خلايا نائمة وتدريبٌ على الاغتيال..
من وراء العبوات الناسفة في إدلب؟
طارق أبو زياد – إدلب
عدة تفجيرات بالعبوات الناسفة، شهدتها محافظة إدلب خلال الأشهر القليلة الماضية، واستهدفت قيادات ومقاتلين في فصائل المعارضة، ما شكل تخوفًا من انتشارها بشكل أوسع، ووصل الأمر إلى مرحلة أصبح من الضروري إيجاد حل نهائي لها.
تنظيم “الدولة” أبرز المنفّذين
أبو اليزيد تفتناز، مسؤول مكتب الإعلام العسكري في حركة أحرار الشام الإسلامية، وجه أصابع الاتهام إلى تنظيم “الدولة”، معتبرًا أنه المسؤول عن 80% من التفجيرات التي حصلت مؤخرًا، وخاصة في إدلب المدينة والأوتوستراد الدولي.
وقال تفتناز لعنب بلدي إنه “تم الكشف مؤخرًا عن مقر لتجهيز العبوات وصناعتها في مدينة سراقب، عقب حدوث انفجار في المدينة، وقال “بعد الذهاب إلى مكان الانفجار، تبين أنه مقر للتصنيع، ووجد بداخله جثة المدعو (أبو البصير حمود)، وهو معروف بمبايعته التنظيم، وتم إلقاء القبض على شخص آخر بعد إسعافه”.
واعترف الشخص الذي اعتقلته الحركة، أن المعمل والخلية يتبعان لتنظيم “الدولة”، الذي كان يمدهم بالأموال لصناعة العبوات وتفجيرها، وأردف أن القيادات العسكرية لأحرار الشام وجبهة النصرة هم الهدف الرئيسي، ولا مانع من استهداف جميع المقاتلين، “فهم بالنهاية مرتدون بالنسبة لداعش”، بحسب أبو اليزيد.
النصرة تتهم الخلايا النائمة لـ “ثوار سوريا”
اعتبر أيمن خوام، أحد الأمنيين في صفوف جبهة النصرة، أن “الخلايا النائمة” التابعة لجبهة ثوار سوريا في جبل الزاوية بريف إدلب، تقوم باستهداف سيارات الفصائل العسكرية في منطقة جبل الزاوية عن طريق العبوات.
وقال خوام “تأكدنا من الأمر من بعض أهالي بلدات الجبل، فقد تحدثوا عن نية جمال معروف (قائد جبهة ثوار سوريا المنحلة) الانتقام لما حصل له في الجبل، وخصوصًا من جبهة النصرة، لتوليها مرحلة قتاله وإخراجه من المنطقة”.
محمد بدر، من أهالي قرية أبديتا في جبل الزاوية، وعمل مع جبهة ثوار سوريا سابقًا، قال إن هدف الخلايا هو استهداف شخصيات محددة بطلب من قوات “سوريا الديموقراطية”، والتي “تضم أشخاصًا تابعين لجمال معروف، وهي على صلة مباشرة مع المخابرات الأمريكية، ما يجعل الأمر خطرًا على قياديين في المعارضة”.
لكن التواصل مع جبهة ثوار سوريا للردّ على هذه الادعاءات تعذر، على اعتبار أنّ الجبهة تفككت نهائيًا، بعد معارك مستمرة مع جبهة النصرة في كانون الأول من عام 2014، بينما انقطع الظهور الإعلامي لزعيمها، جمال معروف.
عملاء تابعون للنظام السوري
علاء الدين غيرواتي، المسؤول الأمني في فيلق الشام، قال إن نظام الأسد أنشأ ما يسمى “حركة تطهير إدلب وريفها”، وخرّج الدورة الأولى منها في بلدة شمسين بريف حمص، وحضر تخريج الدورة محافظ إدلب.
وأوضح غيرواتي أن الدورة مؤلفة من أكثر من 300 شاب من إدلب وريفها، ومن مهامها اغتيال القيادات الثورية والعسكرية عن طريق العبوات الناسفة و”اللواصق”، الأمر الذي يتقاطع مع بياناتٍ وزعها النظام لالتحاق موظفي المؤسسات الحكومية في حماة وحمص بهذا المعسكر.
محمد الصبيح، من أهالي مدينة إدلب، يعتقد أن بشار الأسد لديه الكثير من المخبرين في المدينة، ومعظمهم من النساء، لذلك يسهل عليهم التحرك وزراعة العبوات الناسفة وتفجيرها، وأضاف لعنب بلدي “بصراحة الواقع الأمني لدى جيش الفتح متساهل جدًا، ويمكنك أن تفعل ما تريد دون أن يشعر أحد”.
واعتبر الصبيح أن الأهداف التي يسعى النظام لتفجيرها في إدلب لا تنحصر في فئة معينة “فكل الشعب السوري بنظره مجرمون، لذلك هو يسعى دائمًا للتفجير في الأسواق والتجمعات التي تحوي عددًا كبيرًا من الناس”.
ما الحل؟
وتابع أيمن الخوام، القيادي في “النصرة”، حديثه إلى عنب بلدي، وأوضح أن الجهات الأمنية في كافة الفصائل تسعى جاهدة للكشف عن منفذي هذه التفجيرات، مؤكدًا أن الأمر يتم “بطريقة استخباراتية” وبمراقبة الطرقات وتوقيف كل شخص يشتبه به.
لكنه أشار إلى أن هذه الخطوات ليست كافية للقضاء على المشكلة “فنحن أول من عمل بها ضد قوات الأسد، ولم يستطع إلى الآن إيقافنا، لذلك هي مهمة صعبة ويجب العمل عليها بشكل جدي”.
من جهته، اعتبر عمر العبسي، القائد العسكري في فصيل أجناد الشام، أنه من الصعب إلقاء القبض على المنفذين، لأنه “ببساطة بإمكان أي شخص أن يحمل السلاح ويشتري مواد التفجير دون أي مساءلة أو تدقيق”، ونصح فصائل المعارضة بتبديل سياراتهم العسكرية بأخرى صغيرة، وحصر عمل السيارات العسكرية في المعارك والمناطق العسكرية المغلقة.
لكن سكان المنطقة يعتقدون أنه يمكن ببساطة إيقاف التفجيرات، عن طريق الوصول إلى مصادر المواد المتفجرة ومتابعة التجار الذين يشترونها، والتدقيق ما إذا كانت الفصائل تعمل وتصنع هذه العبوات، وهذا ما يذهب إليه سالم الحموي، من سكان سراقب، وأكّد “سنصل إلى الفاعلين إذا تم الأمر بطريقة سرية ومدروسة”.
محافظة إدلب شهدت قرابة 30 تفجيرًا لعبوات ناسفة خلال الشهرين الماضيين، وأسفرت عن مقتل العديد من مقاتلي المعارضة وقادة بارزين فيها، ورغم التشديدات التي أقدم عليها “جيش الفتح” يبقى الخوف من العبوات يخيم على فصائل الشمال السوري.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :