د. أكرم خولاني
يعتبر الدماغ المحرك الأساسي للجسم ويتحكم بمعظم عملياته الحيوية، إذ يستقبل المعلومات التي تُحوّل من مختلف خلايا الجسم وأجهزته ويحللها، ومن ثم يبدأ ببناء القرارات ويرسل التوجيهات بناء على تلك المعلومات لتبدأ الأجهزة والخلايا بعملها كما ينبغي، وفي حال حدوث أي خلل أو مرض في الدماغ، فإن ذلك سيؤدي إلى التأثير على جميع وظائف الجسم المتعلقة به، بما فيها القدرات العقلية والإدراكية، وهذا ما نشاهده عند بعض المسنين بسبب حدوث ضمور في الدماغ لديهم، وهو ما يسمى ضمور الدماغ الشيخي.
ما المقصود بضمور الدماغ
ضمور الدماغ (Brain atrophy) أو ضمور المخ هو تقلص وانكماش بحجم الدماغ نتيجة نقصان حجم الخلايا العصبية الدماغية التي تسمى العصبونات، ما يؤدي إلى حدوث خلل في الاتصالات التي تساعد الخلايا على التواصل، وهذا يسبب تراجعًا في أداء المخ وضعف عمله، ويحدث تناقصًا في حجم هذه الخلايا بصورة متفاوتة، فقد يحدث الضمور للخلايا بشكل جزئي أو كامل، أي أنه قد يكون بؤريًا أو معممًا، ويؤثر الضمور البؤري على وظائف الجزء الضامر من الدماغ، بينما يؤثر الضمور المعمم على جميع وظائف الدماغ.
وقد يصيب الضمور دماغ الشخص منذ الطفولة نتيجة لمشكلات في أثناء الحمل أو الولادة، كما يصيب الأشخاص في مراحل عمرهم المتقدمة، لذلك يسمى ضمور الدماغ الشيخي، ورغم أن الشيخوخة هي السبب الرئيس لضمور الدماغ عند الكبار، فإن هناك حالات أخرى يحدث فيها الضمور.
ما أعراض ضمور الدماغ الشيخي
- تتعدد الأعراض المصاحبة لضمور الدماغ، من أهمها:
- فقدان الشعور والإحساس في بعض مناطق الجسم.
- ازدياد الشعور بالنسيان بالإضافة إلى ضعف الذاكرة.
- فقدان القدرة على تمييز الأمور والتفريق فيما بينها.
- إصابة المريض بالخرف في الحالات المتقدمة.
- إصابة المريض بتشنجات متكررة أو القيام بحركات غير عادية.
- إصابة المريض أحيانًا بفقدان الوعي والغيبوبة.
- إصابة الشخص بحالة من صعوبة التكيف الاجتماعي.
- التجول خارج المنزل.
- التعرض لعديد من الصعوبات في الإدراك والتمييز والتعلم.
- عدم القدرة على السيطرة على البول، حيث يصبح هناك تبول وتبرز لا إرادي.
- ضعف العضلات وفقدان المهارات الحركية.
ما أسباب ضمور الدماغ الشيخي
عادة ما يحدث ضمور الدماغ الشيخي بعد عمر الـ65 سنة، ويزداد مع التقدم بالعمر، وأهم أسباب الإصابة هي العوامل الوراثية وأمراض الدماغ مثل ألزهايمر وداء باركنسون.
ومن الأسباب الأخرى:
- السكتات الدماغية الاحتشائية أو النزفية.
- أمراض الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ، مثل تضيّق الشريان السباتي أو تشوهات الأوعية الدموية أو تصلب الشرايين.
- حدوث إصابات رضية شديدة على الرأس.
- سوء التغذية ونقص بعض المغذيات مثل فيتامين “ب 12”.
- نمط الحياة السيئ، مثل شرب كثير من الكحول والمخدرات، أو رداءة النوم أو قلة ساعاته.
كيف يُشخّص ضمور الدماغ
يُشتبه بضمور الدماغ عن طريق القصة المرضية والفحص السريري الذي يظهر المشكلات السلوكية وتغيرات الشخصية، مثل الهلوسة أو الارتباك أو الإدراك الحسي الكاذب، ويثبت التشخيص بتصوير الدماغ:
- التصوير المقطعي المحوسب (CT scan): وهو أخذ صور الأشعة السينية من زوايا مختلفة لإنشاء صور مفصلة للدماغ.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): تؤخذ صور دماغية بعد تعريض الدماغ لحقل مغناطيسي قصير.
هل يمكن علاج ضمور الدماغ الشيخي
لا يوجد علاج شافٍ للضمور الدماغي، وإنما تهدف العلاجات إلى إبطاء تطور المرض والتخفيف من الأعراض، وتختلف العلاجات بحسب الحالة:
- الخرف: يمكن العمل على وقف زيادة فقد الذاكرة من خلال تناول مثبطات الكولين استراز والميمانتين التي تُستخدم لعلاج مرضى ألزهايمر.
- النوبات: من خلال تناول أدوية تُستخدم لوقفها.
- الحبسات الكلامية: من خلال البدء بتعليم الكلام والقراءة والكتابة.
- في حالة ضعف القدرة الحركية: من الضروري العناية بالمريض بدقة، وضمان الدورة التنفسية (مساعدة المريض على الجلوس، والتربيت على الظهر لإخراج القشع، ومسح البلغم إن وجد)، والوقاية من التهابات المسالك البولية (شرب كمية كافية من الماء، والتنظيف بعد التبول)، والوقاية من تقرحات الضغط (خاصة في مناطق أوتار الركبة، وظهر العجز، والتدليك يوميًا، وتجنب الضغط لفترة طويلة في مكان واحد)، وتوفير التغذية الكافية (الأطعمة سهلة الهضم، والحد من الدهون والسكر، واتباع نظام غذائي غني بالفيتامينات وخاصة ب وأوميغا 3).
هل ضمور الدماغ مميت
لا يعتبر المرض مميتًا بحد ذاته، ولكن قد يحدث الموت نتيجة المضاعفات التي تحدث في المراحل المتقدمة من المرض، حيث يفقد المريض القدرة على الاعتناء بنفسه، ويعاني صعوبة في الأكل، ولا يتحكم في مشيه، لذلك يكون معرضًا لخطر الإصابة بأمراض مثل:
- الالتهاب الرئوي: نظرًا إلى صعوبة بلع الطعام والشراب، يسهل على المرضى استنشاق هذه المواد في الرئتين، ما يسبب الالتهاب الرئوي التنفسي.
- العدوى: لأن المريض يعاني في كثير من الأحيان سلس البول، ويجب وضع قسطرة، ما يزيد من خطر الإصابة بعدوى المسالك البولية، وإذا لم يعالَج المرض فسوف يصبح أكثر حدة وربما يهدد الحياة، كذلك فإن نقاط الضغط وخاصة الظهر والجوانب عرضة للتقرحات بسبب الاستلقاء لفترات طويلة.
- السقوط والمضاعفات: يسهل تعثر المرضى وسقوطهم، ما يزيد من خطر الإصابة بالكسور وربما الإصابات الحادة في الرأس، وما ينتج عن ذلك من مضاعفات قد تكون مميتة.
ما سبل الوقاية من الإصابة بضمور الدماغ الشيخي
قد لا يمكن الوقاية من الإصابة بشكل كامل، ولكن يمكن التخفيف منها عن طريق مراعاة المبادئ التالية:
- الكشف المبكر وعلاج أمراض مثل تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم والسكري والبدانة واضطراب دهون الدم، فهي أمراض تعزز نقص التروية الدماغي وتؤدي إلى ضمور الدماغ.
- اتباع نظام معيشي صحي يشمل الحصول على قسط كافٍ من النوم، والحد من السهر والتدخين وتناول الكحول، وممارسة التمارين الرياضية المنتظمة كالمشي والركض وركوب الدراجات والسباحة.
- عمل الدماغ المنتظم، مثل تعلم اللغات الأجنبية أو دراسة اللغات والتاريخ ونباتات الزينة، فهي أشكال جيدة جدًا لمساعدة الدماغ على العمل بانتظام وإبطاء عملية ضمور الدماغ.
- الرياضة العقلية، مثل حل الألغاز وتعلم لغات جديدة، والمطالعة المستمرة، لأن الناس الذين يستخدمون دماغهم أكثر من غيرهم يعانون تقلص الدماغ بنسبة أقل.
- تقليل التوتر: لأنه إذا كان العقل دائمًا متوترًا، فإن كثيرًا من الضغط باستمرار سيؤدي إلى تشويش الدماغ وتدهور الذاكرة.
- التغذية: الحد من الأطعمة الدهنية للغاية، وزيادة تناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات مثل الحبوب والمكسرات والخضراوات والبيض والدجاج، والأطعمة الغنية بالكالسيوم مثل المأكولات البحرية وفول الصويا والقرنبيط والأسماك البحرية واللوز.