صواريخ الأسد لا تراعي حرمتها
داريا.. مدينة الـ 40 مسجدًا تفتقد مآذنها
لم تعد المساجد الـ 40 في مدينة داريا آمنة ليقيم بها أهل المدينة شعائرهم، ولم تبقى مآذنها واقفة لتنادي بالأذان الذي اعتادته المدينة خلال السنوات السابقة، إذ دمرت آلة النظام العسكرية وصواريخه المتفجرة معظم تلك المساجد بشكل كاملٍ أو جزئي.
لمحة تاريخية
شهدت مدينة داريا نشاطًا كبيرًا في حركة بناء المساجد منذ عام 2003، وافتتحت عدة مساجد ومعاهد لتحفيظ القران، ليصل عددها لـ 40، يعتبر 10 منها قديمًا وأثريًا، بحسب محمد أبو عمرو، عضو قسم التوثيق في المكتب الإعلامي التابع للمجلس المحلي، بالإضافة إلى كنيستين تقعان في القطاع الأوسط من المدينة.
وتشتهر مساجد داريا بأسماء عددٍ من الصحابة كبلال بن رباح، عمر بن الخطاب، أنس بن مالك، العباس وعثمان بن عفان، بالإضافة إلى جامع داريا الكبير.
وتخرج منها عدد كبيرٌ من حفظة القرآن وطلبة العلم، وضمت معاهد خطابة وإمامة، وأخرى تعليمية لطلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية. وكانت المكان الروحي الذي يقصده معظم كبار العمر والشباب نظرًا لبيئتهم المحافظة، ثم أصبحت مهد انطلاق المظاهرات المنادية بالكرامة والديمقراطية والحرية السياسية، في آذار 2013.
تدمير ممنهج، ومجازر بحق أهلها
”باتت مساجد المدينة نقطة استهداف للنظام منذ بداية الثورة السورية، بهدف قمع المظاهرات، ثم تحولت إلى هدفٍ تستهدفه الصواريخ المدفعية والغارات الجوية، ما أدى إلى دمار معظمها وحتى الأثرية منها”، بحسب أبو عماد، رئيس المجلس المحلي للمدينة، مشيرًا إلى ارتكاب النظام جرائم بحق مصليها “كان النظام يتعمد استهداف المساجد أثناء أداء الصلاة ما أدى إلى وقوع عدد كبيرٍ من الضحايا في صفوف المصلين”.
و”انتقامًا من أهل المدينة لوقوفهم ضد نظام الأسد، ارتكبت ميليشياته مجزرة جماعية في مسجد أبو سليمان الداراني بحق أهالي المدينة الذين لجأوا إليه خشية القصف، أثناء المجزرة الكبرى في آب 2012، مدنسين قدسية المكان.
ويقول محمد، وهو من أبناء المدينة الشهود على المجزرة، إن “الجامع كان يحمل اسم العائلة الحاكمة (معهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم)، لكن ذلك لا يعني شيئًا للشبيحة الذين اقتحموه، إن لم تردعهم حرمة بيت الله”.
نتيجة قصف أحياء المدينة بأكثر من ستة آلاف برميل متفجر وآلاف القذائف الأخرى والمعارك المستمرة، تعرضت المساجد لدمارٍ هائل بحسب ناشطي المدينة والصور وأشرطة الفيديو المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، في حين لم يبق أثرٌ لوجود بعضها كمسجد النبي “حزقيل” الذي فخخته قوات الأسد العام الماضي، ومسجد الصادق الأمين الذي جرف ليحل مكانه امتداد لمطار المزة العسكري.
وبقي مسجد المصطفى الواقع تحت سيطرة الجيش الحر، الوحيد الذي تقام فيه بعض الصلوات فقط، إلا أن أهل المدينة توقفوا عن التجمع فيه بعد استهدافه بغارة قبل أسابيع معدودة، كما أفاد مراسل عنب بلدي في المدينة.
الدمار لا يعني الابتعاد
شباب المدينة وطلاب العلم فيها أنشؤوا بشكلٍ سريٍ حركة “فجر الأمة” منذ عام 2011، ليبدأ الحراك الثقافي الإسلامي باستقطاب شباب المدينة ورفع سويتهم الدينية والعلمية، وجمع الكتب من المساجد المدمرة، ثم أعلن عنها العام الماضي، لتحل محل المساجد بإقامة الصلوات والخطب والأعياد.
وعلى الرغم من وجود مقرٍ لها يرتاده أبناء المدينة، يقول معن أبو الروض أحد قياديي الحركة “أحن إلى صلاةٍ أو لحضور خطبة الجمعة في المسجد”، مشيرًا إلى روحية الأماكن التي دمرها نظام الأسد، وأكد أن هذا المقر لا يوفر الأمان اللازم “فنشاطات الحركة متوقفة هذه الأيام بسبب القصف العنيف على المدينة”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :