“لا تقولي إنك خائفة أبدًا، يا صغيرتي سامية، أبدًا، وإلا تعاظم ما تخافينه دائمًا حتى يهزمك”.
بهذه الكلمات، دفع والد سامية ابنته نحو تحقيق حلمها، فكان الدافع الأكبر لعدم استسلامها، على الرغم من كل الصعوبات التي واجهتها من أول يوم قررت به التمسك بحلمها وصولًا إلى قرارها بعبور البحر.
يروي الكاتب الإيطالي جوزبه كاتوتسيلا السيرة الذاتية للعداءة الصومالية سامية عمر التي ولدت في 25 من آذار 1991، بالعاصمة الصومالية مقديشو، وكان حلمها أن تصبح بطلة أولمبية.
يبدأ الكاتب بتسليط الضوء على حياة سامية، منذ كان عمرها ثماني سنوات في مقديشو.
بدأت حكاية سامية مع الركض منذ نعومة أظفارها، إذ كانت سريعة جدًا بسبب نحافتها أو سوء تغذيتها، وكانت تقطع شوارع مقديشو ركضًا دون توقف أو ملل مع مدربها الخاص علي ابن الجيران، الذي كان في مثل عمرها، وتعاهدا على أن يصبحا أخوين.
مسيرة سامية لم تكن سهلة أبدًا، إذ اشتدت الحرب الأهلية في الصومال، وأثرت في حياتها كجميع من في البلاد، وفرضت عليها قوانين لا تناسب حلمها بأن تصبح بطلة أولمبية، ولكنها لم تستسلم، ومثلت بلدها في أولمبياد بكين 2008، بلا أي إمكانيات من تدريب جيد أو تغذية سليمة، وحتى بلا أي ملابس مناسبة للركض، ولفتت أنظار الصحافة إلى البلد المهمش ورفعت علمه.
تحدت سامية كل الصعوبات التي واجهتها في حياتها، فقد حصلت على عديد من الجوائز والألقاب المحلية، وسعت لتحقيق حلمها بعيدًا عن صوت قصف المدافع ورصاص الاشتباكات.
لم تكن سامية تعلم ما ينتظرها عندما قررت التوجه من بلدها الفقير الذي يعاني الحروب نحو “بلاد الأحلام” لتحقيق حلمها.
يصوّر لنا الكاتب عزيمة الطفلة ذات الحجم الضئيل التي قطعت الصحراء رغم كل الصعوبات التي واجهتها، وقررت عبور البحر لتخوض رحلة تُصنف ضمن أصعب الرحلات التي يمكن أن يخوضها مهاجر.
استند الكاتب إلى رواية أختها، هودن، لسرد قصتها بكل تفاصيلها المؤلمة حينًا والمحفذة أحيانًا أخرى، والتي سبقتها لعبور الصحراء والبحر وصولًا إلى أوروبا لتسهم في إيصال قصة سامية إلى أكبر عدد ممكن من الناس.
الرواية التي تقع في 261 صفحة، نشرتها دار النشر الإيطالية “فلترينيللي” عام 2014، وحصلت على عديد من الجوائز في إيطاليا وعلى مستوى العالم، كجائزة “كارلو ليفي”، وبيع منها أكثر من 500 ألف نسخة حول العالم، ترجمها للغة العربية معاوية عبد المجيد عام 2019.
جوزبه كاتوتسيلا، كاتب إيطالي ولد في ميلانو عام 1976، درس الفلسفة وأنجز أطروحة بعنوان “العقلانية في فكر نيتشه”، ودخلت روايته “لا تقولي إنك خائفة” قوائم الأكثر مبيعًا.