم بالمتحف”.

بحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، اعتقل ما لا يقل عن ألف و47 شخصًا في سوريا خلال النصف الأول من 2023، على يد مختلف أطراف النزاع في سوريا، منها 501 معتقل على يد قوات النظام السوري، فيما يبلغ العدد الكلي 155 ألفًا و243 شخصًا، منذ 2011، منهم 135 ألفًا و481 معتقلًا لدى النظام.

وفق ما قاله العمري لعنب بلدي، فإن المعرض فرصة لتسليط الضوء على قضية المعتقلين والتعذيب في سوريا، ويسهم في عرض الحقائق لشرائح مختلفة من المجتمع، بمن فيهم طلبة المدارس والجامعات، والأكاديميين، والإعلام، والسياسيين.

وأيضًا، يوضح المعرض الأهوال التي يتعرض لها المعتقلون والسوريون عمومًا، والتي تدفعهم للفرار من البلاد وطلب النجاة والأمان في بلاد أخرى كلاجئين.

كما أن استمرار عرض الأدلة على جرائم الأسد بحق السوريين، ومشاهدتها من قبل الجمهور بمختلف أطيافه وتخصصاته، يمنع نسيان أو تناسي هذه الجرائم ويعرقل تلاشي صورة نظام الأسد كمرتكب لأفظع الجرائم في هذا القرن.

يأتي عرض القطع القماشية في ظرف حساس يمر به ملف المعتقلين السوريين، عقب التقارب العربي الأخير مع النظام السوري، ما يجعل هامش تحرك ذوي المعتقلين ضيقًا لحل هذه القضية.

وبقدر ما تلعب المتاحف والمعارض دورًا في الثقافة والتاريخ، لكنها في حالة عرض القطع القماشية تؤدي دورًا مختلفًا واستثنائيًا عبر طرح القضايا المعاصرة.

العمري قال لعنب بلدي، إن المتاحف والمعارض التي تتيح لزوارها التواصل المباشر مع الثقافة، تطلعهم كذلك على انتهاكات حقوق الإنسان والفظائع الجماعية، باستخدام أدواتها الإبداعية، بما في ذلك التسجيلات المصورة والصور والموسيقا والشهادات الحية والأدلة على الجرائم.

ويعرض بالتزامن مع القطع القماشية شهادة العمري عن التعذيب في سجون الأسد، وحكاية القطع وأوضاع المعتقلين.

المعرض الثاني بعد “نرجوكم لا تنسونا”

في 2017، استعار أيضًا متحف “الهولوكوست” في واشنطن القميص من العمري وعرضه للمواطنين الأمريكيين، وزارته حينها المرشحة لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات، نيكي هيلي، التي شغلت منصب المبعوثة الأمريكية لواشنطن في الأمم المتحدة حينها.

كما عرض المتحف هاتفًا محمولًا وجهاز “USB” استخدمهما الضابط المعروف باسم “قيصر” لتسريب 55 ألف صورة لضحايا التعذيب في الفرع “215”، التابع لـ”الأمن العسكري”.

جمعت نيكي هيلي حينها أعضاء مجلس الأمن وزارت المعرض برفقتهم، قبل أن تخاطب مجلس الأمن بقولها إن الجميع شاهدوا أدلة لا يمكن نكرانها على فظائع الأسد وانتهاكات حقوق الإنسان، ولا يمكن أن تنسى واشنطن السوريين ولا ينبغي لها ذلك.

قبل خروجه من المعتقل في 2012، تحلّق المعتقلون حول العمري لوداعه وهم يقولون “نرجوك لا تنسانا”، وحملت هذه العبارة عنوان ذلك المعرض، قال العمري.

المبعوثة الأمريكية السابقة لواشنطن في الأمم المتحدة تزور معرض “سوريا.. نرجوكم لا تنسونا” في متحف “الهولوكوست” (متحف الهولوكوست)

وفي 29 من حزيران الماضي، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة مشروع قرار بإنشاء مؤسسة دولية لتوضيح مصير المفقودين في سوريا.

وجاء في التقرير، أن الجمعية وافقت على إنشاء مؤسسة دولية جديدة لتوضيح مصير المفقودين وأماكن وجودهم في سوريا، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين.

وحظي مشروع القرار بتأييد 83 دولة، بينما صوتت 11 دولة ضده، وامتنعت 62 دولة عن التصويت.

ومن بين الدول العربية، صوّتت قطر والكويت لمصلحة المشروع، بينما امتنعت كل من السعودية والإمارات والبحرين وعمان ومصر والأردن والمغرب ولبنان وتونس واليمن عن التصويت.

وشارك في صياغة مشروع القرار كل من لكسمبورغ وألبانيا وبلجيكا والرأس الأخضر وجمهورية الدومينيكان ومقدونيا.

مقالات متعلقة

معتقلون وسجون

المزيد من معتقلون وسجون