خدر وضعف وألم في الأطراف.. اعتلال الأعصاب المحيطية

د. أكرم خولاني

يشكو بعض الناس من الخدَر والنمَل والضعف والألم في اليدين والقدمين، وعند مراجعة الطبيب يشخص لديهم اعتلالًا في الأعصاب المحيطية، وهي الأعصاب التي تمتد من الدماغ والنخاع الشوكي (الجهاز العصبي المركزي) باتجاه الأطراف والعضلات وأعضاء الجسم المختلفة، والتي تنقل الأوامر من الجهاز العصبي المركزي إلى بقية الجسم، كما ترسل المعلومات الحسية من أعضاء الجسم إلى الجهاز العصبي المركزي.

ما المقصود باعتلال الأعصاب المحيطية

اعتلال الأعصاب المحيطية (Peripheral Neuropathy) أو ما يُعرف أيضًا باعتلال الأعصاب الطرفية، هو اضطراب يصيب الأعصاب المحيطية، ويؤدي إلى إحداث ضعف في قدرة هذه الأعصاب على إيصال الإشارة العصبية والإحساس بطريقة سليمة، وهي حالة شائعة الحدوث عند كبار السن، الذين تتجاوز أعمارهم 55 سنة.

وقد يحدث الاعتلال في جذع عصبي محيطي واحد فقط فيسمى اعتلال العصب الأحادي (Mononeuropathy)، وغالبًا ما يكون سببه نقص التروية أو انضغاط العصب أو حدوث إصابة بدنية أو نفسية، وقد يصاب عصبان اثنان أو أكثر من الأعصاب في مناطق مختلفة فيسمى اعتلال الأعصاب الأحادي المتعدد، ومن أشيع حالات اعتلال العصب الأحادي متلازمة نفق الرسغ التي تحدث نتيجة انضغاط عصب اليد في منطقة الرسغ بسبب الاستخدام المتكرر والمزمن لليد والرسغ.

وقد يحدث الاعتلال في عدة أعصاب فيسمى اعتلال الأعصاب المتعدد (Polyneuropathy)، ويعتبر اعتلال الأعصاب السكري (Diabetic Neuropathy) من أشهر أنواع اعتلال الأعصاب المحيطية المتعدد، وهي حالة مرضية تصيب مرضى السكري على المدى البعيد، وتسبب تلفًا في الأعصاب بمختلف أنحاء الجسم، وتسبب خدرًا ونملًا في الأطراف.

ويمكن أن تكون الاعتلالات العصبية حادة، فيكون لها بداية حادة وتتطور الأعراض خلال فترة قصيرة.

ويمكن أن تكون الاعتلالات العصبية تحت حادة، وهنا تتطور على مدى بضعة أيام إلى أسبوع.

بينما تستغرق الاعتلالات المزمنة أكثر من ثمانية أسابيع.

ما أعراض اعتلال الأعصاب المحيطية

تختلف أعراض اعتلال الأعصاب تبعًا لنوع الأعصاب المصابة، إذ يتضمن اعتلال الأعصاب المحيطية ثلاثة أنواع:

1-  اعتلال الأعصاب الحسية (Sensory Neuropathy): يحدث في الأعصاب المسؤولة عن الشعور بالحرارة واللمس والألم، وتشمل الأعراض: الإحساس بالوخز والخدر، وانخفاض الإحساس بالسخونة والبرودة، والحرقان والألم الحاد، والإحساس بالألم من أبسط الأشياء مثل اللمس، وانخفاض الإحساس بالألم وفقدان التوازن.

2-  اعتلال الأعصاب الحركية Motor Neuropathy)): يحدث في أحد الأعصاب المسؤولة عن حركة العضلات في اليدين والقدمين، وتشمل الأعراض: تشنج العضلات، وضعف عضلات القدم، وأكثر الأعراض الحركية شيوعًا هو الضعف القاصي، إذ يواجه المرضى صعوبة في قلب المفاتيح بالأقفال، والأزرار غير المستقرة، وضمور العضلات، والاعتلالات العصبية الطويلة الأمد التي تتطور إلى تشوهات بعيدة مثل المخلب.

3-  اعتلال الأعصاب اللاإرادية Autonomic Neuropathy)): يحدث في الأعصاب المسؤولة عن عمليات الجسم اللاإرادية، مثل عملية نقل الدم داخل الأوردة والشرايين الموجودة في الأطراف، وتشمل أعراض اعتلال الأعصاب اللاإرادية: انخفاض ضغط الدم الوضعي، والعجز الجنسي، والشعور بالغثيان، واضطراب العضلة العاصرة الشرجية، وحدوث الإسهال أو الإمساك، ونوب الخفقان، ويشير الجفاف أو التعرق المفرط إلى تورط ألياف عصبية صغيرة غير مائلة.

ما أسباب اعتلال الأعصاب المحيطية

الداء السكري: هو السبب الأكثر شيوعًا، فبعد خمس سنوات من الإصابة بالسكري، يُصاب أكثر من نصف المرضى بنوع من أنواع الاعتلال العصبي.

أمراض المناعة الذاتية: مثل متلازمة شوغرِن، والذئبة الحمامية، والتهاب المفاصل الرثواني، ومتلازمة غيلان باريه، واعتلال الأعصاب المُزيل للمَيالين، والتهاب الأوعية الدموية.

أسباب وراثية: توجد اعتلالات الأعصاب الوراثية مع تاريخ مزمن من الضعف القاصي مع القليل من الشكاوى الحسية، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يكون هناك دليل على فترة طويلة ضعف العضلات.

العدوى: مثل داء لايْم، والهربس النطاقي، وفيروس إبشتاين بار، والتهابات الكبد

( BوC)، والجذام، والخناق، وفيروس نقص المناعة البشري.

أمراض أخرى وتشمل: أمراض الكلى، وأمراض الكبد، واضطرابات النسيج الضام، وقصور الدرقية، وبعض الأورام التي تنمو على الأعصاب، وبعض اضطرابات نقي العظم كالورم النقوي وسرطان الغدد اللمفاوية.

نقص الفيتامينات: عوز فيتامينات “B” (B-1 وB-6 وB-12) وفيتامين “E” والنياسين الضرورية لصحة الأعصاب.

إدمان الكحول.

التعرض للسموم: وتشمل المواد الكيماوية الصناعية والمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق.

بعض الأدوية: خاصة تلك المستخدمة لعلاج السرطان (العلاج الكيماوي).

الإصابة: قد تؤدي الإصابات، مثل حوادث السيارات أو السقوط أو الإصابات الرياضية، إلى قطع الأعصاب المحيطية أو إتلافها.

الضغط على العصب: يمكن أن يحدث الضغط على الأعصاب بسبب جبيرة أو استخدام عكازات أو الحركات المتكررة مثل الكتابة على لوحة المفاتيح لفترات طويلة.

كيف يتم التشخيص

يتضمن تشخيص اعتلال الأعصاب المحيطية ما يلي:

إجراء الفحص السريري الذي يتم فيه معرفة تفاصيل الأعراض التي تظهر على المريض.

إجراء تخطيط كهربية العضلات لمعرفه كفاءة النقل العصبي العضلي للإشارات الحركية.

إجراء تخطيط الأعصاب (دراسة التوصيل العصبي)، وهو يؤكد أن الأعراض ناتجة عن تلف الأعصاب كما يعطي تأكيدًا حول نوع الاعتلال العصبي.

أخذ خزعة العصب، للبحث عن وجود تشوهات عصبية.

كما يمكن أخذ خزعة جلدية.

وقد يحتاج الطبيب إلى عمل فحوصات الدم المخبرية لاستبعاد وجود عدوى جرثومية، بالإضافة إلى قياس نسبة السكر والفيتامينات في الدم.

وقد يلجأ الطبيب إلى التصوير بالرنين المغناطيسي لاستثناء الأسباب التي قد تسبب هذا التشنج، كالأورام أو اضطرابات الأوعية الدموية.

كيف يعالَج اعتلال الأعصاب المحيطية

يعتمد العلاج بشكل كبير على السبب، وتعد الوسائل التالية الأكثر شيوعًا في العلاج:

العلاج الدوائي: تناول مكملات فيتامين “ب 12″، ومضادات الالتهاب لتخفيف الألم، ومضادات الاكتئاب أو مضادات الاختلاج (غابابنتين وبيوغابالين)، وقد يصف الطبيب أدوية لعلاج المسببات الأساسية، كأدوية علاج العدوى أو أدوية تنظيم مستوى السكر في الدم أو علاج ارتفاع ضغط الدم أو غيرها من الأدوية المعالجة لمسببات الاعتلال العصبي.

التحفيز الكهربائي للأعصاب عبر الجلد: تعتمد هذه التقنية على تسليط تيار كهربائي خفيف على الجلد وبالقرب من العصب المصاب للحد من الألم وتخفيف أعراض الاعتلالات العصبية الأخرى.

العلاج الطبيعي: يُستخدم العلاج الطبيعي في حالات ضعف العضلات الناتجة عن تلف العصب الحركي، ويساعد أيضًا على التكيف مع الوظائف المفقودة من خلال أداء تمارين محددة.

الجراحة: تكون الجراحة أفضل علاج لاعتلال الأعصاب المحيطية في بعض الحالات، مثل وجود انضغاط بالعصب، حيث تهدف إلى إزالة الضغط عن العصب التالف عند الأشخاص الذين يعانون متلازمة نفق الرسغ أو انزلاقًا غضروفيًا في الرقبة أو الظهر ويضغط على الجذور العصبية أو المصابين بأورام.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة باعتلال الأعصاب المحيطية

يمكن المساعدة في تخفيف الإصابة عن طريق القيام بما يلي:

· تجنب الكحول والامتناع عن التدخين.

· تناول غذاء متوازن وصحي.

· ممارسة تمارين منتظمة ومعتدلة.

· حماية القدمين خلال الرياضة، وخاصة الأنواع التي فيها ركل.

· ضبط مستويات السكر في الدم.

· علاج الأمراض المزمنة التي يمكن أن تسبب اعتلال الأعصاب.