كيف يؤثر الطقس الحار على أجسامنا

  • 2023/07/23
  • 11:54 ص
الطقس الحار

د. أكرم خولاني

يشكو الناس في معظم دول العالم من موجة حر غير مسبوقة في هذه الأيام، وتشير بعض مراكز الأرصاد الجوية إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار ست درجات مئوية فوق معدلاتها بمثل هذه الفترة من السنة في كل بلدان العالم، وهذا يتسبب بعديد من المشكلات الاقتصادية، على رأسها الحرائق التي تشتعل في الغابات والحراج والأراضي الزراعية، وتؤدي إلى تلف المحاصيل وتضرر الغطاء النباتي، كما أن ارتفاع درجات حرارة الجو قد يعرض الأطعمة للفساد، سواء المحضرة في المنازل أو المطاعم أو الأغذية التي يتم نقلها وتوصيلها، كذلك يمكن أن يؤدي التعرض المفرط للحر الشديد إلى آثار صحية سلبية على جسم الإنسان قد تصل حتى الوفاة.

ما تأثير الحر الشديد على جسم الإنسان

عندما تكون درجة حرارة الجلد أعلى من درجة حرارة الجو حول الجسم، فإن بإمكان الجسم أن يخرج بعض الحرارة إلى البيئة المحيطة به، وهو ما يُعرف بـ”الفقدان الجاف للحرارة”.

ولكن عند ارتفاع درجة حرارة الجو في الظل إلى 32 درجة مئوية أو أكثر يعتبر الجو حارًا، ويتفاعل الجسم مع ذلك بفقدان الشهية للطعام، لأنه لم يعد بحاجة إلى سعرات حرارية كثيرة، وبضخ كميات أكبر من الدم إلى سطح الجلد حتى يتم طرد حرارة الجسم الداخلية إلى السطح، وهو ما يؤدي إلى حدوث التعرق، ومع تبخر ذلك العرق، تبدأ حرارة الجسم بالانخفاض مرة أخرى، ولرطوبة الجو دور مهم في تحديد كمية التعرق التي يفرزها الجسم، فإذا ما كانت معدلات الرطوبة مرتفعة في الجو، تكون قدرة الجسم على التعرق ضعيفة، وهو ما يجعل الشخص يشعر بالضجر والضيق، أما إذا كان الجو حارًا وجافًا فيمكن للتعرق أن يكون عاملًا مساعدًا على تخفيض حرارة الجسم.

إلا أن التعرض المباشر لحرارة الشمس المرتفعة لفترة طويلة، أو البقاء في جو مرتفع الحرارة لأكثر من 40 درجة مئوية مع رطوبة عالية، قد يؤدي إلى فشل آلية تنظيم الحرارة في الجسم، فيتوقف تدفق الدم إلى الجلد، وهذا يؤدي إلى الشعور بالبرودة وإلى عدم إفراز العرق الذي يبرد الجسم، وبالتالي ارتفاع درجة حرارة الجسم بسرعة، والإصابة بـ”ضربة الشمس”، فإذا ما ارتفعت درجة حرارة الجسم ووصلت إلى 39-40 درجة مئوية، فإن الدماغ يرسل إشارات إلى العضلات حتى تبطئ من حركتها، وهو ما يجعل المرء يبدأ بالشعور بالإعياء، وإذا وصلت درجة حرارة الجسم إلى 40-41 درجة مئوية فإنه يصاب بالإعياء الحراري، وإذا ما تجاوزت الـ41 درجة يبدأ تأثر العمليات الكيماوية داخل الجسم، وتبدأ الخلايا بالتدهور، وهذا يؤدي إلى فشل في عمل الأجهزة الحيوية كالقلب والرئتين والكبد والكليتين والعضلات والدماغ، وقد تحدث الوفاة في حال عدم العلاج.

ما أعراض وعلامات الإصابة بـ”ضربة الشمس”

قد تتطور الأعراض خلال ساعات، فيلاحَظ عند المصاب ارتفاع حاد بدرجة حرارة جسمه (40 درجة مئوية أو أعلى)، وعدم تعرق، فيكون الجلد حارًا وجافًا عند لمسه ومائلًا للاحمرار (في ضربة الشمس الناجمة عن ممارسة التمارين الرياضية الشاقة في الجو الحار قد يكون الجلد رطبًا)، مع صداع، ودوار، وغثيان، وإقياء، وزيادة سرعة التنفس، وتسارع ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم في البداية ثم انخفاضه في المراحل المتقدمة، وعندها يحدث إعياء شديد، وهلوسة، وصعوبة الكلام، وعدم فهم ما يقوله الآخرون، وأخيرًا قد يحدث إغماء وتضيق حدقات العينين وتشنج العضلات، وقد تؤدي الحالات الخطيرة وغير المعالَجة إلى الوفاة.

وعادة ما تتطور الحالة وفق التسلسل المذكور، إلا أنه من الممكن أن تبدأ الإصابة بسقوط مفاجئ مع فقدان للوعي وسرعة وعمق في التنفس، بالإضافة إلى بقية الأعراض التي ذكرناها.

في حال إحساس الشخص بأعراض تشير إلى احتمال الإصابة بـ”ضربة شمس”، يجب اتخاذ تدابير فورية، كالذهاب إلى مكان مكيف أو مظلل، ورش الجسم بالماء البارد، وشرب السوائل غير السكرية أو الحاوية على الكحول أو الكافيين، مع الانتباه إلى تجنب السوائل الشديدة البرودة، وبهذا يمكن منع تطور الحالة.

ما العوامل التي تزيد من خطورة تأثير الحر الشديد

يمكن للتعرض المفرط للجو الحار أن يؤثر على الجسم سلبًا، ويزداد حدوث هذا التأثير في الحالات التالية:

· طرفا العمر، كبار السن أو صغار السن جدًا.

· بعض الظروف المعيشية، كسوء التهوية في المنزل، وارتفاع الرطوبة، والعمل في أجواء حارة ومغلقة.

· بذل الجهد في الطقس الحار، كالعمل الشاق أو ممارسة كرة القدم أو أي رياضة لساعات طويلة.

· بعض التصرفات الخاطئة، كالتعرض المفاجئ للطقس الحار، ووضع الزيوت والمواد الحافظة على الجلد ما يمنع التعرق، ولبس الملابس الضيقة وغير الصحية.

· بعض الظروف الصحية، كالبدانة، ومرض القلب، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض الجلد والكلى والكبد، واستخدام بعض الأدوية مثل مدرات البول وحبوب الحساسية (مضادات الهيستامين) والمهدئات ومضادات الاكتئاب والمنشطات كالأمفيتامين والكوكائين.

كيف يمكن الوقاية من تأثير الحر على الجسم

بشكل عام، للوقاية من تأثير الحر الشديد على الجسم ينصح بما يلي:

تجنب التعرض، وخاصة من قبل الأطفال، لأشعة الشمس لفترات طويلة ومتواصلة، والبقاء قدر الإمكان في الأماكن المظللة وجيدة التهوية.

الحرص والاهتمام بشرب السوائل بمختلف أنواعها، ويفضّل المياه والعصائر الطازجة والفواكه والخضار والمثلجات بأنواعها لتبريد الجسم.

ارتداء ملابس فضفاضة فاتحة اللون تعكس أشعة الشمس.

ارتداء القبعات عريضة الحواف التي تقلل من تأثير أشعة الشمس على الرأس.

استخدام واقٍ شمسي إن أمكن.

تخفيف الملابس للأطفال عند الخروج إلى الأماكن غير المكيفة، وتغطية الجسم في الأماكن الباردة حتى لا يتعرضوا لانخفاض مفاجئ لحرارة الجسم.

الحرص على عدم ترك الطفل داخل السيارة لوحده حتى لا يتعرض للضرر الذي قد يؤدي إلى الوفاة نتيجة احتباس الهواء الساخن داخلها.

تجنب ممارسة الأنشطة الرياضية في الطقس الحار، وإنما ممارسة التمارين في الصباح الباكر أو في المساء، مع الحفاظ على شرب كمية كافية من السوائل (مياه أو أي مشروب آخر) قبل التمرين بساعتين، وشرب كمية قبل التمارين مباشرة، وكذلك في أثناء التمرين يجب شرب كميات من المياه كل 20 دقيقة حتى لو لم تشعر بالعطش.

مقالات متعلقة

صحة وتغذية

المزيد من صحة وتغذية