نحو واجهات جديدة.. ما مصير شركات “فاغنر” في سوريا
بعد أن أصبح قائد مجموعة “فاغنر” الروسية، يفغيني بريغوجين، في بيلاروسيا، وفق اتفاق بوساطة رئيسها أنهى تمرد المجموعة على الجيش الروسي، وحلّ “فاغنر” ككيان، وتحويلها إلى أفراد يمكنهم التعاقد مع الجيش الروسي، يبقى مصير استثماراتها في سوريا غير واضح.
وفي 24 من حزيران الحالي، انتهى تمرد المجموعة حين أعلنت بيلاروسيا، عن اتفاق برعاية الرئيس البيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو، بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وبريغوجين، لإنهاء التوتر بين الطرفين.
وشمل الاتفاق الذي نشره “الكرملين” خمسة بنود، تحدث أولها عن إمكانية انضمام بعض أفراد “فاغنر” ممن رفضوا المشاركة بحملة التمرد إلى الجيش الروسي بعقود مع وزارة الدفاع.
كما شمل الاتفاق عدم خضوع أي فرد من المجموعة لأي ملاحقة قانونية، فيما تضمّن البند الثالث عودة “فاغنر” إلى معسكراتها.
وتشابه البند الرابع مع الأول، وتحدث عن عقود للأفراد غير الراغبين بالعودة إلى معسكرات “فاغنر” مع وزارة الدفاع.
فيما شمل البند الخامس إغلاق القضية، ومغادرة بريغوجين إلى بيلاروسيا دون أي ملاحقة قانونية.
ولم يدم تمرد المجموعة سريعًا، الذي بدأ مساء الجمعة 23 من حزيران، حين أعلن بريغوجين سيطرت قواته على المطار والمنشآت العسكرية في مدينة روستوف، المحاذية للحدود مع أوكرانيا، مهددًا بالتوجه نحو العاصمة الروسية.
كما وجه بريغوجين انتقادات حادة إلى قادة الجيش الروسي، متهمًا إياهم بشن هجوم صاروخي “مميت” على قواته في أوكرانيا، كسبب قدمه لبدء التمرد.
وكان بريغوجين قد اتهم وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان منذ شهور بعدم الكفاءة وحرمان “فاغنر” من ذخيرة ودعمها في معاركها في أوكرانيا.
“فاغنر” في سوريا
سيطر موقف ضبابي على المشهد في سوريا، إذ على غير العادة لم يصدر أي بيان يدين “فاغنر” ويقف مع الحكومة الروسية، من قبل حكومة النظام السوري، بالرغم من تبيان عدة دول موقفها من هذه الأحداث.
وسافر نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي فيرشينين، إلى دمشق في 26 من حزيران الحالي، لحث رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على منع مقاتلي “فاغنر” من مغادرة سوريا دون إشراف موسكو ، حسبما قال أشخاص مطلعون على اللقاء الذي دار بينهما، لصحيفة “وول ستريت جورنال“، في تقريرها الصادر في 28 من حزيران.
وذكر بيان صادر عن حساب “رئاسة الجمهورية” في “فيس بوك” ذات اليوم بشأن الاجتماع، أن الأسد التقى مع فيرشينين، وأجريا مباحثات سياسية تناولت العلاقات بين سوريا وروسيا والتنسيق بينهما لا سيما في “ضوء الأحداث الأخيرة”.
وقال شخصان مطلعان للصحيفة الأمريكية، إن مقاتلي “فاغنر”، الذين عملوا بشكل مستقل إلى حد كبير في سوريا، تلقوا أوامر في اليوم التالي للقاء الأسد بنائب وزير الخارجية الروسي، بالذهاب إلى قاعدة “حميميم” في مدينة اللاذقية، التابعة لوزارة الدفاع الروسية، وأنهم امتثلوا لتلك التوجيهات.
وتملك “فاغنر” استثمارات بقطاعات النفط والغاز بسوريا، وذلك عن طريق صلة قائد “فاغنر” بشركتي “ميركوري” و”فيلادا”، اللتين حصلتا على عقود تنقيب عن النفط في سوريا، عبر مرسوم رئاسي نهاية العام 2019.
وحصلت الشركتان على حقول التنقيب في مواقع بالمنطقة الشرقية، وفي المنطقة الوسطى شمال العاصمة دمشق.
ووفق صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية المستقلة، فإن الشركتين تعودان لبريغوجين، ووفق تقرير لها نشر مطلع العام 2020، فإن شركات بريغوجين كانت تحصد حوالي 20 مليون دولار شهريًا في سوريا، خلال العام 2018.
وعرفت “فاغنر” في سوريا، بأدوارها في استعادة حقول النفط والغاز من مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية”، بين عامي 2016 و2018، وتولت لاحقًا، مهام تأمين تلك الحقول، خاصة في ريف دير الزور، إلى جانب تأمين حقول الفوسفات في البادية السورية.
وفي عام 2018، وقّعت المؤسسة العامة للنفط السورية مع شركة “إيفروبوليس” الروسية، عقدًا يقضي بحصول الشركة على ما نسبته 25% من أرباح حقول النفط التي يتم استعادتها من التنظيم، وقد تأسست الشركة قبل أشهر فقط من توقيع العقد، كواجهة لنشاط “فاغنر” الاستثماري، بحسب وثائقي لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وفي عام 2021، صادق الأسد، على اتفاق مبرم مع شركة “كابيتال” الروسية، منحها حق التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط.
وجرى اكتشاف صلات بين “كابيتال” وبين “إيفروبوليس” التابعة لـ “فاغنر”، إذ اتضح أن المدير العام للأولى، مُدرج بوصفه كبير الجيولوجيين في الثانية، وتداخلات أخرى في هيكلية الشركتين، وفق تقرير لصحيفة “فورين بوليسي“، صدر في أيار 2021.
وبحسب تقرير مجلة “نيولاينز” الأمريكية، في نيسان 2022، فإن روسيا قدمت قرضين إجماليهما مليار دولار إلى النظام السوري بشرط السداد لشركات روسية محددة، منها شركة “إيفروبوليس” التابعة لـ “فاغنر”.
ما مصير الشركات والقروض؟
بعد حلّ “فاغنر” لا يزال مصير الشركات الروسية، التي تعد واجهة للمجموعة، غير معلوم، فيما يرى مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، والدكتور في الاقتصاد، كرم شعار، أن مصير المجموعة للزوال في سوريا، بسبب تمرد بريغوجين على بوتين، وهو ما لا يمكن غفرانه من قبل الأخير، بالرغم من الاتفاق المزعوم بواسطة بيلاروسيا.
وقال شعار لعنب بلدي، حول مصير شركات “فاغنر” في سوريا، إنه يعتقد أن بريغوجين سيجبر على نقل الملكية لأسماء أخرى، بعدما كان بوتين يعتبر نفسه شريكًا له في هذه الشركات بسوريا، وأن بريغوجين كان واجهة للشركات، في حين سيأخذ مكانه حاليًا واجهة أخرى بعد تمرده.
وحول القروض المتعهد سدادها لشركات “فاغنر” في سوريا، قال الدكتور في الاقتصاد، إن النظام سيبقى مسؤولًا عن سداد هذه القروض، للواجهة الجديدة التي سترتبط ببوتين، وذلك لأن الرئيس الروسي مستفيد أيضًا من هذه القروض، وهو السبب الأول لحصول شركات “فاغنر” على عقود بشروط “قاسية” على حكومة النظام السوري، لصالح هذه الشركات.
ونفت قناة “روسيا اليوم” الروسية، في 27 من حزيران الحالي، وجود أي نشاط لمجموعة “فاغنر” في سوريا، ونقلت عن مصادر رسمية في النظام السوري أن “في سوريا نشاطًا لشركات ذات طابع اقتصادي بحت مثل (روس ستروي غاز)، وقطعًا عسكرية تتخذ من مطار حميميم قاعدة لها، لكن ليس هناك من تواجد لعناصر أو هيئات تابعة (لفاغنر)”.
وأضافت أن تحقيقات جرت داخل قاعدة “حميميم” مع عناصر كانت على “صلة ارتباط” مع “فاغنر” سابقًا، لكنها أكدت أن الأمر كله “لم يتعد كونه إجراء احترازيًا”.
وبعد أن نفت لسنوات أي ارتباط مع “فاغنر”، تحاول روسيا الاستيلاء على أملاك ونشاط المجموعة عبر إدارة جديدة.
ووفقًا لمسؤولين غربيين في تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن شركات “فاغنر” تدر مئات الملايين من الدولارات سنويًا في إفريقيا، وهي مصدر أساسي للتمويل ونفوذ روسيا في القارة وتمويل العمليات في أوكرانيا.
وقال هؤلاء المسؤولون إن مصادر دخل المجموعة تشمل صادرات الذهب السوداني إلى روسيا، وكذلك الماس من جمهورية إفريقيا الوسطى إلى الإمارات، والأخشاب إلى باكستان.
وعملت لسنوات مجموعة “فاغنر” كقوة أمنية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، عبر أكثر من 30 ألف مقاتل موظف لديها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :