يبتعد المواطنون في سوريا عن شراء الحفاظات والفوط المصنعة محليًا، لحساب المستوردة من الخارج، في محاولة للتوفير وسط الضائقة المادية المتواصلة التي يعانون منها.
ونشأت مع ظروف الحياة المتغيرة التي عاشها الشعب السوري، على مدار العقد الماضي، أساليب جديدة تعمل على توفير النفقات، بما يلامس الاحتياجات الأساسية مثل حفاظات الأطفال أو الفوط النسائية، بعدما تدهور الوضع الاقتصادي في جميع مناطق سوريا، وأصبحت معظم العائلات تحت خط الفقر.
1500 ليرة دعم الحكومة للطفل
في مدينة درعا جنوبي سوريا، تنتشر بعض المحال المخصصة لبيع الحفاظات الفرط والمغلفة الجاهزة للصغار والكبار في السن والفوط النسائية.
وبحسب رصد مراسل عنب بلدي في هذه المحال، فإن أغلبية الحفاظات الفرط تستورد من الأردن والسعودية، ويبلغ ثمن عالي الجودة منها 40 ألف ليرة سورية للكيلوغرام.
كما توجد أنواع مغلفة ذات صناعة سورية من معامل عدرا الصناعية مثل حفاظات “نيستا”، ويبلغ ثمن الكيس 36 ألف ليرة، ونوعية “ليبرو” بسعر 46 ألف ليرة.
تستخدم فادية الخليلي حفاظات فرط لطفلها البالغ ثلاثة أشهر، وحول اختلاف جودتها مع الأنواع المغلفة قالت لعنب بلدي، “لا يوجد اختلاف كبير بين كيس الحفاظات المغلف أو الفرط، فهناك فرط قطني سعودي الصنع يلائم طفلي ولا أشتري بكميات كبيرة بل أشتري ما يلزمه كل 15 يومًا”.
وأشارت فادية إلى الفارق أيضًا بين الكمية والسعر بين الحفاظات المغلفة أو الفرط، وهو ما يزيد من رغبتها بشراء الفرط.
أما لبنى المحاميد، فعبرت عن رفضها عن شراء الحفاظات الفرط، معللة ذلك بخوفها على طفلها الذي يبلغ من العمر خمسة أشهر.
وأوضحت لبنى أنها لا ترغب باستعمال الحفاظات الفرط لأنها لا تعلم مدى نظافتها أو تعقيمها، وما يزيد مخاوفها أنها غير مغلفة من الخارج، ما يعني احتمال تعرضها للغبار والأوساخ.
ومن أنواع الحفاظات الأكثر استخدامًا من قبل لبنى “ماما نور” و”لينيس” ذوات الصناعة المحلية، ويبلغ سعر كل كيس منها نحو 36 ألف ليرة.
دعاء الحسين إحدى البائعات لحفاظات الأطفال الفرط، قالت لعنب بلدي، إن بيع حفاظات الأطفال الفرط “لا يتوقف”، كما تباع أيضا الفوط النسائية، والإقبال عليها “أكبر من سابقتها لمعرفتهن بجودتها أكثر من الحفاظات”.
ويبلغ سعر 100 فوطة نسائية نحو 24 ألف ليرة، وهي صناعة أردنية ولا تحمل مصدر الصنع أو اسم ماركة محددة، أما المغلف فكل كيس فيه سبعة فوط يبلغ سعرها نحو 14 ألف ليرة، وفق دعاء.
وازدهرت تجارة الحفاظات الفرط في مناطق نفوذ النظام السوري عمومًا، وأصبح هناك صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا لبيع مثل هذه المنتجات.
الصيدلانية هناء الرفاعي بمدينة درعا قالت، لعنب بلدي، إن معظم مخاوف العائلات من المخاطر الناجمة عن حفاظات الأطفال الفرط جاءت نتيجة أنها لا تخضع للرقابة الصحية.
وحذرت هناء من أمراض عديدة يمكن أن يصاب بها من يستخدم نوعيات من الفوط أو الحفاظات التجارية، ويمكن أن تسبب التحسس لدى الأطفال، لكن هناك عائلات تلجأ لشرائها بسبب ضعف دخلها المادي وارتفاع ثمن الحفاظات الصحية.
وتقدم حكومة النظام السوري للموظفين 1500 ليرة تعويضًا عن الطفل الأول وألف ليرة عن الثاني تصل الحفي عائلة الموظف، وتقل مع الثالث إلى 750 ليرة، وتنعدم مع الرابع.
أوروبي وتركي في الشمال الغربي
في شمال غربي سوريا، تنتشر الحفاظات الفرط بعدة أنواع حسب الجودة، كما افتتحت ورش خاصة لفرز وصيانة الأنواع الأقل جودة، ويعتبر المصدر الأساسي للحفاظات من تركيا وأوروبا.
عدنان القالش تاجر و بائع حفاظات فرط في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، تصل الحفاظات إلينا بوزن 200 كيلوغرام وبشكل مضغوط (دوغما)، حيث تحوي كمية “هائلة” من الحفاظات مختلفة المقاسات والجودة، لترسل إلى الورش الخاصة التي تفرزها حسب الجودة إلى ثلاثة أنواع وبأكياس بوزن خمسة كيلوغرام.
يبلغ سعر الكيس من النوع الأفضل من حيث الجودة 12 دولارًا (2.8 دولار للكيلو نحو 30 ألف ليرة)، والنوع الثاني بعشرة دولارات، والثالث بعد التصليح في الورشات يباع بثمانية دولارات للكيس.
ويتحكم حاليًا باستيراد الحفاظات الفرط من تركيا، نحو خمسة تجار توزعوا في استيراد صنف معين، وفق التاجر عدنان.
وتعتمد الأسر الأشد فقرًا على الحفاظات المغلفة التي تقدم مع المساعدات الغذائية، لكنها ذات جودة سيئة بحسب رصد عنب بلدي.
حاتم مسلماني، من سكان مدينة إدلب، أب لطفلين، قال لعنب بلدي، إن الحفاظات الفرط ذات النوعية الجيدة توفر من استخدام نوعيات أقل جودة تضطر بعدها لاستخدام المنظفات للأطفال وأدوية الحساسية.
ويحتاج حاتم لصرف نحو 30 دولارًا كنفقات للحفاظات بشكل شهري، وذلك مع ارتفاع الأسعار في الشمال السوري، ويجد الأهالي صعوبة في تأمينها، على الرغم من أنها تعتبر من ضرورات الرعاية الصحية للأطفال.
شراء بالقطعة
تعد حفاظات الأطفال والفوط النسائية حاجة ملحة للاستخدامات اليومية، ويرتبط سعرها بسعر صرف الدولار، في حين أصبح بعض السكان في شمال شرقي سوريا يلجئون لشرائها من البائع بالقطعة أو بالكيلو لتلبية احتياجاتهم.
صالحة محمد، من مدينة القامشلي قالت لعنب بلدي، “منذ أكثر من عامين وأنا اشتري لأطفالي الحفاظات بالكيلو، فسعرها أرخص وتوفر أكثر من نظيرتها المعلبة”. صالحة أم لطفلين، وزوجها من أصحاب الدخل المحدود كونه يعمل باليومية على بسطة خضار.
ويبدأ سعر الكيلوغرام الواحد لحفاظات الأطفال الفرط ذات الجودة الجيدة عند 35 ألف ليرة سورية، ويرتفع حسب سعر الصرف كونها مستوردة، بحسب محمد غالب، وهو صاحب محل لبيع الحفاظات بمدينة القامشلي، بينما يصل سعر كيلو الفوط النسائية إلى 20 ألف ليرة، وتختلف الأسعار حسب نوعيتها وجودتها.
وأوضح محمد أن بائعي الجملة في المنطقة يستوردون الحفاظات الفرط الأجنبية من كردستان العراق، وبشكل أقل لأصناف محلية الصنع من حلب، مشيرًا إلى أن الزبائن يفضلون المستورد فهم يجدون جودتها أفضل.
وأضاف صاحب المحل أن الزبائن أصبحوا يشترون بالقطعة أو بكميات تقل عن الكيلوغرام بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وضعف القوة الشرائية.
وترى الشابة نهى الراوي أن شرائها للفوط النسائية غير المعلبة أفضل من حيث التوفير وبنفس الجودة، قائلة إن ثمن العلبة المغلفة يتجاوز عشرة آلاف ليرة، ولا يتجاوز عددها ست قطع، بينما تشتري أكثر من 15 قطعة بعشرة آلاف ليرة من الفوط التي تباع بالكيلوغرام.