رغم تكاليف التنقل والحواجز الأمنية
الأسواق الشعبية تعود إلى درعا بعد انقطاع لسنوات
درعا – حليم محمد
أعاد مجلس مدينة طفس بريف درعا الغربي العمل في سوق “الاثنين” الشعبية بعد مرور عشر سنوات على إغلاقها لأسباب أمنية.
ومع تزايد هجمات النظام على المنطقة عام 2012 أُغلقت السوق، نظرًا إلى حالات القصف المتكررة التي كانت تستهدف تجمعات المدنيين حينها، بحسب وجهاء من المنطقة قابلتهم عنب بلدي.
ورغم عودة السوق إلى العمل حاليًا، لم يكن الإقبال عليها كما كان سابقًا، جراء الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعانيه درعا وبقية المحافظات السورية.
تتوزع الأسواق الشعبية على مدار أيام الأسبوع بمناطق مختلفة في محافظة درعا، أشهرها سوق “الجمعة” في مدينة نوى، إلى جانب سوق “السبت” المخصص للمواشي في بلدة المزيريب.
يضاف إلى ذلك سوق “الثلاثاء” المخصص للطيور، وسوق “الاثنين” في مدينة الشيخ مسكين، وسوق “الخميس” في مدينة جاسم.
وتتنوع البضائع المعروضة في هذه الأسواق من الملابس، والأحذية، والمنظفات، والأدوات المنزلية، والألبان والأجبان، والطيور، وغيرها من المنتجات المحلية كدبس البندورة والمربيات.
ملاذ الفقراء
لطالما تميزت الأسواق الشعبية بمحافظة درعا وعموم سوريا بانخفاض الأسعار فيها مقارنة بالأسواق العادية، لكن في الوقت نفسه، تعتبر البضائع فيها ذات جودة متدنية، وهو ما لا يشكّل عائقًا بالنسبة لبعض السكان، ممن يفضّلون السعر المنخفض على الجودة.
وترجع تفضيلات السكان المتعلقة بالأسعار المنخفضة إلى الوضع الاقتصادي المتردي الذي وصل إليه أبناء درعا اليوم، مع مرور سنوات على الحرب التي لم تنتهِ بسيطرة النظام على المنطقة عام 2018.
سلام (30 عامًا)، سيدة من سكان مدينة طفس، قالت لعنب بلدي، إن الأسعار متدنية في السوق الشعبية مقارنة بأسعار المحال التجارية، وإنها من بين النساء اللواتي يفضّلن التسوق من هذه الأسواق.
أشارت سلام إلى أنها اشترت مؤخرًا ملابس لأبنائها الثلاثة من سوق “الاثنين” الشعبية، وهي تنتظر يوم الاثنين المقبل لتكرر زيارة السوق نفسه، وتشتري بعض حاجياتها بسعر منخفض مقارنة بأسعار المحال التجارية.
وترتفع عادة الأسعار في أسواق المحال التجارية، خصوصًا في موسم الأعياد، إذ لا يقل سعر قطعة الملابس الواحدة عن 100 ألف ليرة سورية، بحسب ما قالته السيدة لعنب بلدي.
حاولت سلام تقديم تصور عن الأسعار في الأسواق الشعبية، إذ قالت إنها عثرت على “بسطة” ألبسة يبلغ سعر قطعة الملابس فيها بين 20 ألفًا و50 ألف ليرة سورية.
بدوره، قال أنس، وهو من سكان ريف درعا الغربي، لعنب بلدي، إنه يجد في السوق الشعبية ملاذًا له، نظرًا إلى الفرق الكبير في الأسعار.
وأكد أنس أنه عامل مياومة، لا يملك ترف شراء احتياجاته بأسعارها الاعتيادية من المحال التجارية.
بحسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لشؤون المساعدات الإنسانية (أوتشا) الصادر في 1 من أيار الماضي، بلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية 15.3 مليون شخص، بزيادة نسبتها 5% على عام 2022.
تكاليف قليلة.. أسعار منخفضة
أرجع محمد ذو الـ25 عامًا، وهو يدير “بسطة” لبيع الألبسة في السوق الشعبية بمدينة طفس، أسباب انخفاض الأسعار في السوق إلى انخفاض تكاليف تحضيرها للبيع بالنسبة له.
وقال لعنب بلدي، إنه يشتري بضاعته من محال الجملة، بأسعار منخفضة، حال كحال أصحاب المحال التجارية في الأسواق العادية، ويجني منها هوامش ربح أيضًا، لكن عدم وجود مصاريف محل تجاري تزيد من هامش الربح، وتقلل المصاريف لديه، ما يجعل من زيادة الأسعار أمرًا لا داعي له.
وأضاف أن التجار يحمّلون على البضائع أجرة المحل التجاري، وتكاليف الكهرباء وأجرة العمال في بعض الأحيان، ما يجعل من هامش الربح لدى تاجر “البسطة” في السوق أكبر.
وتقتصر تكاليف العمل بالنسبة لمحمد على أجور النقل من المنزل إلى السوق يوم الاثنين من كل أسبوع، إلى جانب 2000 ليرة سورية، يدفعها حاله كحال كل تجار السوق لمجلس البلدية كرسوم شهرية.
أسواق شعبية في منطقة “مقطعة الأوصال”
لم يعتبر جميع سكان المنطقة إعادة افتتاح السوق الشعبية مؤشرًا إيجابيًا، إذ يرى بعضهم أن الأسواق لن تشهد إقبالًا كبيرًا كما كانت الحال قبل إغلاقها عام 2012.
مالك (35 عامًا) وهو من سكان مدينة نوى بريف درعا الغربي، ذكر أن عمل الأسواق الشعبية في المنطقة لا يعتبر ذا أهمية بعد توقفه لعدة سنوات، خصوصًا أن ريف المحافظة الغربي قُطعت أوصاله بالحواجز الأمنية التابعة للنظام السوري.
وأضاف أن الحواجز تفرض إتاوات على السكان وتعرضهم لخطر الاعتقال، يضاف إلى ذلك ارتفاع أجور النقل بين مناطق الريف العربي الذي يعتبر سببًا في إحجام السكان عن زيارة السوق.
وكان سكان الريف الغربي يرتادون أسواق المنطقة بسبب انخفاض الأسعار فيها مقارنة بالمحال التجارية، وهو ما لا يمكن رؤيته اليوم، بحسب مالك، نظرًا إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في المحافظة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :