وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على إنشاء مؤسسة دولية جديدة لتوضيح مصير المفقودين وأماكن وجودهم في سوريا، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين، بعد التصويت على مشروع القرار في 29 من حزيران الماضي.
وحظي مشروع القرار بتأييد 83 دولة، بينما صوتت 11 دولة ضده، وامتنعت 62 دولة عن التصويت، من بين الدولة الممتنعة السعودية والإمارات والبحرين وعمان ومصر والأردن والمغرب ولبنان وتونس واليمن.
ومنذ إعلان الموافقة على إنشاء المؤسسة، لقي القرار ردود فعل متباينة بين السوريين والمنظمات والتجمعات الحقوقية والإنسانية، بين من اعتبره انتصارًا وقرارًا تاريخيًا، ومن انتقده على أنه خفّض سقف مطالب الأهالي بالإفراج عن المعتقلين.
عشرة بنود
قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن “المبادرة مطلوبة بشدة، فالعائلات لها الحق في معرفة مصير وأماكن وجود أحبتها بهدف مساعدة المجتمع بأسره على التعافي”.
ووصفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا قرار إنشاء المؤسسة بـ “التاريخي”.
وشارك في صياغة مشروع قرار إنشاء المؤسسة كل من لكسمبورغ وألبانيا وبلجيكا والرأس الأخضر وجمهورية الدومينيكان ومقدونيا، وتضمن عشرة بنود:
1.تشدد على ضرورة وضع إطار متماسك ومنسق وكفء يقدم حلولًا تعالج أزمة المفقودين في الجمهورية العربية السورية، لضمان حق الأسر في معرفة مصير أقاربها المفقودين وأماكن وجودهم، وتلقي الدعم الكافي.
2.تقرر أن تُنشأ تحت رعاية الأمم المتحدة، المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، لتوضيح مصير جميع المفقودين وأماكن وجودهم، وتقديم الدعم الكافي للضحايا والناجين وأسر المفقودين، بالتعاون الوثيق والتكامل مع جميع الجهات الفاعلة المعنية.
3.تقرر أن يكون للمؤسسة المستقلة عنصر هيكلي يضمن مشاركة الضحايا والناجين وأسر المفقودين في الجمهورية العربية السورية، وتمثيلهم بشكل كامل ومجدٍ في تشغيلها وعملها، وأن تعمل مع المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى بطريقة منتظمة ومستمرة.
4.تقرر كذلك أن تطبق المؤسسة المستقلة نهجًا يركز على الضحايا والناجين، وأن تكون شاملة للأسر وأن تسترشد بالمبادئ والسمات الأساسية المتعلقة بالشمول الجنساني، وعدم التمييز، وعدم الإضرار، والاستقلال، والحياد، والشفافية، وسرية المصادر والمعلومات، والمعايير التشغيلية المتعلقة بالتكامل وعدم الازدواجية، وافتراض البقاء على قيد الحياة، والاستدامة، وإمكانية الوصول، وتعدد التخصصات، على النحو المبين في تقرير الأمين العام.
5.تطلب إلى الأمين العام أن يقوم بوضع اختصاصات المؤسسة المستقلة في غضون 80 يوم عمل من اتخاذ القرار، وذلك بدعم من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبالتشاور مع جميع الجهات الفاعلة المعنية، بما يشمل مشاركة الضحايا والناجين والأسر مشاركة كاملة ومجدية.
6.تطلب أيضًا إلى الأمين العام أن يتخذ دون إبطاء الخطوات والتدابير والترتيبات اللازمة للإسراع بإنشاء المؤسسة المستقلة، وتأديتها مهامها على نحو كامل، بالاستفادة من القدرات القائمة ومن أفضل الممارسات المستنيرة بمساهمات الناجين، بما يشمل استقدام أو ندب موظفين محايدين ذوي خبرة لديهم المهارات والدراية الفنية المناسبة.
7.تدعو جميع الدول، وكذلك جميع أطراف النزاع في الجمهورية العربية السورية إلى التعاون الكامل مع المؤسسة المستقلة، طبقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
8.تدعو الجهات الفاعلة الأخرى المعنية، بما في ذلك المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني، لا سيما منظمات المجتمع المدني السورية، إلى التعاون مع المؤسسة المستقلة.
9.تطلب إلى منظومة الأمم المتحدة ككل أن تتعاون تعاونًا تامًا مع المؤسسة المستقلة، وأن تستجيب على وجه السرعة لأي طلبات، بما في ذلك الحصول على المعلومات والوثائق، ولاسيما تزويد المؤسسة بأي معلومات وبيانات قد تكون في حوزتها، فضلًا عن أي شكل آخر من أشكال المساعدة اللازمة لأداء ولاية المؤسسة.
10.تطلب إلى الأمين العام أن يقدم تقريرًا عن تنفيذ هذا القرار في غضون 100 يوم عمل من اتخاذه، وأن يقوم سنويًا كذلك بتقديم تقرير عن أنشطة المؤسسة المستقلة.
مناصرة وإحياء الملف.. النظام سيعرقل
مؤسس ومنسق “رابطة معتقلي ومفقودي صيدنايا”، دياب سرية، قال لعنب بلدي، إنه لا يوجد أي آلية تلزم النظام بالاستجابة إلى المؤسسة، وهذا أول التحديات أمام هذا المسار منذ سنوات، كما أن النظام رفضها جملة وتفصيلًا، ووجه لها اتهامات بالعمالة والتدخل بالشؤون الداخلية.
ووصف مندوب النظام السوري الدائم لدى الأمم المتحدة، بسام صباغ، المؤسسة بأنها “مسيسة”، معتبرًا أن النظام لم يكن طرفًا في أي من هذه المناقشات التي جرت، ولم تتم دعوته إليها، ولم يتم التشاور معه بشأن إنشاء هذه المؤسسة.
واعتبر سرية، أن وجود المؤسسة خارج الجغرافيا السورية، لن يساعد في تقديم جديد أو إجابات شافية وسريعة في هذا الملف أكثر مما تقدمه منظمات المجتمع المدني في ظل الوضع الحالي، وحالة الانسداد السياسي في سوريا.
ويرى سرية، أن الفائدة من هذه المؤسسة، هي وجود نوع من الاعتراف الدولي بوجود أزمة مختفين قسرًا بسوريا، والتي يلزمها تظافر الجهود الدولية لحلها، وأن تبقى القضية حية سواء عبر المناصرة أو في المحافل الدولية.
وأضاف سرية، أن السوريين يريدون الإفراج العاجل عن المعتقلين، وهي أحد النقاط الغائبة عن آلية عمل المؤسسة، ومن الممكن أن تكون خلافية مستقبلًا، وفي الغالب ستبحث المؤسسة عن المفقودين، وربما يكونوا قد توفوا في السجون ويرفض النظام تسليم جثثهم.
رحبت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” بقرار الجمعية العامة، وقالت في بيان، إنها تعتقد بأهمية دور وعمل الآلية المشكلة حديثًا، وإن لديها الكثير لتعمل عليه، ولتدعم وتناصر ملف المفقودين في سوريا، ولتضعه كملف أساسي ضمن أجندة جميع الدول كقضية مركزية تمس الملايين من الشعب السوري.
وحذّرت “الشبكة” من خطورة رفع سقف التوقعات من المؤسسة على أهالي المفقودين والمختفين قسريًا، مضيفة أنه “يجب علينا أن نشير إلى المهام التي بإمكانها القيام بها والمهام التي لا يمكنها أن تقوم بها معا، وألاّ يتم التركيز فقط على ما يمكنها القيام به”.
وذكرت “الشبكة”، أن المؤسسة ستحشد دون شك الجهود الحقوقية السورية والدولية لدعم ملف المفقودين، وربما تتمكن من بناء قاعدة بيانات مركزية، وسوف تشكل منصة يمكن لعشرات الآلاف من أهالي المفقودين التواصل معها، لكن دورها لن يكون الإفراج عن المعتقلين تعسفيًا.
وأشارت “الشبكة” إلى أنها تعتقد، بشكل جازم، أن النظام السوري وبقية أطراف النزاع لن يتعاونوا مع المؤسسة، مما يعقد من مهامها في الكشف عن مصير المفقودين، كما أن ولايتها لن تنص على محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
ويأتي إنشاء المؤسسة في وقت لا يزال فيه قرابة 122 ألف مختفٍ قسريًا، قرابة 86% منهم لدى قوات النظام السوري، وفق إحصائية “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“.