أديب الشيشكلي.. الحقيقة المغيّبة

tag icon ع ع ع

تشغل سيرة الرئيس السوري الأسبق، أديب الشيشكلي، حيزًا مهمًا من تاريخ سوريا الحديث، باعتباره عنصرًا فاعلًا وشاهدًا على عدد من الأحداث التي أثّرت في مستقبل البلاد سياسيًا وعسكريًا، بما في ذلك حرب 1948، والحياة الحزبية في البلاد، وانقلابه العسكري.

في أيار 2022، أصدرت دار “رياض الريس للكتب والنشر” كتاب ” أديب الشيشكلي.. الحقيقة المغيّبة” للمؤلفَين سعد فنصة وبسام برازي، وتناول سيرة حياة “موثّقة” للشيشكلي.

ضمن 543 صفحة من القطع الكبير و25 فصلًا، حاول الكتاب تقديم سيرة مختلفة للشيشكلي المولود في حماة عام 1909، بعيدة عن صورته كـ”دكتاتور” نفّذ انقلابَين عسكريَّين، وحكم البلاد في ظروف حساسة للغاية سياسيًا واقتصاديًا، وأراد الكتاب، وفق مؤلفَيه، تقديم سيرة العقيد الشيشكلي إنصافًا له، بشكل ما، مع الإشارة عدة مرات إلى أن عهده كان “ذهبيًا” لسوريا على صعد الاقتصاد والسياسة والمجتمع، وهو أمر “لم يتكرر منذ تاريخ الاستقلال حتى اليوم”.

يحتوي الكتاب على عشرات الوثائق والشهادات التي جمعها المؤلفان على مدى سنوات من شخصيات متعددة وأرشيف عدة دول، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وصفحات من مذكرات خصومه، على رأسهم أكرم الحوراني.

وبقدر ما كان يُفترض أن يشكّل الكتاب مدخلًا لشخصية لها أثر كبير في تاريخ سوريا الحديث، وأن يفتح الباب لمعالجة أخطاء ونجاحات الشخصيات السياسية السورية والاستفادة منها، وأن يكون شهادة تاريخية لسوريا ذاتها عبر مئات الشخصيات التي ذُكرت أسماؤها، واجه الكتاب اتهامات بعدم التوازن، وكأن الغرض منه هو فقط تجميل صورة الشيشكلي، دون ذكر لأي أخطاء فادحة أو كبرى في مسيرة الرئيس الأسبق.

قد يبدو، من مقدمة الكتاب، أن هناك انحيازًا واضحًا لشخص الشيشكلي، على الرغم من محاولته ألا يكون خاضعًا للعواطف، كما ذكر في المقدمة التي كتبها بسام برازي، ابن شقيقة الشيشكلي، لدرجة القول إن الشيشكلي “أصبح دكتاتورًا رغمًا عنه”، وكأن عملية التحول لدكتاتور هي عملية وطنية بالأساس.

رغم هذه المشكلة الواضحة في الكتاب، يمكن أن يفتح الباب لفهم أدوار شخصيات أخرى وطبيعتها وعلاقتها مع الشيشكلي أو السياسيين الآخرين، ومقاطعة هذه المعلومات مع مصادر تُصنف ضمن أهم الكتب التاريخية حول سوريا، والوصول إلى صورة أوضح.

أثار الكتاب منذ صدوره الجدل بالفعل، ونشر المؤلف صقر أبو فخر مقالًا طويلًا بموقع “الناطور للدراسات والأبحاث”، في 21 أيلول 2022، انتقد فيه طريقة عمل مؤلفَيه، معتبرًا أنه “جهد تجميعي غير منهجي، الأمر الذي يؤثر على قيمته العلمية”، مع رغبة المؤلفَين بتبرئة الشيشكلي.

فيما رد بسام برازي وسعد فنصة، عبر مقال مطول بصحيفة “العربي الجديد”، في 10 من تشرين الأول 2022، اعتبرا فيه أن صخر أبو فخر “كاره للشخصية وساعٍ لإدانتها”.

نفذ الشيشكلي انقلابه العسكري في عام 1949 على الرئيس الأسبق سامي الحناوي (وصل بانقلاب عسكري أيضًا)، وعيّن هاشم الأتاسي رئيسًا، قبل أن يعتقل رئيس الوزراء حينها معروف الدواليبي وأعضاء حكومته ويضعهم في السجن، ليقدم الأتاسي استقالته، ويأتي فوزي السلو رئيسًا حتى عام 1953 حين أصبح الشيشكلي رئيسًا بموجب استفتاء.

أعلن الشيشكلي استقالته وتركه البلاد إثر إذاعة بيان انقلاب عسكري من حلب شمالي سوريا، ليتنقل بين عدة بلدان وصولًا إلى البرازيل، حيث اغتيل في عام 1964، على يد شخص ينحدر من مدينة السويداء انتقامًا لأحداث جبل العرب.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة