نقص الكوادر الطبية يفاقم المشكلات الصحية في رأس العين

  • 2023/07/09
  • 11:01 ص

تدير تركيا مستشفى رأس العين "الوطني" شمالي سوريا والذي يعتبر الجهة الوحيدة التي تقدم الرعاية الطبية للسكان مجانًا، لكنه يعاني من نقص حاد في الخدمات يدفع ببعض السكان نحو بدائل مكلفة لهم- 23 حزيران 2023 (عنب بلدي)

عنب بلدي – رأس العين

يواجه مستشفى رأس العين “الوطني”، الذي يُعتبر المرفق الرئيس للرعاية الصحية لأهالي المدينة، تحديات جوهرية تتعلق بضعف الكوادر الطبية وانعدام بعض التخصصات فيه.

ويتلقى ضغطًا كبيرًا كونه المستشفى العام الوحيد في المنطقة، ويعتبر وجهة لأغلبية السكان، إذ يعتمدون على خدماته الحيوية، بحسب ما قاله مدنيون من أبناء المدينة لعنب بلدي.

ويعاني مراجعو المستشفى جراء نقص التخصصات في الجراحة، والتوليد، والأطفال، والقلب والأوعية الدموية، والأمراض الباطنية، إذ يسبب هذا النقص تأخرًا في تقديم الخدمات الطبية الحاسمة، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى تدهور حالة المرضى أو تفاقم مشكلاتهم الصحية.

بدائل مكلفة

إلى جانب قلة الكوادر الطبية المؤهلة في مستشفى رأس العين “الوطني”، تعتبر قلة المعدات الطبية الحديثة عائقًا بالنسبة لمراجعي المستشفى، إذ لا يعتبر كثير من السكان أن لديه قدرة على تقديم خدمات صحية بجودة عالية.

قبل عدة أيام احتاجت نورة العبيد إلى عملية ولادة قيصرية، نظرًا إلى حالة طبية عانتها مؤخرًا، لكن غياب تخصص النسائية في المستشفى “الوطني”، دفع بعائلتها للبحث عن بدائل إسعافية لم تكن بمتناول اليد.

نورة قالت لعنب بلدي، إن العيادات ذات الاختصاص نفسه موجودة في مدينة رأس العين، لكن هذا النوع من العمليات قد تصل تكاليفه إلى أكثر من 200 دولار أمريكي، وهو مبلغ ليس بقليل بالنسبة لكثير من سكان المنطقة.

وأضافت أنها تنحدر من عائلة ليست ميسورة الحال بالقدر المطلوب لإجراء العملية، ما دفع بعائلتها لبيع بعض الأغنام التي كانوا يملكونها لإجراء العملية لها.

حالة نورة العبيد تعكس تحديات قطاع الرعاية الصحية في رأس العين، حيث تعاني الأسر ذات الدخل المحدود صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية غير المتوفرة في المستشفى “الوطني”.

ويزيد ارتفاع تكاليف العلاج في العيادات الخاصة من مصاعب تلقي الرعاية الصحية اللازمة بالنسبة للسكان.

وأعيد افتتاح المستشفى عام 2019، بعد ترميمه من قبل وزارة الصحة التركية، التي تشرف عليه بشكل كامل منذ سيطرتها على المنطقة بعد عملية عسكرية شنتها ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

المستشفى كان يقدم خدمات في العيادات النسائية وعيادة الأطفال مع بداية ترميمه، بحسب وكالة “الأناضول” التركية، لكن هذه الخدمات انخفضت تدريجيًا وصارت غير متوفرة اليوم مع مرور الوقت، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي في المنطقة.

خدمات محدودة

بدوره، عبد العزيز خلف يعاني بترًا في يده نتيجة إصابة سابقة بانفجار لغم أرضي تعرض لها في مدينته رأس العين.

عبد العزيز قال لعنب بلدي، إنه زار المستشفى “الوطني” في المدينة بحثًا عن طرف صناعي، لكن هذا النوع من المعدات غير متوفر فيه.

وأضاف أن المنطقة تعاني أساسًا نقصًا في الدعم فيما يتعلق بالأطراف الصناعية، إذ لم يحصل على تعويض طبي لطرفه المفقود رغم مرور سنوات على بحثه.

مدير الصحة في مدينة رأس العين، راكان الجلود، قال لعنب بلدي، إن السبب الرئيس لتدهور الخدمات الصحية في المنطقة هو نقص الكوادر الطبية والأطباء، إلى جانب ضعف الدعم المادي المقدم لهم.

وأضاف أن المستشفى “الوطني” في رأس العين يشهد نقصًا حادًا في الكوادر الطبية، ما يؤثر سلبًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.

وأشار الجلود إلى أن مدينة رأس العين تعاني أيضًا نقصًا في الكوادر والممرضين والفنيين، إذ إن معظم الأطباء السابقين كانوا من خارج رأس العين، جراء هجرة عدد كبير من الأطباء من أبناء المدينة.

ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم، بحسب الجلود، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.

تقع مدينة رأس العين شمالي محافظة الحسكة، بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليها “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تسيطر “قسد” على جميع المناطق المحاذية لها، ما يجعل منفذها الوحيد هو الحدود التركية.

تحت إدارة تركية

مدير الصحة في رأس العين قال خلال حديثه لعنب بلدي، إنه على تواصل مع “الحكومة السورية المؤقتة” (المظلة السياسية لـ”الجيش الوطني”)، والسلطات التركية في ولاية أورفا (صاحبة الوصاية على المنطقة)، لمحاولة إيجاد حلول قد تحسن من الوضع الصحي في المدينة.

ورغم التحديات التي تواجهها المنطقة على صعيد الخدمات الطبية، تعمل مديريات الصحة في المدينة للتغلب على الصعوبات وتعزيز الرعاية الصحية للمواطنين، بحسب الجلود.

وتعتبر تركيا مسؤولة بشكل مباشر عن جميع مستشفيات الشمال السوري، ضمن المناطق التي يسيطر عليها “الجيش الوطني” ومستشفى رأس العين “الوطني” واحد منها.

ويعتبر “الهلال الأحمر التركي” مسؤولًا عن إدارة المستشفى ورواتب الموظفين فيه، كما أن مدير المستشفى طبيب تركي.

ولا يقدم المستشفى عادة توضيحات لوسائل الإعلام، إذ يتطلب إجراء مقابلة مع إدارته التقدم بطلب إلى مركز ولاية أورفا التركية للحصول على موافقة، وغالبًا ما تستغرق هذه الآلية بضعة أشهر للحصول على رد.

مقالات متعلقة

مجتمع

المزيد من مجتمع