ارتفاع إيجارات المنازل يرهق الفقراء ومتوسطي الدخل بالقامشلي
الحسكة – مجد السالم
تسبب ارتفاع الإيجارات الشهرية للمنازل في مدينة القامشلي والحسكة شمال شرقي سوريا بأعباء كبيرة على الأهالي، وباتت الأسعار فوق قدرة كثير من الناس على تحمّلها، ما يزيد في صعوبات المعيشة على عديد من العائلات، وسط تحديات تأمين سكن لائق.
ضعف الرقابة على ارتفاع الإيجارات يعزز من هذه المشكلة، فالعروض والطلبات على السكن لا تخضع لتنظيم واضح، ما يتيح لأصحاب العقارات فرض أسعار مرتفعة دون مراعاة الظروف الاقتصادية للمواطنين، ويؤثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة من المجتمع بشكل خاص.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي عبر عدد من أصحاب المكاتب العقارية في المنطقة، دفع تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار معظم أصحاب المنازل لطلب الأجرة بالدولار، بينما كانت هناك نسبة “لا بأس بها” من المؤجرين تقبل العملة السورية سابقًا.
علوان الحسين (46 عامًا) قال لعنب بلدي، إنه منذ ثلاثة أسابيع، حين أخبره صاحب منزله برفع قيمة إيجاره الشهري من 50 إلى 100 دولار أمريكي، بات يقضي الساعات وهو ممسك بجواله يبحث في الصفحات المحلية التي تعنى بنشر إعلانات البيع والرهن والإيجار للمنازل في مدينتي القامشلي والحسكة وغيرهما من مدن محافظة الحسكة.
أوضح علوان الحسين، وهو أب لأربعة أطفال، ويعمل لدى إحدى الشركات الخاصة براتب لا يزيد على 600 ألف ليرة سورية، أن بيته الذي يستأجره “لا يستحق” دفع 100 دولار شهريًا، “فتجهيزه بسيط، ويقع في الطابق الخامس، وتصل إليه المياه بصعوبة، ومع ذلك يصر مالكه على أن تكون الأجرة عالية”.
يشتكي علوان قائلًا، “في كل شهر تذهب لتشتري الدولار، أنت بحاجة إلى مليون و200 ليرة سورية لشراء 100 دولار وتسليمها لصاحب البيت، وهذا يعادل ضعف راتبي تمامًا، فكيف لي أن أصرف على عائلتي، الوضع جنوني ولا يطاق، فهناك مصاريف اشتراك الأمبيرات وغيرها من المصاريف الطبية الطارئة”.
أضاف الشاب أن معظم سكان المنطقة يعانون المشكلة نفسها، حيث الرواتب بالليرة، بينما يجب عليهم دفع تكاليف احتياجاتهم بالدولار.
نحو أطراف المدن
سأل وائل عبيد (32 عامًا) عديدًا من المكاتب العقارية في المدينة عن بيت للإيجار بسعر يلائم دخله “المحدود جدًا”، لكن دون جدوى، فجميع المنازل المعروضة كانت تطلب 100 دولار شهريًا، ما جعله يلجأ إلى المجموعات المحلية عبر وسائل التواصل، وكتب طلبه بعبارات “استعطاف وطلب للمساعدة” لإيجاد منزل يؤويه مع عائلته المكوّنة من طفلين بأجرة شهرية “معقولة”.
يعمل وائل في أحد مستودعات مواد البناء بالقامشلي، ويتقاضى أجرة أسبوعية قدرها 150 ألف ليرة سورية، يجهد في توزيعها على مصاريف العائلة “التي لا تنتهي” من طعام وسكن وطبابة، ومع انهيار قيمة الليرة السورية، تتآكل القيمة الفعلية لراتبه بشكل يومي، وهذا يزيد من صعوبة حياته اليومية، وفق تعبيره.
قال الشاب لعنب بلدي، إنه أصبح مهددًا بفقدان سكنه، إذ لم يعد يستطيع تحمل تكاليف الإيجار الباهظة، ما أجبره على البحث عن منزل ضمن الأحياء المتطرفة والعشوائية كحل بديل، ولكن هذا الخيار يأتي بتضحيات أخرى مرتبطة بالسلامة وظروف المعيشة، بسبب عدم وجود البنى التحتية الكافية كالماء والكهرباء والصرف الصحي في تلك المناطق، فضلًا عن تعرض المنازل في الأحياء النائية للسرقة بشكل ملحوظ.
في شباط 2021، حدد المجلس التنفيذي لمدينتي الحسكة والقامشلي وريفهما، التابع لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، أسعار إيجارات المنازل في المنطقة، ونظم بموجب ذلك عملية التأجير والاستئجار، حيث حدد القرار إيجارات المنازل بتجهيزات ذات مواصفات مختلفة بمبالغ تتراوح بين عشرة آلاف و150 ألف ليرة سورية، دون تعديل هذه الأسعار منذ ذلك الوقت، رغم تغييرات كبيرة طرأت على قيمة الليرة السورية.
ويرتبط نموذج عقد الإيجار والاستئجار الصادر عن “اتحاد الأصناف” في شمال شرقي سوريا بعملية التوثيق، ويُطالب القرار بتسجيل كل معلومات العقارات المؤجرة في المنطقة، كما يفرض غرامات على المخالفين مع فسخ العقود المخالفة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :