الدفاع الجوي السوري.. غير محدث ومتهالك والقرار بيد الروس

  • 2023/07/16
  • 11:43 ص

جنود النظام السوري بالقرب من صاروخ SA- 5 في 2021 (The Drive)

عنب بلدي – يامن مغربي

أسقطت قوات النظام السوري، في 2018، طائرة حربية إسرائيلية من طراز “16F-” أمريكية الصنع، في أثناء قصفها أهدافًا إيرانية داخل الأراضي السورية.

لم يوقف إسقاط الطائرة الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية وأخرى تابعة للنظام السوري.

في المقابل، يعلن النظام بجمل مكررة تنشرها وسائل الإعلام الحكومية الرسمية عن “تصدي الدفاعات الجوية السورية لأهداف معادية وإسقاط صواريخ”، دون تفاصيل كاملة حول طبيعة الأهداف أو نتائج القصف.

في 2 من تموز الحالي، سقطت شظايا من صاروخ سوري من طراز “SA -5″، التابع لمنظومة الدفاع الجوي “سام” روسية الصنع، داخل الأراضي المحتلة، وتحديدًا في مدينة رهط الجنوبية، دون أن تتصدى له الدفاعات الجوية الإسرائيلية، ظنًا منها أنه سينفجر في الجو، وفق ما أفادت به وسائل إعلام إسرائيلية.

الصاروخ الذي سقط في العمق الإسرائيلي، صُنع قبل 60 عامًا، وهو ما يدفع لطرح تساؤلات حول الدفاعات الجوية لدى النظام السوري، وقدرتها الفعلية على صد الهجمات الإسرائيلية الجوية ضد المطارات السورية المدنية والمواقع العسكرية، أو المواقع والشحنات العسكرية الإيرانية، وأسباب عدم استخدام النظام منظومات جوية حديثة روسية (300S و400S)، وعربات “بانتسير” المتنقلة.

ومنذ مطلع العام الحالي، قصفت إسرائيل أهدافًا في سوريا ثماني مرات، بمحافظات دمشق وريف دمشق وحلب وطرطوس وحماة والقنيطرة وحمص.

آليات منع التصادم.. القرار بيد ضباط روس

دخلت القوات الروسية رسميًا على خط المعارك بين النظام السوري والفصائل العسكرية المسلحة المعارضة في أواخر أيلول من عام 2015، واستخدم الروس الطيران الحربي، ما حقق للنظام تفوقًا نوعيًا جعله يستعيد بالفعل عشرات المدن والقرى والبلدات السورية التي سيطرت عليها المعارضة بين 2011 و2015، كما نشرت منظومات دفاعات جوية بعيدة المدى (S300- S400).

لجأت موسكو لتوقيع اتفاقيات “منع تصادم” مع القوات الإسرائيلية، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعملا على بناء آلية خاصة لمنع الاحتكاك في سوريا، بحسب تصريحات للمتحدث السابق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، رونين مانليس، في 2022.

ورغم هذه الاتفاقية، أسقطت الدفاعات الجوية التابعة للنظام السوري طائرة روسية في 2018، خلال تصديها لاستهداف إسرائيلي، ما دفع الطرفين للتعهد من جديد بعدم التصادم.

ورغم نشر هذه المنظومات الجوية الدفاعية، فإن النظام السوري لم يستخدمها لصد الغارات الإسرائيلية.

الرائد الطيار المنشق يوسف حمود قال لعنب بلدي، إن الدفاعات الجوية للنظام السوري تمتلك بالفعل عربات “بانتسير” (محطات دفاع جوي متنقلة) منذ 2005، لكنها وإلى جانب نظام “300S” تحت سيطرة روسية، ولا يمكن للنظام استخدامها دون إذن، بما في ذلك عمليات الاستطلاع والرصد والكشف وإطلاق الصواريخ.

وأضاف حمود أن هناك غرفة عمليات روسية متحكمة بهذه المنظومات، وبعملية تحريكها ونشرها في مناطق مختلفة.

ووفق الاتفاق الروسي- الإسرائيلي، لا يمكن للنظام استخدام هذه المنظومات، لذلك فهو يعتمد على الدفاعات الجوية القديمة.

ما إمكانيات الدفاع الجوي والتسليح لدى النظام السوري؟

تتكون الدفاعات الجوية السورية التابعة للنظام من 32 لواء صواريخ مختلطًا، وتتضمن 170 كتيبة صواريخ، بالإضافة إلى ثلاثة آلاف مدفع من مختلف العيارات (23- 57 ملم)، و210 محطات استطلاع للأهداف الجوية.

يمتلك النظام وسائط دفاع جوي ذات مدى قصير جدًا وقصير ومتوسط وبعيد.

-المدى القصير جدًا: “كوبرا”، “إيغلا”، “ستريلا”، “أوسا”، مدفعية 23 مم، مدفعية 57 مم.

– المدى القصير: “كفادرات”، “بيتشورا”، “بانتسير”.

– المدى المتوسط: “فولفا”، “بوك”.

– المدى البعيد: “S300″، “S400”.

المصدر: العقيد الركن السابق خالد المطلق في دراسة نشرها مركز “حرمون” للدراسات المعاصرة 2020.

ضابط سابق في قطاع التسليح، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن معظم الأسلحة والذخائر التي كان يحصل عليها النظام ولفترات طويلة من الدول الأخرى، متهالكة وغير قابلة للاستخدام.

وذكر أن النظام السوري حصل في عام 1999 على صواريخ “سكود” من روسيا، لكنها كانت قديمة تم تعديلها بشكل بسيط ودخلت الخدمة، وهي ليست بالقوة والجاهزية التي يجب أن تكون عليه.

كما حصل النظام السوري على قذائف هاون صاروخية في 2012، يصل مداها إلى 40 كيلومترًا، من إنتاج شركة “روس” الروسية، ووصلت الشحنات إلى سوريا.

وبعد اكتشاف أن الشحنات تحتوي على عيوب فنية، راسل النظام السوري الشركة المنتجة دون أن يحصل على أي رد، والأمر نفسه ينسحب على شحنات وأسلحة أخرى في مختلف القطاعات، بما فيها الدفاعات الجوية.

منظومات دفاع جوي غير محدثة

في عام 2022، قررت روسيا سحب منظومة الدفاع الجوي “S300” المتمركزة بالقرب من مدينة مصياف، شمال غربي سوريا.

ونقلت القوات الروسية رادار النظام إلى قاعدة “حميميم”، بينما نقلت بطارية “S300” إلى ميناء “طرطوس”، ومنه جرى تحميلها على سفينة روسية متجهة إلى ميناء “نوفوروسيسك” على البحر الأسود، بحسب ما أظهرته صور أقمار صناعية، نشرتها شركة الاستخبارات الفضائية الإسرائيلية  “ImageSat International”.

حاليًا، يمتلك النظام السوري منظومة الدفاع الجوي “200S”، إذ تراجعت روسيا عن تسليم النظام السوري “S300” في 2018، بعد زيارة قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى موسكو، رغم أن هذه المنظومة تعد من الأفضل في العالم ضمن فئتها، بحسب دراسة لمركز “حرمون” في 2020.

بالنسبة لروسيا، فإن وجود منظومات الدفاع الجوي الروسية، يأتي لحماية قواتها وقواعدها العسكرية في سوريا، وفق ما ذكره موقع “روسيا اليوم” في 2018.

الرائد يوسف حمود، قال لعنب بلدي، إن النظام حاليًا يمتلك منظومة الدفاع الجوي “200S”، وهي تحت إدارة قيادة الدفاع الجوي المتحكمة بالإطلاق، بعد حصولها على إذن من هيئة الأركان بوزارة الدفاع.

وأوضح حمود أن أنظمة الدفاع الجوي السورية لم يتم تحديثها منذ فترة طويلة، رغم وصول فرق فنية عسكرية من كوريا الشمالية وإيران قبل اندلاع الثورة السورية في 2011، واطلاعها على محطات الكشف والاستطلاع والرادارات ومحاولة تطويرها.

في دراسة للعقيد الركن السابق خالد المطلق، نشرها مركز “حرمون” للدراسات المعاصرة في 2020، تعتمد القوات السورية على السلاح المستورد من الاتحاد السوفييتي سابقًا وروسيا حاليًا، وهذه الأسلحة لا تمتلك منظومات ذات دقة عالية، ويطلق عليها أسلحة الاستخدام لمرة واحدة، بسبب السلبيات التي تظهر بعد أول معركة حقيقية يُستخدم فيها السلاح.

تلاشت معظم الإمكانيات الفنية والإلكترونية للأسلحة السورية في قطاع الدفاع الجوي، كما أن الكوادر الفنية لم تستطع تطوير هذه المنظومات أو إيجاد بديل حقيقي لها.

ورغم استيراد النظام السوري عددًا من المنظومات الحديثة (بانتسير)، فإنها لم تكن بالأعداد الكافية لتغطية جميع الأجواء السورية، ولم يتم إنشاء منظومات حديثة تشكّل طبقات تغطية متعددة كما كانت في سبعينيات القرن الـ20، كما أن تطوير هذه المنظومات يجب أن يكون بشكل كامل لا جزئي كما حصل في التسعينيات.

الضابط السابق في قطاع التسليح، قال لعنب بلدي، إن قوات النظام لم تمتلك تجهيزًا حقيقيًا لمواجهة أي عدوان خارجي أو أي حرب خارجية، ولا يشمل ذلك منظومات الدفاع الجوي فقط، بل كذلك القوات البرية.

ووفق موقع “Global Fire Power“، المتخصص بالقدرات العسكرية للجيوش، يحتل الجيش السوري المرتبة 64 من أصل 145 دولة، فيما تحتل إسرائيل المرتبة 18 ضمن أقوى جيوش العالم.

ووفق الموقع، تتفوق إسرائيل من ناحية القوات الجوية والقوى العاملة، فيما يتفوق الجانب السوري من ناحية سلاح المدفعية والدبابات، علمًا أن هذا التفوق يأتي من ناحية أعداد القطع العسكرية الموجودة لا من الجانب التقني.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا