روسيا تقوّض منطقة أنقرة “الآمنة” شمال حلب

  • 2016/02/14
  • 4:45 ص

عنب بلدي – خاص

في الرابع والعشرين من كانون الثاني الماضي، كان آخر تصريح رسمي لأنقرة عن عزمها إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، وجاء على لسان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل أيام على بدء الهجوم البري الواسع للنظام السوري على حلب، وتبدل قواعد السيطرة في المحافظة.

يقول ناشطو حلب إن أسوأ وضع ميداني تعيشه المحافظة منذ مطلع الثورة، هو في شباط الجاري، إثر تآكل مساحات واسعة من الريف الشمالي أمام قوتين رئيسيتين، النظام السوري وحلفائه من جهة، وقوات “سوريا الديموقراطية” من جهة أخرى.

توغل أسديبمظلة روسية

قرية الطامورة، هي آخر “انتصارات” قوات الأسد والميليشيات الأجنبية الرديفة، وسيطرت عليها صباح السبت 13 شباط، مستفيدة من غطاء جوي أمنته أسراب الطيران الحربي الروسي، التي لا تكاد تبرح سماء حلب وإدلب، انطلاقًا من القاعدة الجوية الرئيسية لموسكو في سوريا، مطار حميميم العسكري.

وتظهر الخريطة التي أعدتها عنب بلدي، الجمعة 12  شباط، أن قوات الأسد (اللون الحمر) باتت على مقربة من السيطرة على مدن رئيسية شمال حلب، وهي حيان وحريتان وعندان، وبذلك تكون قد وسعت من  حزامها الأمني في محيط بلدتي نبل والزهراء المواليتين من جهة، واقتربت من إطباق حصار كامل على أحياء حلب الخاضعة للمعارضة من جهة أخرى.

جملة عوامل أمنت للنظام السوري تحقيق تقدم لم يكن يتوقعه، بحسب معارضيه، أهمها تدفق عشرات الفصائل الأجنبية من لبنان والعراق وإيران وأفغانستان وباكستان، عدا عن الميليشيات المحلية، والتي تندرج جميعها تحت مسمى “الميليشيات الطائفية”، وفقًا للمؤسسات الحقوقية، في وقت تصعّد فيه روسيا من استهداف فصائل المعارضة والمناطق المأهولة بالمدنيين.

15 قرية لصالح “سوريا الديموقراطية”

الخدمات الروسية لم تكن حكرًا على النظام السوري، لتشمل دعمًا لقوات “سوريا الديموقراطية” التي استغلت حالة الضعف الملمة بفصائل المعارضة جراء الهجوم البري والجوي، وتمددت من الشمال الغربي نحو العمق الشمالي لحلب، وسيطرت على 15 قرية انسحبت منها المعارضة.

في 27 كانون الأول، أحكمت “سوريا الديموقراطية” (اللون الأصفر) سيطرتها على بلدات المالكية، مريمين، شوارغة الجوز، شوارغة الأرز، أناب، عقب معارك وموجهات مع فصائل المعارضة في المنطقة، وبعدها بخمسة أيام وسعت دائرة نفوذها لتشمل بلدة كشتعار، شمال بلدتي نبل والزهراء، وسط مواجهات مع فصائل المعارضة هناك.

في السادس من شباط الجاري، وبالتوازي مع هجوم قوات الأسد، أحكمت “سوريا الديموقراطية” سيطرتها على بلدتي خريبة والزيارة. وبعد يومين (8 شباط)، بسطت نفوذها في كل من دير الجمال، مطحنة الفيصل، مرعناز، العلقمية، كفر أنطون، تل عجار، عقب انسحاب المعارضة منها، ونزوح معظم سكانها جراء القصف الروسي واقتراب قوات الأسد منها.

آخر تقدم لـ “سوريا الديموقراطية”، كان الخميس 11 شباط، وسيطرت على قرية منغ ومطارها العسكري بشكل كامل، عقب اشتباكات لم تدم طويلًا مع فصائل المعارضة، ولا سيما جبهة النصرة.

مصادر ميدانية مطلعة، أفادت عنب بلدي أن “سيناريو” محتمل للحل في الريف الشمالي، يبدأ بتسليم قرية منغ ومطارها العسكري لـ “سوريا الديموقراطية”، لينسحب الأمر على مدن تل رفعت واعزاز ومارع، في مرحلة لاحقة.

وبهذه الطريقة تتجنب المدن الثلاث القصف الروسي والهجمات البرية المرافقة، وتقتصر المواجهة بذلك بين “سوريا الديموقراطية” وقوات الأسد من جهة، وتنظيم “الدولة” المتمدد من شرق حلب إلى شمالها من جهة أخرى.

“داعش” جبهات هادئة

منذ مطلع شباط، لم تعد تقوى غرفة “عمليات مارع” التابعة للجيش الحر، على شن هجمات ضد تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي، على الشريط الحدودي مع تركيا، وهي التي انتزعت منه عدة قرى، في معارك كر وفر مستمرة منذ أربعة أشهر.

وفي وقت يواجه فيه الجيش الحر الهجمات المعلنة ضده من قوات “سوريا الديموقراطية” من جهة، وقوات الأسد من جهة أخرى، فإنه تعرض أيضًا لمحاولة “تمدد” من قبل التنظيم (اللون الأسود) باتجاه القرى التي خسرها مؤخرًا، لكنها اقتصرت على اشتباكات ضعيفة، لم تحدث أي أثر.

في حين تشهد الجبهات بين التنظيم والنظام هدوءًا غير مسبوق، ولم تسجل أي اشتباكات طيلة شباط الجاري، رغم مناطق التماس الواسعة بين الطرفين شمال وشرق حلب، تل سوسين، تل قراح، المنطقة الصناعية، مدرسة المشاة، وغيرها.

ويرى ناشطو حلب أن الطرفين (التنظيم والنظام) في حالة هدنة غير معلنة، في ظل هجوم الأخير الواسع على مناطق المعارضة، والتي يعتبرها التنظيم بدوره عدوًا لا يختلف كثيرًا عن الأسد وحلفائه، وينسحب الأمر على روسيا التي لم تقلق راحة التنظيم بغارات تستهدف مناطقه، خلال الأيام الماضية.

أنقرة كانت قد أعلنت مرارًا أن منطقتها الآمنة تمتد من جرابلس شرقًا إلى اعزاز غربًا، لتضمن بها سلامة حدودها من تنظيم “الدولة” و”الأكراد”، إلى جانب إنشاء منطقة مأهولة تعدها لآلاف النازحين، الأمر الذي بقي في إطار التصريحات و”الأحلام التي قوضتها موسكو”.

مقالات متعلقة

سياسة

المزيد من سياسة