أصدرت وزارة الإدارة المحلية التابعة لحكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب وأجزاء من ريف حلب، مطلع حزيران الحالي، قرارًا يقضي بإسناد مهمة إصدار تراخيص البناء إلى البلديات في المنطقة، بدلًا من المجالس المحلية، اعتبارًا من مطلع 2024 المقبل.
وتضمن القرار الذي لم تنشره الحكومة على معرفاتها الرسمية، وعلمت به عنب بلدي، ضرورة التحول من نظام المجالس المحلية المعمول به في مناطق سيطرتها، لإدارة المدن والقرى، إلى نظام البلديات لإدارة المناطق.
وتنتشر في الشمال السوري بلديات في المناطق الكبرى، لكن للمجالس المحلية مهام وصلاحيات أكبر مقارنة بالبلديات، منها ما يسمى بـ”ضابطة البناء” والتي تعنى بمنح التراخيص ومراقبة الأبنية، ومتابعة العقارات، وشبكات الصرف الصحي والماء و الكهرباء، و العناية بالحدائق، وهي المهام التي ستكون من اختصاص عمل البلديات العام المقبل.
لضبط التجاوزات
مستشار وزير الإدارة المحلية، سعيد الأشقر، تحدث في لقاء مع عنب بلدي، عن أسباب الانتقال من نظام المجالس المحلية لنظام البلديات، مبررًا ذلك بعدم الالتزام بالشروط الفنية لنيل تراخيص البناء لجميع المباني السكينة أو المنشآت الصناعية، وهو ما ظهر واضحًا في حادثة الزلزال، وفق قوله.
وبحسب المستشار، كان لابد من اتخاذ إجراءات لتوحيد القرار الفني، عبر إحداث بلديات في المناطق، كون المجالس المحلية لم تكن ملتزمة بموضوع المخططات التنظيمية، ونظام الضابطة والشروط الفنية التي تتطلب تطبيق “الكود السوري” على جميع الأبنية المراد إنشاؤها في المنطقة المحررة.
وأوضح سعيد الأشقر، أن مهام المجالس المحلية ستقتصر على الدور الاجتماعي، ووضع الجهات المختصة من إدارات المناطق في صورة المشاكل والحلول المقترحة على مستوى الحيز الجغرافي الخاص بالمجلس المحلي، وذلك لحين تنظيم انتخابات الإدارة المحلية في بداية عام 2024.
وأشار الأشقر إلى أنه سيتم إحداث “المجلس البلدي” الذي سيعنى برقابة القرار الفني الصادر عن البلديات، إضافة لاقتراح المشاريع، وسيكون ارتباطه بشكل مباشر مع المناطق.
رئيس بلدية سرمدا، المهندس مصطفى الديبو، يرى أن للانتقال لنظام البلديات أهمية، إذ سيؤدي لتوحيد القرار الفني بالنسبة لمنح التراخيص والتسويات والمخالفات التي تم التجاوز عنها في السنوات الماضية، وتطبيق كود “البناء السوري” وفق آلية هندسية تتبع للإدارة المحلية مباشرة، بعيدًا عن التدخلات الاجتماعية التي كانت تحدث في السنوات السابقة.
انتخابات مقبلة
قال مستشار وزير الإدارة المحلية في حكومة “الإنقاذ”، سعيد الأشقر، إن المجالس المحلية هي أجسام اجتماعية الإبقاء عليها ضرورة ملحة وسيتم تعزيز دورها اجتماعيًا، مضيفًا أنه مطلع العام المقبل سيجري انتخاب أعضاء المجالس المحلية بحسب المساحة الإدارية لكل منطقة، وحسب تعداد السكان، ثم سيتم تعيين رئيس المجلس المحلي في المنطقة الموجود فيها.
وأضاف الأشقر، أن المجلس المحلي سيكون هو الهيئة الناخبة لاختيار المجلس البلدي، وفق معايير محددة تتعلق بالحيز الجغرافي وأهمية المساحة الجغرافية، إضافة لعدد السكان.
وبحسب المستشار، سيتم تعيين رئيس البلدية من قبل وزارة الإدارة المحلية، بسبب ضرورة وجود شروط محددة في رئيس البلدية، مثل الخبرة الهندسية والفنية.
البلديات ودورها
الحائز على ماجستير في الإدارة المحلية من المعهد العالي للعلوم الإدارية، محمود مسلّم، قال لعنب بلدي، إن البلديات جزء رئيسي من الإدارة المحلية في الدولة، تظهر أهميتها بسبب تقديم الخدمات للمجتمع، وتنميته من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، وتقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في إدارة المناطق.
وأضاف محمود مسلّم، أن من أبرز مهام البلديات، مراقبة إنشاء الأبنية ومدى التزام المتعهدين بالشروط الفنية والهندسية الموضوعة من قبل مختصين، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الفنية وتعبيد الطرقات وصيانتها، وصيانة البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي، وتقديم التصاريح للمشاريع التجارية والصناعية.
المجالس المحلية.. الحاجة والمعوقات
أحد أعضاء مجلس درعا المحلي سابقًا، منصور جمعات، قال لعنب بلدي، إن المجالس المحلية ساعدت في سد فراغ غياب الدولة في المناطق التي تحررت من النظام من خلال ما قدمته من خدمات مدنية لأكبر قدر ممكن من الأهالي، وفق قوله.
وبحسب منصور، عززت المجالس المحلية الوعي بالعمل المدني والمشاركة الشعبية والعمل السياسي بشكل مصغر، عبر انتخابات المجالس المحلية، وتطوير آليات الانتخاب، وكونها الصلة المباشرة بين الأهالي وإدارة المناطق، وتواصلها المحلي والخارجي، والاعتراف بها رغم انتشار السلاح والقصف الجوي الذي عانته المناطق المحررة.
ولا يقف دور المجالس المحلية عند حد الإدارة المدنية للمناطق، بل لعبت دورًا فاعلًا في تنظيم نشاطات المجتمع المدني، وما يتعلق بالأسرة والمرأة والطفل، وحتى الأنشطة الأدبية والثقافية وتوعية المجتمع في مختلف المجالات، على حد قول منصور لعنب بلدي.
ويرى منصور بأنه رغم الدور المهم الذي تلعبه المجالس المحلية، إلا أن الوصول للمجلس عن طريق الانتخاب قد لا يؤدي لوصول الخبرات المطلوبة للقيام بالواجبات الفنية المنوطة بالمجالس المحلية، لذلك عانت المجالس المحلية من نقص الخبرة المطلوبة في أداء الواجبات.
وأضاف منصور، أن أغلب أعضاء المجالس المحلية في الشمال السوري لم يقوموا بمثل هذه الأعمال سابقًا، كما أن ضعف التمويل والميزانية المالية أجبر الكثير على عدم التفرغ لأعمال المجلس بحثًا عن لقمة العيش، مشيرًا إلى ضرورة توافر خبرات فنية معينة في أعضاء المجالس المحلية وميزانية مالية خاصة للقيام بأعباء المجلس، وفق تعبيره.