الكتابة للصورة

tag icon ع ع ع

علي عيد

يختلط على الصحفيين وهم ينتجون مواد تعتمد على الصورة، هل نكتب ثم نركب الصور أم نرى ما لدينا من صور وفيديوهات ثم نكتب لها ما يناسب من كلمات.

ونحن نعود إلى مقولة “الصورة تساوي ألف كلمة”، يستحسن أيضًا أن نعود إلى فلسفة أخرى تتحدث عن أهمية اللغة، ولعل العرب أكثر من يقدر معنى اللغة، لأنها معجزتهم التي نطق بها القرآن، كما علقوها شعرًا على أستار الكعبة وفتحوا أسواقًا للخطابة والبلاغة.

وما زالت الكلمة دليل الصورة والصورة دليل الكلمة، وهو تمامًا ما يمكن أن يشكّل مدخلًا لفهم كيفية تعاطي الإعلامي وهو ينتج مادته الصحفية.

الكلمة والصورة يحملان نفس القدر من الأهمية والدلالة والإدهاش، وهما عاملان مهمّان في المحتوى والصياغة.

لولا أهمية الصورة لما انتزع التلفزيون الصدارة منذ ظهوره في ثلاثينيات القرن الماضي، ولولا أهمية الكلمة لما استطاع أحد فك لغز حجر الرشيد الذي كشف عن أسرار الحضارة المصرية القديمة.

إذًا، كيف يمكن لنا كصحفيين أن نكتب للصورة، أو نصنع فيلمًا أو تقريرًا مصورًا لنص مكتوب؟ يعتمد الأمر أساسًا على ما نملك من معطيات، وحسب النمط الإعلامي.

ماذا نفعل إذًا؟ لو كان الحدث متعلقًا بكارثة بركان طبيعي، ونريد أن ننتج مادة صحفية، سيختلف الأمر إذا قررنا أن ننتج تقريرًا مصورًا، أو إذا كنا ننتج مادة وثائقية مصورة، أو “سلايد إنفو” أو “فيديو إنفو” أو مادة مكتوبة لموقع إلكتروني أو صحيفة مطبوعة.

ولو افترضنا أننا ننتج تقريرًا تلفزيونيًا مصورًا، وقد حصلنا على صور وفيديوهات عبر مراسل الوسيلة الإعلامية في عين المكان، فما المطلوب:

– تحديد الموضوع: هنا نحن أمام كارثة طبيعية، والخيار المسبق هو تقديم أقصى ما يمكن من معلومات مفيدة ضمن تقرير مصور.

– جمع “الرشز” (Rashez) والمعلومات:

نضع مجموع ما لدينا من مواد مصورة للحدث، ثم نجمع ما أمكن من معلومات من عين الحدث، سواء شهادات شهود العيان من السكان أو الأشخاص الذين شهدوا الحدث، وكذلك رجال الإنقاذ والعلماء، وبيانات الجهات المتخصصة، الطبية والعلمية والرسمية السياسية والأمنية.

إلى الكتابة:

عندما تكون لدينا صور كافية ومعلومات تغطي حدثًا مهمًا، مهما كان نوعه، فعلينا أن نحلل هذه الصور والمعطيات، ثم نرتبها لنخرج بقصة مناسبة.

ومن النصائح الأساسية بالكتابة للصورة في هذا النوع:

الصورة يجب أن تحتل 80% من المساحة الزمنية للتقرير.

دع الصورة تتكلم، ثم قدم عبر النص المكتوب ما يساعد على الربط أو تفسير عناصر أساسية لم تستطع الصورة نقلها، مثال ذلك، تقديم معلومات حول مكان ولحظة وقوع البركان، وعدد الضحايا والظروف المحيطة، إذ يمكن أن تجيب صور الحمم واللهب والرماد المنبعث من البركان، أو صور الأشجار المحترقة وحتى الجثث، إن وجدت، عن السؤال “ماذا” حدث، وجزء من سؤال “من” على اعتبار أن المتسبب هنا هي الطبيعة بالضرورة، لكن “من” هم الضحايا، جنسهم، أعمارهم، وعددهم، فهذا من مهمة الصحفي حين يكتب النص مستعينًا بما يتوفر من معلومات من مصادر موثوقة.

الطبيعة تتكلم بلغة مختلفة عن البشر، وهي لا تعطي إحصائيات أو تفيد بمعلومات عن الجغرافيا والمساحة ونوع الضحايا، والآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية الحالية والمستقبلية المحتملة، وكل ذلك يعني أن على الصحفي أن يضمن تقريره إجابات عن أسئلة مهمة هي “متى” وقع البركان، و”أين” وقع، و”لماذا” تسبب بهذه الأضرار، و”كيف” تسبب بالكارثة.

بعض النصائح:

● ابدأ تقريرك بصوت وصورة من الحدث لبضع ثوانٍ.

● ابدأ نصك المكتوب بمعلومات خبرية لا تتجاوز مدة قراءتها نصف دقيقة (من 50 إلى 70 كلمة).

● استخدم الجمل القصيرة والمعبرة (البلاغة بالإيجاز).

● استخدم لغة بسيطة ومباشرة (اكتب كما تتحدث).

● لا تكرر.

● لا بأس بالاقتباس البليغ أو العبارات ذات التأثير الوجداني التي تلفت الانتباه (قول شهير، أو جزء من آية قرآنية).

● لا مكان لرأيك في التقرير، فالشهود سيقومون بالواجب.

● لا تصف الصور ولا تفسرها، بل قدم معلومة إضافية كانت تنقصها.

●  قسّم التقرير إلى ثلاثة أو أربعة “تركات” أو أجزاء حسب الوقت ومدة التقرير.

●  الوقت، الوقت، الوقت، فأنت صحفي تلفزيوني، أمامك فرصة بزمن محدد فلا تقل ما لا يفيد، وقدم للجمهور جرعة مركّزة وافية.

● اترك الصورة مع الصوت الطبيعي تتنفس بين المقاطع (دع الطبيعة تتكلم).

● لا تستخدم صور الأرشيف أقصى ما يمكن.

● استخدم “الإنفوغراف” لتوضيح الأرقام والحقائق لا لملء الوقت.

● لا تبالغ في استخدام مداخلات الشهود، شاهدان أو ثلاثة بما لا يتجاوز 15 إلى 20 ثانية في كل مرة، مع التنويع (نساء، رجل إطفاء، شاهد، مسؤول).

● لا تنسَ أنك في النهاية صحفي يلتزم بالمعايير المهنية والأخلاقية، فلا تظهر صور الضحايا بشكل غير لائق، ولا تبالغ أو تحرف.

● بعد أن تنتهي من كتابة النص، أعد القراءة، وعند انتهاء المونتاج، أعد المشاهدة (ضع نفسك مكان المشاهد، هل حصلت على ما تريد؟).

ماذا لو أننا ننتج تقريرًا تلفزيونيًا لحدث لا نملك له صورًا؟ تلك قصة أخرى للعلاقة بين الصورة والنص.. وللحديث بقية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة