أرباح مزارعي درعا تذهب للأدوية.. الدَّين بالليرة والسداد بالدولار

camera iconأدى ارتفاع أسعار المبيدات الحشرية الخاصة بالزراعة إلى مخاوف لدى الفلاحين في درعا من خسارة أرباح محصولهم 14 من تموز 2023 (عنب بلدي/ حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

تسبب ارتفاع تكاليف الأدوية الزراعية بحرمان المزارعين من هامش الربح في درعا، خصوصًا مع تقلبات سعر صرف الليرة السورية، وارتفاع تكاليف الأيدي العاملة وأسعار المحروقات.

اشتكى المزارع صالح (25 عامًا) ضعف العوائد المالية لمحصوله من الخيار، على الرغم من بيعه المحصول بسعر ثلاثة آلاف ليرة سورية للكيلو الواحد.

يُرجع صالح، وهو أحد فلاحي ريف درعا، أسباب ضعف المردود إلى تكاليف الإنتاج من أدوية وأسمدة وأيدٍ عاملة.

وقال لعنب بلدي، إن أسعار الأدوية تضاعفت عن الموسم السابق، ومعظم الصيدليات الزراعية تبيع الأدوية بالاعتماد على سعر صرف الدولار.

ويصل سعر بعض الأنواع من الأدوية إلى 100 دولار لليتر الواحد، ولا يقل أرخصها عن 15 دولارًا.

وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد حاجز العشرة آلاف ليرة سورية، وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.

ورغم زيادة تكاليف رش المحصول، ما زال صالح متمسكًا بمتابعة رش محصوله، متوقعًا خسارة مالية إضافية إذا استمر ارتفاع أسعار الأدوية.

ويحتاج محصول الخيار لدى صالح إلى رشة واحدة أسبوعيًا، موضحًا أن رش المحصول يكون بكثافة أكثر، وفترات أقرب في حال كانت هناك إصابة للمحاصيل.

لذلك هو يحرص على رش المحصول بشكل دوري للوقاية من الأمراض، ويكلف كل مرش دوائي 750 ألف ليرة سورية.

مزارعو الفواكه والمعاناة نفسها

عبد الكريم (55 عامًا)، وهو مزارع في ريف درعا، بات عاجزًا عن رش محصوله من ثمار الرمان باستمرار حسب إرشادات المهندس الزراعي، وأصبح يباعد بين الرشات ليتفادى تكاليف الرش بالمبيدات.

وقال لعنب بلدي، إنه أخّر مواعيد الرش لشهر كامل، إذ يكلف كل مرش دوائي ما يقارب 600 ألف ليرة سورية بالحد الأدنى.

وحسب المتعارف عليه، يتسع المرش لألف ليتر ماء يضاف إليها الدواء، وهو يكفي خمسة دونمات من الأشجار، وذات المساحة من الخضار كالخيار والبندورة.

بينما تعتبر الخضار أكثر حساسية للأمراض، وتحتاج إلى رشات متتالية في فترات متقاربة، وتكلفة الأدوية فيها أكبر، لأن الأدوية الفطرية وأدوية العناكب أغلى سعرًا.

ولا تقتصر تكلفة الرش على سعر الأدوية، إنما شهدت أسعار أجور المرش الزراعي ارتفاعًا وصل إلى 75 ألف ليرة سورية، إذ كانت لا تتجاوز 30 ألف ليرة خلال الموسم الماضي، بحسب ما قاله عبد الكريم.

وأسهم غلاء سعر ليتر المازوت الذي وصل إلى سبعة آلاف و500 ليرة سورية في ارتفاع تكلفة المرش بالسوق المحلية، وكذلك ارتفعت أجور الصيانة وتبديل زيت المعدن والإطارات وغيرها.
وارتفعت كذلك أجور الأيدي العاملة، إذ يحتاج المرش الواحد إلى أربعة عمال أجرة كل منهم 15 ألف ليرة سورية.

الأرباح تذهب للصيدليات

تعد استدانة الأدوية من الصيدليات الزراعية، وسداد ثمنها بعد جني المحصول، أحد الأعراف بين المزارعين، ويكون السداد بقيمة الدولار، كما يثبّت بائع الأدوية ديونه بالدولار.
ويثير انهيار العملة السورية مخاوف لدى المزارعين، وكلما انخفضت قيمة العملة السورية، زادت تكلفة سداد ثمن الأدوية، بحسب عدد من المزارعين التقتهم عنب بلدي.

“الأرباح تذهب للصيدلية الزراعية”، قال محمود (40 عامًا)، وهو يزرع البندورة والباذنجان والكوسا في ريف درعا.

ويستدين محمود ثمن الأدوية الزراعية، مع مخاوفه من استمرار تدهور العملة السورية، وبالتالي فإن ارتفاع فاتورة السداد ستلحق الخسارة بمواسمه.

وقال بشار، “مع كل انهيار للعملة تصبح قيمة فاتورة الأدوية أكبر، وأخشى أن تلغي التكاليف المرتفعة هامش الربح لدي”.

ويمتلك بشار مزرعة رمان مساحتها خمسة دونمات، وهي مصدر رزقه الوحيد.
ويبيع مزارعو درعا إنتاجهم بالعملة السورية، سواء في أسواق “الهال،” أو بـ”الضمان” للتجار، وهو بيع المحصول قبل قطافه مقابل مبلغ يتفق عليه الطرفان.

الرش ضرورة

المهندس الزراعي خالد سليمان، شدّد على ضرورة اتباع برنامج مكافحة دوري، يسمى الرش الوقائي، تجنبًا لإصابة المحصول بالآفات الحشرية والأمراض الفطرية، وبالتالي يصبح بحاجة إلى عدد رشات علاجية أكثر بفترات متقاربة حتى يعالج المحصول.
وقال سليمان، إنه يجب على المزارع متابعة محصوله مع مهندس زراعي مختص، وعليه انتقاء نوعيات الأدوية الموثوقة، إذ لا تخلو بعض الأنواع من الغش.
وأهم الامراض التي تتعرض لها المحاصيل في درعا، بحسب سليمان، هي البياض الدقيقي، والبياض الزغبي، وحشرة المن القطني، والذبابة البيضاء، والعناكب، والحشرات القشرية، والتربس.

وتعتبر درعا من المحافظات الزراعية، إذ تنتج محاصيل أساسية كالبندورة والخضراوات الورقية، وكذلك الفاكهة كالرمان والعنب.

وقدّرت مديرية زراعة درعا إنتاج المحافظة بـ250 ألف طن من البندورة، وبلغت المساحات المزروعة ألفين و600 هكتار، وتبلغ مساحة زراعة الخضار الصيفية ألفًا و765 هكتارًا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة