احتجاجات فرنسا تدخل يومها الثالث بعد مقتل فتى على يد شرطي
يشهد عدد من المدن الفرنسة الكبرى اضطرابات وأعمال شغب لليوم الثالث على التوالي، بينما لا تزال السلطات تحاول احتواء الأزمة التي وصفتها وسائل إعلام بـ”المتصاعدة” بعد إطلاق ضابط شرطة النار على فتى قاصر من أصل جزائري.
وقالت وكالة “رويترز” للأنباء، الخميس 29 من حزيران، إن 40 ألف ضابط شرطة نشرتهم السلطات في جميع أنحاء فرنسا، وهو ما يقرب من أربعة أضعاف العدد الذي حشدته في اليوم الذي سبقه.
في حي نانتير الفرنسي حيث تسكن الطبقة العاملة بالضواحي الغربية لمدينة باريس، قُتل الفتى ناهيل البالغ من العمر 17 عامًا برصاص عنصر شرطة، في 27 من حزيران الحالي، وكرد فعل على الواقعة، أضرم متظاهرون النار في سيارات وحافلات تتبع لبلديات بعض المدن.
وتطورت الاحتجاجات لاحقًا إلى أعمال شغب شملت هجمات على عناصر الشرطة، ألقى خلالها المحتجون “مقذوفات” على الشرطة بعد وقفة احتجاجية سلمية، بحسب “رويترز”.
وكتب المتظاهرون عبارة “الانتقام لناهيل” في شوارع المدن، ومع حلول الليل، أُضرمت النيران في أحد البنوك قبل أن يقوم رجال الإطفاء بإخمادها، في حين نشرت السلطات وحدة شرطة خاصة ترافقها عربة مصفحة.
وبحسب وكالة “رويترز”، فإن الحادث أدى إلى تغذية شكاوى طويلة الأمد من “عنف الشرطة، والعنصرية المنهجية داخل وكالات إنفاذ القانون من الجماعات الحقوقية وداخل الضواحي ذات الدخل المنخفض والمختلطة عرقيًا حول المدن الرئيسة في فرنسا”.
وحول الشرطي المسؤول عن مقتل الفتى، قال المدعي العام المحلي، إن الضابط خضع لتحقيق رسمي في “جريمة قتل طوعي”، وسيوضع في السجن رهن الاعتقال الوقائي، بحسب “رويترز”.
إجراءات لا تمنع التصعيد
صباح اليوم، الجمعة 30 من حزيران، قالت صحيفة “lemonde” الفرنسية، إن تعبئة السلطات لـ40 ألفًا من رجال الشرطة والدرك لم توقف امتداد العنف إلى المدن الفرنسية، إذ وصل خلال الليلة الماضية إلى جميع أنحاء البلاد، واستُهدفت خلاله الشركات ومراكز الشرطة.
وأضافت الصحيفة أن المحتجين حطموا صرّافات البنوك، واقتحموا المطاعم والصيدليات وصالونات الحلاقة، ونهبوا مركز المالية العامة، ومتاجر التبغ ومحطات الوقود.
وتخلل أعمال العنف إحراق أعداد “لا تعد ولا تحصى” من السيارات في حي بابلو بيكاسو، بحسب الصحيفة، إذ وصفت الحي بـ”مركز غضب نانتير”.
وحذر مسؤولون من اندلاع دائرة جديدة محتملة من العنف، بحسب الصحيفة الفرنسية، إذ أرسلت الشرطة تعزيزات من قوات مكافحة شغب إضافية إلى نانتير.
وقال مصدر في الشرطة لصحيفة “lemonde” نقلًا عن مذكرة استخباراتية، إن السلطات توقعت عنفًا “واسع النطاق” في الليالي المقبلة.
وصف مراسل صحيفة “El Mundo” الفرنسية في باريس البلاد بأنها صارت “خارجة عن السيطرة”، عقب موجة الاحتجاجات الأحدث.
وقالت الصحيفة، “في الضواحي الفرنسية الهامشية التي غالبًا ما تكون مهجورة، يتكاثر السخط، ويفشل نموذج الاندماج، إذ يعتبر معظم سكان هذه الأحياء فرنسيين من أصل أجنبي، ولدوا في فرنسا التي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية، إنهم لا يثقون بالشرطة التي لا تثق بهم”.
ما قصة مقتل الفتى؟
قناة “فرانس 24” قالت خلال تغطيتها لأحداث مقتل الفتى الفرنسي، إنه قُتل خلال محاولته التهرب من الشرطة التي كانت تحاول تحرير مخالفة مرورية له.
وأظهر تسجيل مصوّر، تحققت منه “فرانس برس”، عنصرَي شرطة يقفان بجانب سيارة يقودها الفتى، ويوجه أحدهما سلاحه نحوه.
وأضافت القناة الفرنسية أن التسجيل يظهر عبارة وجهها الشرطي للفتى قائلًا: “ستصاب برصاصة في الرأس”، ثم يبدو أن ضابط الشرطة أطلق النار بينما كانت السيارة تنطلق فجأة.
وقال محامي الضابط، لوران فرانك لينارد، “كانت أولى الكلمات التي قالها ضابط الشرطة هي آسف، وأراد توجيه اعتذاره لعائلة الفتى”.
ويعتبر عنف الشرطة الفرنسية “أمرًا شائعًا” إلى جانب التمييز العنصري والديني، لا سيما في الأحياء الفقيرة كتلك التي كان يعيش فيها ناهيل، حيث يعاني عديد من السكان الفقر إلى جانب التمييز العنصري وغيره من أشكال التمييز، بحسب “فرانس 24“.
عنف الشرطة الفرنسية يتصاعد
لم يكن مقتل ناهيل برصاص شرطي فرنسي الحادثة الأولى من نوعها، إذ تتزايد حوادث إطلاق النار المميتة من قبل ضباط الشرطة في فرنسا، بينما تقول الشرطة إن السبب في ذلك هو عدم الامتثال لأوامر الضباط، والسلوك الخطير للناس، بحسب “فرانس 24” الفرنسية.
وذكرت الشرطة في الساعات الأولى للحادثة أن أحد الضباط استخدم سلاحه الناري لأن ناهيل كان يقود سيارته نحوه، لكن تسجيلًا مصورًا للحادث على وسائل التواصل الاجتماعي أظهر أن الأمر لم يكن كذلك، إذ كان عنصر الشرطة متكئًا على نافذة السيارة ومشهرًا سلاحه عندما تحركت السيارة.
ويعتبر هذا الحادث هو الثالث من نوعه في فرنسا هذا العام، بحسب القناة الفرنسية.
وفي عام 2022، قُتل 13 شخصًا على يد الشرطة لفشلهم في التوقف والامتثال لأوامر ضباط في الشرطة الفرنسية، وهو أكثر بستة أضعاف مما كان عليه في 2021.
أجرى باحثون فرنسيون دراسة لفهم الارتفاع المفاجئ في حوادث إطلاق النار المميتة من قبل الشرطة، ووجدوا أن خمسة أضعاف عدد الأشخاص الذين كانوا في السيارات قد تعرضوا لإطلاق نار بعد تطبيق قانون “مكافحة الإرهاب”.
وزادت حالات عدم الامتثال لأوامر الشرطة بنحو 35% منذ عام 2017، وبحسب صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، يرى الباحثون الفرنسيون أن قانون “مكافحة الإرهاب” الذي صدر عام 2017 عرّض حياة المواطنين لخطر أكبر من قبل الشرطة.
قبل سن القانون، كان ضباط الشرطة في فرنسا حالهم حال جميع المواطنين، خاضعين لمبادئ الدفاع عن النفس، بإمكانهم الرد “بشكل متناسب” على هجوم “حقيقي”، بحسب الصحيفة.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :