الصيف على الأبواب ومطالب بمنع الاحتكار..

صيانة الأدوات الكهربائية بثمن الجديدة في إدلب

camera iconتكاليف صيانة الأدوات الكهربائية مكلفة في مدينة إدلب- 15 من حزيران 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

شعر وليد بخيبة أمل بعد أن علم أن تكلفة صيانة مروحته الكهربائية المعطلة قريبة من ثمن الجديدة، لذلك فضّل البقاء من دون مروحة لحين تحسن الظروف وشراء واحدة تقيه وأسرته حر الصيف.

حال وليد مشابهة لكثير من السكان في مدينة إدلب، الذين يعانون ارتفاعًا في أسعار صيانة الأدوات الكهربائية، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وازدياد الحاجة إلى المروحة بشكل أساسي.

ومع اشتداد الحر يتجه الأهالي إلى أدواتهم الكهربائية (الصيفية) لاستخدامها من مراوح أولًا وثلاجات ثانيًا، وتحتاج معظمها إلى صيانة أو تغيير نظرًا إلى قدمها وعدم مواكبة قطعها متغيرات واقع التيار الكهربائي والطاقة الشمسية.

ويعتمد الأهالي في تشغيل الأدوات الكهربائية المختلفة على اشتراكهم في شركات الكهرباء النشطة في المنطقة، أو على ألواح الطاقة الشمسية التي باتت منتشرة بكثرة.

صيانة بسعر “الجديدة”

وقال وليد السيد (37 عامًا) مهجر يقيم في إدلب ويعمل بتحميل البضائع (عتّال) في سوق “الهال”، إن مروحته المتواضعة تعطلت في نهاية الصيف الماضي، ولعدم حاجته إليها وضيق الأحوال المادية، أجّل صيانتها حتى بداية الصيف الحالي.

وأضاف أنه أخذ المروحة مؤخرًا إلى محل صيانة مجاور لمنزله، ليخبره الحرفي أن تكلفة صيانتها تصل إلى عشرة دولارات أمريكية (235 ليرة تركية) كحد أدنى، وهذا المبلغ كبير مقارنة بسعرها وأجر وليد اليومي.

وأخبره الحرفي أن محرك المروحة تالف وبحاجة إلى محرك جديد يصل ثمنه إلى تسعة دولارات، يضاف إليه تكلفة تبديله.

وذكر وليد أنه استدان قبل عامين مبلغًا بسيطًا من أحد أقاربه، واشترى هذه المروحة ذات الجودة المتوسطة بـ12 دولارًا عملًا بنصيحة البائع حينها.

يجني وليد 100 ليرة تركية يوميًا (ما يعادل أربعة دولارات تقريبًا)، وبعد حساب بسيط تساوي تكلفة صيانة المروحة عمل وليد الشاق ليومين ونصف، ما دفعه إلى البقاء من دون مروحة، والانتظار لحين تحسن أوضاعه لشراء مروحة جديدة.

قصي السلوم (41 عامًا) مواطن يقيم في مدينة إدلب، قال إن مروحته الكهربائية قديمة اشتراها عام 2012 ولم يستخدمها إلا نادرًا بسبب عدم توفر الكهرباء، وبعد وصول التيار إلى منزله أخرجها لكنها كانت معطلة.

واشترى واحدة جديدة تستهلك كمية كهرباء أقل وبسعر قريب من تكاليف صيانة مروحته القديمة، بحسب ما قاله لعنب بلدي.

من جانبه، قال عبد الله الغريبي (37 عامًا) مواطن يقيم في إدلب، إن عودة الكهرباء إلى أحياء إدلب قبل أعوام، رافقتها صعوبات بتأمين أدوات كهربائية مناسبة من حيث حجم استهلاك التيار وقلة الأعطال.

وأضاف عبد الله لعنب بلدي أن ارتفاع أسعار الكهرباء، والكمية الكبيرة التي تستهلكها الأجهزة القديمة من الكهرباء، وارتفاع تكاليف الصيانة، تحول دون سعي المواطنين لصيانة الأدوات المعطلة، وتدفعهم إلى شراء الأجهزة الجديدة إذا كانت ضرورية جدًا.

“احتكار وتلاعب وتكاليف شحن”

عزا عدد من حرفيي صيانة الأجهزة الكهربائية ارتفاع تكاليف الصيانة إلى ارتفاع أسعار قطع التبديل بسبب “الاحتكار”، و”استغلال” حاجة الناس إلى هذه الخدمة.

يوسف شقيفي (25 عامًا) يعمل في مجال صيانة الأجهزة الكهربائية المنزلية منذ سبعة أعوام، قال لعنب بلدي، إنه توجد كثير من الأجهزة الكهربائية المعطلة في مدينة إدلب، وتقتصر عمليات الصيانة على “الضروري” منها.

وعزا يوسف عزوف السكان عن صيانة الأجهزة إلى الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وإلى ارتفاع تكاليف الصيانة.

وأضاف أن الزبائن يعرضون الأجهزة على محال الصيانة، وبعد الفحص تقدّر المحال تكلفة الصيانة بناء على قطع التبديل التي يحتاج إليها الجهاز، والتي تتحكم بارتفاع التكلفة.

ولفت الحرفي إلى أن أي جهاز لا يحتاج إلى قطع تبديل تكون تكلفة صيانته منخفضة للغاية، وفي حال كان يحتاج إلى قطع رئيسة كمحرك المروحة، تكون التكلفة مرتفعة.

وأرجع يوسف ارتفاع أسعار قطع التبديل إلى احتكار تاجر واحد استيراد هذه القطع، وعدم وجود تجار آخرين للمنافسة وخفض الأسعار.

الخمسيني أحمد تحسين، يعمل في تجارة الأجهزة الكهربائية المستعملة، قال إن ارتفاع أسعار قطع التبديل يعود إلى ارتفاع سعر تصريف الدولار مقابل الليرة التركية، والتلاعب بالأسواق من قبل بعض المحتكرين، واستغلال حاجة المواطنين في ظل غياب حماية المستهلكين.

وتشهد الليرة التركية عدم استقرار وانخفاضًا متسارعًا في قيمتها أمام الدولار الأمريكي، مسجلة مستويات غير مسبوقة في تاريخها، ووصلت إلى 23.56 للدولار الواحد، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات النقدية.

وأضاف أحمد أنه كان يشتري الأجهزة الكهربائية المعطلة سابقًا، ويحولها إلى قطع تبديل لأجهزة أخرى معطلة، ويضطر لشراء بعض القطع البسيطة، أما اليوم فيجري ضخ بضاعة عديمة الجودة ومن أنواع متعددة لا يمكن استخدامها قطع تبديل لبعضها.

ولفت البائع خلال حديثه لعنب بلدي إلى أن المستفيد الوحيد من هذه الحالة تجار الأجهزة الكهربائية الجديدة الذين يدخلون أجهزة ذات جودة منخفضة (ستوك)، تتعطل بسرعة وتكلفة صيانتها مرتفعة، ما يعني حاجة المواطنين إلى شراء أجهزة جديدة.

محمود أسود (35 عامًا) يعمل في تجارة وصيانة الأجهزة الكهربائية المنزلية، أضاف سببًا آخر لارتفاع أسعار قطع التبديل، وهو ارتفاع تكاليف شحن البضاعة من الصين إلى الشمال السوري، مشيرًا إلى أن تكاليف الشحن ارتفعت بنسبة 10% هذا العام عما كانت عليه في السابق.

توقعات بتحسن سوق الصيانة

يعتقد حرفيو صيانة الأجهزة الكهربائية أن فصل الصيف واشتداد الحر يؤدي إلى تحسن سوق صيانة الأدوات الكهربائية القديمة (الخاملة)، بسبب تعدد الأجهزة التي يستعملها المواطنون عادة في الصيف ولا يستعملونها في الشتاء.

ويعتبر الحرفي يوسف شقيفي أن الصيف موسم للعمل أكثر من بقية فصول السنة، بسبب كثرة الأجهزة التي تستعمل كالثلاجات والمراوح ومضخات المياه.

محمود أسود (تاجر وحرفي) يتوقع تحسن العمل مع اقتراب عيد الأضحى بعد أسبوع، نظرًا إلى حاجة الناس للمراوح والبرادات خلال فترة العيد.

ويرى أحمد تحسين أن الطلب على الصيانة يرتبط بالموسم، فلكل موسم أدواته وأجهزته التي يحتاج إليها الناس، وفي الصيف يحتاج المواطنون إلى أجهزة التبريد ومضخات المياه، وفي الشتاء تزداد حاجتهم إلى أجهزة التسخين والغسالات وأجهزة تجفيف الملابس.

ولفت عدد من الحرفيين ممن قابلتهم عنب بلدي إلى اتباعهم سياسة تقليل أجور الصيانة لحض المواطنين عليها، وزيادة العمل لتحريك السوق الراكدة، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار قطع التبديل أرغمهم على هذه السياسة.

وطالب الحرفيون عبر عنب بلدي الجهات المسؤولة بحماية المستهلك، ومكافحة احتكار قطع تبديل الأجهزة الكهربائية، وخفض الأسعار وحماية الأسواق من التلاعب.

أسعار قطع التبديل مرتفعة

مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد بحكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، حمدو الجاسم، قال لعنب بلدي، إن البضائع تدخل إلى المنطقة عبر عدة شركات موردة، وإن قطع التبديل متوفرة في عديد من الشركات.

وذكر أن هناك قطع صيانة تكلفتها أكثر من تكلفة الجهاز نفسه، والكميات التي تدخل من معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا كبيرة وتكفي السوق المحلية.

وأضاف أن عدة تجار لديهم وكالات حصرية لاستيراد هذه الأجهزة، وهم مسؤولون عن صيانة ما يستوردونه، وإذا كانت هناك أي حالة احتكار، تعمل وزارة الاقتصاد على متابعتها ومحاسبة المستورد، وفق الجاسم.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة