جبل الزاوية.. الأهمية الاستراتيجية واحتمالات السقوط بيد النظام

  • 2023/07/08
  • 10:04 م

فلاحو جبل الزاوية يزرعون كميات قليلة من أرضهم خوفًا من الألغام والاضطرار للنزوح في أي وقت- 30 حزيران 2023 (عنب بلدي)

إدلب – عبد الكريم الثلجي

تتعرض قرى وبلدات جبل الزاوية جنوبي إدلب لقصف شبه يومي من قبل قوات النظام والميليشيات المساندة له، كما تشهد المنطقة عمليات تسلل وإغارة مستمرة من طرفي النظام والمعارضة، الأمر الذي سبب حالة من عدم الاستقرار للأهالي في المنطقة، لكنه يعكس في العمق حقيقة الصراع على منطقة ذات أهمية عسكرية واقتصادية يمكن أن تغير المعادلة في المنطقة.

مع الحديث عن تفاهمات محتملة بين تركيا والنظام السوري، بتسهيل ووساطة روسية، يتساءل محللون عسكريون حول إمكانية تسليم جبل الزاوية للنظام السوري، كجزء من التفاهمات، أو قدرة النظام على السيطرة عسكريًا على مساحة واسعة ووعرة تضم عشرات القرى وآلاف المقاتلين المحليين.

 أهمية الجبل

يقع جبل الزاوية على الحدود الجنوبية لمحافظة إدلب، وشمالي محافظة حماة، ما أكسبه أهمية استراتيجية للنظام والمعارضة على حد سواء، فهو يشرف على الطريق الدولي “4M” الرابط بين محافظة حلب ومناطق الساحل غربي سوريا، وسعى النظام مرارًا للسيطرة عليه، ويوصف بـ”صمام الأمان” لمحافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة.

ويشرف الجبل على مساحات واسعة، وهو ذو طبيعة وعرة، يحاذيه جبلا الأربعين شمالًا وشحشبو جنوبًا.

عسكريًا، يرى المحلل العسكري العميد عبد الجبار العكيدي، أن للجبل أهمية “كبيرة”، لكونه منطقة حاكمة ومرتفعة وذات تضاريس وعرة، تساعد على المقاومة.

ويعتقد العكيدي أن سقوط جبل الزاوية بيد قوات النظام، سيؤدي إلى سقوط ما تبقى من المناطق المحررة من جسر الشغور غربي إدلب إلى سهل الغاب شمالي حماة، إضافة إلى أن مدينة إدلب، “معقل المعارضة”، لن تكون حينها بمأمن من نيران قوات النظام.

وقال العكيدي لعنب بلدي، إن منطقة الجبل كبيرة، فهي تضم 35 قرية وبلدة، وتنبع أهميتها لكون السيطرة عليها تعني في النهاية السيطرة على الطريق الدولي “4M”، وإحكام السيطرة على طريق “5M” الذي سيطرت عليه قوات النظام مطلع 2020، إثر عملية عسكرية واسعة النطاق.

وأضاف أن ذلك من شأنه أن يعزز سيطرة النظام على الطرق الدولية واستهداف الفصائل الموجودة في المنطقة، لتصبح في مرمى نيران النظام وليس العكس.

“لا يوجد شيء مستبعد في السياسة”، قال العكيدي، ردًا على سؤال حول إمكانية سيطرة النظام على الجبل، خصوصًا بعد “الاستدارة الحادة” لتركيا وبعض الدول العربية من بينها السعودية نحو التطبيع مع النظام.

يستند العقيدي في رأيه إلى سيطرة قوات النظام سابقًا على مناطق كانت توجد فيها قوات تركية، متوقعًا حدوث موجة نزوح كبيرة باتجاه تركيا وأوروبا، في حال سقوط المنطقة.

هل تتخلى تركيا عن الجبل؟

أواخر 2019، سعت تركيا لتعزيز قواتها في شمال غربي سوريا، ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة على طول خطوط التماس مع النظام، لا سيما على جبهات ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي، بعد انسحابها من نقاط مراقبة اتفاق “خفض التصعيد” في كل من قرى العيس ومورك والراشدين وخان شيخون والصرمان ومعرحطاط.

يرى العكيدي أن تركيا لن تتنازل بسهولة عن منطقة جبل الزاوية، كون قواتها منتشرة على مساحة واسعة في المنطقة وعلى الطريق الدولي (حلب– اللاذقية)، ومدعمة بآلاف الجنود، كما أن التضاريس الوعرة في الجبل تصعب مهمة النظام وميليشياته في حال نيتها اقتحام المنطقة.

العميد أحمد رحال يتفق مع العكيدي في أهمية جبل الزاوية وصعوبة سيطرة النظام على المنطقة لوعورتها، مضيفًا إلى ذلك ميزة وجود أبناء المنطقة كمقاتلين على جبهاتها، ما يصعب المهمة، فبضع مئات من المقاتلين قادرون على مقاومة الآلاف، إضافة إلى عدم وجود توافقات سياسية بين تركيا وروسيا وإيران حول المنطقة، على حد قوله لعنب بلدي.

المشهد السياسي

توقفت قوات النظام على أعتاب جبل الزاوية، إثر العملية العسكرية أواخر 2019، كما أن المنطقة بالأساس خضعت لتفاهمات ضمن إطار مسار “أستانة”، في منطقة أُطلق عليها “خفض التصعيد”.

يتحدث الناشط السياسي المقيم في إدلب عبد الكريم العمر، لعنب بلدي، عن أثر الوجود التركي في جبل الزاوية وجبهات جنوبي إدلب وغربي حلب عمومًا، إذ ينتشر عشرات الآلاف من الجنود الأتراك، ويقع طريق “4M” تحت سيطرة قطعاتها العسكرية الموجودة على جانبي الطريق.

وقال العمر، إن من الواضح أن السلاح الذي يوجد في المنطقة هو عتاد هجومي، فالقوات مزوّدة بقواعد صاروخية هجومية، وهو مؤشر على جاهزية الرد ضد أي عملية عسكرية محتملة من قبل النظام وحلفائه.

وعن سبب تمسك القوات التركية بالمنطقة، يرى العمر أن تركيا تسيطر على طريق حلب- اللاذقية، وتريد أن تعزز موقفها بالمفاوضات مع روسيا، بحيث تضع هي الشروط، لا أن تفرض عليها.

وأشار العمر إلى أن المحادثات في “أستانة” و”سوتشي” دائمًا ما تؤكد ضرورة فتح الطرق الدولية، وأن ما حدث في الشمال السوري جرى في إطار تفاهمات سياسية بين الروس والأتراك، ومن الواضح أن كل طرف لا يريد تنفيذ الالتزامات تجاه الآخر، على حد تعبيره.

مقالات متعلقة

  1. في موقع انسحبت منه سابقًا.. نقطة عسكرية تركية بريف إدلب الجنوبي
  2. "تحرير الشام" تتوقع بدء عمل عسكري في ريف إدلب
  3. بعد هدوء نسبي.. قصف متجدد في شمال غربي سوريا
  4. الجيش التركي يخلي نقطة المراقبة السادسة في الصرمان

سوريا

المزيد من سوريا