بدافع اكتساب خبرات جديدة وبعد نصائح من أصدقائه، التحق الشاب إبراهيم ملوحي، بمخيم “دلني المعرفي” الذي أطلقه “المنتدى السوري” في مدينة اعزاز بريف حلب شمالي سوريا، بهدف خوض تجربته الجديدة في عالم التكنولوجيا والمعلومات، لتطوير مهاراته التقنية، ليكون مؤهلًا لدخول سوق العمل بجدارة.
ونقل إبراهيم (24 عامًا)، الذي يدرس الهندسة المعلوماتية في سنته الأولى في جامعة “حلب الحرة”، لعنب بلدي أهمية المهارات التي اكتسبها في التعلم التقني خلال انضمامه لهذه التجربة.
ومخيم “دُلَّني” هو مجمع تقني تدريبي مكثف، يسعى لاستقطاب وتطوير المواهب التكنولوجية المحلية، من خلال تدريبات صممت، لتطوير المهارات والمواهب التقنية والفكرية لدى المتدربين، ويسعى لتمكينهم من إتقان المهارات الأساسية، لتحقيق النجاح في المجال المهني، ويركز البرنامج على توفير فرص التوظيف بعد الانتهاء من التدريب.
تدريبات مركزة
قال إبراهيم لعنب بلدي، إن فكرة المخيم جديدة في مناطقنا، ما شجعه على تسجيل طلب للالتحاق بالمخيم، وبعد اجتياز الاختبارات، خضع لتدريب لمدة ثلاثة أشهر، تدرب الطلاب فيها على تقنيات جديدة في تحسين الظهور على محركات البحث (SEO) وكتابة المحتوى الإلكتروني بشكل احترافي.
حضر المتدربون عدة جلسات وورش عمل، أسهمت بتطوير الحياة اليومية والمهنية على حد سواء، أبرزها “جلسة الذكاء الاصطناعي”، التي تساعد الشخص على تحقيق هدفه والتحكم به في حياته، وكذلك المهارات الشخصية التي طورت من إمكانيات المتدربين، وفق ما قال إبراهيم.
وعلى صعيد الاستفادة أضاف إبراهيم، أنها كانت على أكثر من محور، الأول على الصعيد الشخصي، فقد أسهمت بتطوير شخصية المتدرب وتجاوز نقاط الضعف التي يعاني منها وتحويلها لنقاط قوة، والثاني على الصعيد المهني، فالخبرات التي اكتسبها المتدربون غير موجودة في الشمال السوري، لأن أغلب المراجع تكون باللغة الإنجليزية.
وجد إبراهيم وزملاؤه البالغ عددهم 20 متدربًا فرصة لدخول سوق العمل، من خلال المهارات التي امتلكوها من التدريبات وجلسات الحوار التي وسعت من الدائرة المعرفية للمتدربين.
ونوه إبراهيم إلى أن جميع التدريبات مجانية بدون أي رسوم، مضيفًا أن المتدرب سيصبح شريك مستقبلي للقائمين على مخيم “دلني” والمدعوم من “المنتدى السوري”، الأمر الذي سيوفر لهم فرصة عمل مستقبلية مناسبة، على حد وصفه.
وظائف غير تقليدية
يعد التدريب في مخيم “دلني” فرصة لدخول سوق العمل، وعدم الالتحاق بوظائف تقليدية في ظل البطالة التي تشهدها المنطقة، بحسب ما قالت جمانة قريوي، إحدى المتدربات، وتدرس في مجال إدارة الأعمال لعنب بلدي.
لم يشهد الشمال السوري سابقًا تدريبات حول كتابة المحتوى والتعامل مع محركات البحث، وما يميز هذه التجربة أنها مجانية دون أي رسوم، بل هناك فرصة للتوظيف في المستقبل، كون المتدربين أصبحوا شركاء مع القائمين على مخيم دلني، وفق جمانة قريوي.
فرص عمل عن بعد
الحالة الاقتصادية المتردية التي تعيشها منطقة شمال غربي سوريا، مع ارتفاع معدلات البطالة وقلة فرص العمل الفيزيائية، التي بات الحصول عليها شبه مستحيل، دفع القائمين على المخيم لإطلاقه في اعزاز شمال حلب، من خلال تذليل العقبات التي تواجه الشباب في إيجاد فرص عمل، لفتح نافذة للعالم الخارجي، واستثمار الطاقات الشبابية الموجودة في المنطقة، للانطلاق في عالم تكنولوجيا المعلومات.
وحول الهدف الأساسي من اطلاق مخيم “دُلني”، قال المنسق الإداري للمخيم، أحمد حلمي، لعنب بلدي، إن الهدف الأساسي، توظيف الشباب بفرص عمل عن بعد (أونلاين)، كون هذه المجالات نشطت بعد جائحة “كورونا”، فالعمل عن بعد بات يضاهي العمل الفيزيائي، ومن خلاله تكسر الحدود والتحديات التي يواجهها الشباب في شمال غربي سوريا، الذي يفتقر لهذا المجال وهكذا تدريبات في مجال تكنولوجيا المعلومات.
خضع المتدربون لـ120 ساعة تدريبية لمدة ثلاثة أشهر في أولى دورات مخيم دلني، وفق برنامجين، أولهما كتابة المحتوى الرقمي (Copywriting) ويركز على إعداد وتطوير مهارات المتدربين في إنشاء وكتابة المحتوى والإعلانات الرقمية، والثاني حول المهارات الاحترافية، لتعليم تقنيات تسهم في تحسين ظهور المحتوى في محركات البحث، وممارسة التسويق الإلكتروني، واستخدام أدوات إدارة المهام، وعلى طريقة كتابة السيرة الذاتية والتقديم على فرص العمل، وإقناع الشركات بالخبرات التي يمتلكها الشخص، وفق ما أوضح أحمد حلمي.
وأضاف المنسق الإداري، أنه تم تخريج 20 شاب وشابة في الدفعة الأولى من المخيم، وهم في مرحلة المتابعة والتوجيه المهني، عبر عدة ورشات عمل تقنية، التي تمتد لفترة ثلاثة أشهر أخرى، يتابع فيها مشرفون مهنيون، مع الشركاء الخريجين.
وبالتوازي مع ذلك، سيجري إطلاق دورة جديدة لمخيم “دلني”، بنفس التدريبات السابقة أو بتدريبات احترافية أخرى.