عروة قنواتي
لم يعد خافيًا على أي متابع لكرة القدم في العالم، كبيرًا كان أم يافعًا، أن كيليان مبابي بات على لوائح النادي الملكي ريال مدريد، حتى وهو يرتدي قميص النادي الفرنسي باريس سان جيرمان، والنكتة أن الولاء الجديد منذ عام 2022 ولو ذهنيًا للملكي، حتى وهو يوقع على كشوف الفريق الباريسي مرة جديدة، وحتى لو مدد اليوم ضمن “الميركاتو الصيفي” عامًا جديدًا بعد انتهاء عقده في الصيف المقبل، وسيبقى ذهن وتركيز كيليان مبابي مشغولًا بوصوله إلى مدريد بعد أن كان قريبًا جدًا قبل بداية الموسم الماضي.
دراما الصفقات التاريخية والانتقالات للنجوم لا بد وأن يكون لها دور في إشغال المتابعين والعشاق كما في كل موسم وبحسب وصف الإخوة المصريين “هي وقفت على مبابي؟”، فسيناريوهات المد والجزر بإبرام عقود كثير من نجوم كرة القدم شهدت أحداثًا درامية أو تعطيلًا مفاجئًا أو حتى انتقالًا إلى وجهة لم يكن يُحسب لها حساب.
كيليان مبابي ورغم تصريحه في عام 2022 وهو يوقع عقد التجديد مع السيد ناصر الخليفي، رئيس مجلس إدارة سان جيرمان، بأن باريس بيته، وهي موطنه، ويريد البقاء لأنه سيحاول الاستمرار في الفوز بعديد من الألقاب، كان يطمح حينها للفوز مجددًا بكأس العالم واعتلاء منصة “الشامبيونزليج” لأول مرة في تاريخ النادي، وترك الباب مفتوحًا خلال نفس توقيت التصريح حين قال، “ولا أعلم ما سيحدث مع ريال مدريد مستقبلًا”، و هذا لا يحتمل إلا أن الصفقة تم تأجيلها فقط بعد ضغوطات رياضية وإعلامية ومالية كبيرة وحتى على المستوى السياسي الدولي في فرنسا وبعض الشخصيات المهمة في دول العالم.
يومها تم وصف كيليان مبابي بالخائن من قبل الجماهير الملكية، وتم ترفيعه تقريبًا إلى بطل قومي فرنسي بعيون عشاق حديقة الأمراء في باريس. صحيح أن النادي الملكي وسيد مجلسه فلورنتينو بيريز قد أصيبوا بخيبة أمل، إلا أن شكل العلاقة وقتها كان يفرض عنوانًا واحدًا “القضية مسألة وقت فقط “.
ولا نستطيع استحضار عبارة ما أشبه اليوم بالأمس على الصعيد الفرنسي وخصوصًا في نادي باريس سان جيرمان، فالملعب الذي كان يعج بالنجوم والأسماء لدرجة حار بها كل مدير فني أخذ على عاتقة موضوع تدريب الفريق، أصبح الآن شبه خالٍ. ليونيل ميسي رحل ولحق به سيرجيو راموس، ولا يزال مصير البرازيلي نيمار مجهولًا، ويبدو أن أسماء جديدة ستغادر خلال “الميركاتو الصيفي”، حتى يتسنى للسيد لويس إنريكي المدرب الجديد للباريسي بناء مشروعه الجديد. ويبدو أنه لن يسمح لأنقاض المشروع القديم بإعاقة أي خطوة له أو لن يبني عليها وهذا الأمر محسوم.
اليوم تزول كل المبررات التي ساقها بعض جهابذة كرة القدم والأقدر في التسويق والتلميع الكروي الموسم الماضي عن ضرورة بقاء كيليان مبابي في فرنسا وعدم التسرع والمخاطرة بالذهاب إلى مدريد، فها هي إدارة باريس ومنذ شهر كامل تضع ملف اللاعب على طاولة العروض والبيع بسعر كبير، بعد علمها بأن النجم الفرنسي لن يجدد عقده مع الفريق، وأنه ينتظر نهاية العقد في الصيف المقبل ليذهب حرًا في عقوده كيفما يشاء.
إدارة باريس تمهل الآن النجم الفرنسي بضرورة حسم موقفه من التجديد أو البيع حصرًا ودون أي مواربة، لأنها لا ترغب برحيله في نهاية العقد دون أن يدخل مرابح مالية لصندوق النادي، وهذا الخط الجديد يضرب كل مبررات المرحلة الماضية ببقاء كيليان مبابي، على أساس أن التاريخ يُكتب في النجمة الأولى لسان جيرمان من خلال دوري الأبطال وليس باللقب الـ15 لنادي ريال مدريد، النادي الذي أصيب بتخمة في الألقاب، أي لا جديد لتحفره باسمك أيها النجم الشاب لو سجلت 100 هدف في الموسم الواحد.
كيليان مبابي سيرحل عن صفوف باريس سان جيرمان، ولأنه لم يجلب كأس العالم مجددًا ولم يسحب النجمة الأولى في دوري أبطال أوروبا إلى قميص الفريق، سيندم على الوقت الذي قضاه في حديقة الأمراء حتى لو كان مع خليط النجوم وفريق الأحلام بغية صناعة مجد فرنسي مهم. لكنك لا تستطيع تقديم الأفضل مع فريق أنت ترتدي قميص فريق غيره ولو في ذهنك وأحلامك وتصريحاتك فقط.
هذه حكاية كيليان مبابي بدقائقها الأخيرة قبل أن يكون في إسبانيا بشكل رسمي وواضح، وكل ما تم الحديث عنه حول رغبة أندية إنجليزية مهمة بالتعاقد معه، لن ينال 10% من حديث السوق، فالوجهة باتت معروفة والمسألة متروكة للوقت فقط.