توجه نحو عقد جديد رغم عدم تنفيذ تعاقدها السابق
ما وراء الإصرار على العمل مع شركة إيرانية في محطة “حلب” الحرارية
على الرغم من عدم انتهاء أعمال تأهيل المجموعة الخامسة لتوليد الكهرباء في المحطة الحرارية بريف حلب الشرقي، بعد أن كان من المقرر تفعيلها نهاية عام 2022، تتجه حكومة النظام السوري نحو التعاقد مع ذات الشركة الإيرانية المسؤولة عن أعمال الصيانة الحالية لإعادة تأهيل بقية المجموعات.
وزير الكهرباء في حكومة النظام، غسان الزامل، زار، في 8 من تموز الحالي، المحطة الحرارية، والتقى المسؤولين في الشركة الإيرانية المنفذة، لمناقشة وضع المجموعة الأولى في الخدمة بأقرب وقت، ووضع الأسس القانونية اللازمة للتعاقد مجددًا لتأهيل المجموعات الثانية والثالثة والرابعة، وفق ما نشرته صفحة محافظة حلب على “فيس بوك“.
وعود مكررة
تكررت وعود الانتهاء من تأهيل المجموعة الأولى منذ زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في تموز 2022، إلى مدينة حلب للمرة الأولى منذ بداية الثورة السورية في 2011، متصدرًا مشهد إعادة تأهيل المجموعة الخامسة، كما وعد المسؤولون بانتهاء أعمال صيانة المجموعة الأولى نهاية عام 2022.
ووعد وزير الكهرباء، في آذار الماضي، بالانتهاء من صيانة المجموعة الأولى في المحطة الحرارية قبل بداية رمضان.
أما أحدث هذه الوعود فجاء من قبل مدير المحطة الحرارية بحلب، عمر بريجاوي، في 9 من تموز الحالي، بأن تدخل المجموعة الأولى الخدمة بعد نحو شهرين، وبطاقة إنتاجية تقدّر بـ200 ميغاواط.
تصريحات بريجاوي جاءت خلال حديثه عن عودة المجموعة الخامسة للعمل، بعد توقفها للصيانة منذ 15 من أيار الماضي، في ظل حاجة الشبكة الكهربائية السورية الكبيرة إلى الكهرباء.
ووصلت مدة التقنين في المناطق التي تصل إليها الكهرباء بمدينة حلب إلى 20 ساعة يوميًا، وفق إذاعة “نينار” المحلية، بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة، واعتماد أهالي المدينة على “الأمبيرات” التي تصل تكلفة الحد الأدنى منها إلى 50 ألف ليرة سورية شهريًا.
“الأمبيرات”، اسم متعارف عليه لكهرباء المولدات في سوريا، يعتمد عليها السكان في ظل انقطاع الكهرباء بمختلف المناطق السورية، ويرتبط سعر اشتراكها بسعر المازوت، الذي تعمل عليه المولدات الكهربائية. |
محطات كهربائية باستثمار إيراني
في شباط 2021، وقعت “الشركة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية” عقدًا استثماريًا مع شركة “آر بي آر سي“، التابعة لوزارة الطاقة الإيرانية والعاملة في مجال البناء والتعمير والإصلاح بقيمة 123 مليونًا و450 ألف يورو، تضمّن إعادة تأهيل وإصلاح مجموعتي التوليد الأولى والخامسة في المحطة الحرارية، على أن توضعا بالخدمة خلال 23 شهرًا من تاريخه، بحسب ما أعلنه مدير الشركة، محمد مازن سماقية، حينها.
وعلى الرغم من تأخر الشركة الإيرانية عن تنفيذ العقد خلال المدة المحددة، وخضوع المجموعة التي جرى إصلاحها للصيانة لمدة شهرين في أقل من عام على إعادة عملها، تنوي وزارة الكهرباء إعادة التعاقد معها لإصلاح بقية مجموعات التوليد الكهربائية.
وبرر وزير الكهرباء، غسان الزامل، تأخر تفعيل المجموعة الأولى بـ “الحصار الجائر المفروض على سوريا”، مشيرًا إلى العقوبات الغربية التي تمنع تأمين قطع التبديل والتقنيات الحديثة اللازمة للصيانة.
“مجموعات” أمريكية
عنب بلدي دققت في الصور المنشورة على صفحة “محافظة حلب” في “فيس بوك”، وتبين أن مجموعات التوليد البخارية الجاري تأهيلها في المحطة هي من إنتاج شركة “Westinghouse” الأمريكية، كما يظهر تطابق الاسم والشعار الموجود في الصور على مجموعة التوليد.
وتمنع العقوبات الأمريكية أي شركة لديها من التعامل مع قطاع الطاقة في سوريا، بما فيه قطاع الكهرباء، وهو ما يفسر عجز حكومة النظام عن جلب قطع تبديل من الشركة المذكورة لإصلاح مجموعة التوليد.
الكاتب والباحث في الشأن الإيراني، ضياء قدور، قال لعنب بلدي، إن النظام السوري في ظل العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تستهدفه، لا يملك الخيارات المتاحة لتوقيع عقود استثمار مع شركات أجنبية.
ويرى قدور أن العقوبات الغربية جعلت من الشركات الأجنبية حذرة من الاستثمار في سوريا أو التعامل مع المؤسسات الحكومية التابعة للنظام السوري، وبالنسبة للشركات الإيرانية الخاصة العاملة في سوريا، فإنها تسعى للربح من استثماراتها، ويمكن أن تنسحب في حال انعدام الربح أو الخسارة.
وفي آذار الماضي، كشف مدير عام التشغيل في محطة “محردة” الحرارية لتوليد الكهرباء بريف حماة، علي هيفا، أن شركة “بيمانير” الإيرانية المتعاقد معها لإعادة تأهيل المحطة قد فسخت العقد، لأن “المتغيرات السعرية المتسارعة دفعتها لأن ترفض المضي بتنفيذ عملية التأهيل”، موضحًا أن رؤية الشركة تقضي بأن الأسعار الحالية ستلحق بها “خسائر كبيرة”.
عقود مقايضة
وكان العقد المبرم لتأهيل محطة “محردة” مع الشركة الإيرانية، بلغت تكلفته 99.5 مليون يورو، على أن تسدد “الجهات السورية” مقابل هذا المبلغ فوسفات خامًا، وفق هيفا، فيما أوضح قدور أن هذا الانسحاب جاء نتيجة تدني أسعار الفوسفات عالميًا.
وأوضح قدور أن معظم الشركات الإيرانية الخاصة التي تعاقدت مع حكومة النظام، كانت وفق مبدأ المقايضة بالفوسفات أو بمواد أخرى، نظرًا إلى عدم توفر دفع مباشر بالقطع الأجنبي.
وتحرص إيران على بقائها ضمان قطاع الكهرباء في سوريا، وقطاع الطاقة بشكل عام، كونه يشكّل ورقة ضغط في الميدان السياسي بسوريا، وتعمل إيران عبر شركات حكومية بالاستثمار في مشاريع الطاقة وتمويلها عبر “خط الائتمان” الإيراني، وفق قدور.
ومن الشركات التابعة لـ”الحرس الثوري الإيراني” الموجودة في سوريا، شركة “مبنا” الإيرانية، التي صدقت اللجنة الاقتصادية التابعة لحكومة النظام عام 2019 على عقد مبرم معها لإنشاء محطة توليد كهرباء “الرستين” في اللاذقية، بقيمة 411 مليون يورو، كما كانت صدقت أيضًا على مشروع محطة توليد غازية عام 2018 في حلب مع ذات الشركة.
وبشكل مشابه لحالة محطة “حلب” الحرارية، يعد المسؤولون بقرب الإنجاز الإيراني وبدء عمل محطة “الرستين”، ففي حزيران الماضي، قال وزير الكهرباء، غسان الزامل، إن المجموعة الأولى في المحطة ستوضع بالخدمة نهاية حزيران الماضي، فيما ستوضع المجموعة الثانية بالخدمة منتصف تموز الحالي، وهو ما لم يحدث.
وينص عقد الشركة الإيرانية الموقع عام 2018 والمصدّق عليه عام 2019، على تنفيذ المجموعة الأولى خلال 18 شهرًا والثانية خلال 24 شهرًا.
ويعتقد الباحث في الشأن الإيراني، أن دعم إيران لاستثمار الشركات الحكومية والتابعة لـ”الحرس الثوري” في سوريا، سيؤدي في المقابل إلى وضع يد إيران على استثمارات سيادية في سوريا، مثل الغاز والنفط والفوسفات لعقود طويلة الأمد.
طرح “بلوكات” للاستثمار
على هامش معرض “سوريا الدولي للبترول” (سيربترو)، أعلن وزير النفط في حكومة النظام، فراس قدور، في 8 من تموز الحالي، عن طرح سبعة “بلوكات” نفطية برية وبحرية للاستثمار النفطي، بالتزامن مع مشاركة إيرانية لافتة خلال المعرض، وفق حديثه لوكالة “سبوتنيك” الروسية.
ولم يحدد قدور موقع “البلوكات” المطروحة للاستثمار، مضيفًا أن عددًا من الدول “الحليفة” أبدت استعدادها للمشاركة في أعمال التنقيب عن النفط وإعادة إعمار آبار النفط السورية.
من جانبه، أكد مدير “المؤسسة العامة للنفط”، نبيه خرستين، أن ثلاث شركات زارت جناح المؤسسة في المعرض، منها شركة إيرانية مهتمة بالعرض المعلن، وفق ما نقله موقع “هاشتاغ سوريا“، في 8 من تموز الحالي.
بدوره، تحدث السفير الإيراني في سوريا، حسين أكبري، عن اهتمام الشركات الإيرانية بالنفط السوري.
وقال أكبري لوكالة “إرنا” الإيرانية خلال زيارته للمعرض، إن هدف “الشركات الإيرانية من خلال حضورها في المعرض المساعدة في تطوير قطاع النفط في سوريا”.
وفي 9 من تموز الحالي، التقى قدور معاون وزير النفط الإيراني، وحيد رضا زيدي، خلال زيارته لدمشق، مشيرًا إلى الرغبة الإيرانية في التركيز على فرص الاستثمار المتاحة وتبادل الخبرات في مجالات النفط والغاز والثروة المعدنية.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :