جودي عرش – حمص
إنفلونزا الخنازير بات الوباء الأكثر تداولًا على لسان الأهالي في سوريا، لا سيما بعد إصابات رصدتها وسائل إعلامية موالية، وتأكيدات مسؤولي القطاع الصحي بوقوعها، ووفاة عدد ممن حملوا الفيروس المسبب لها (H1N1)، خمسة منهم من مدينة حمص وحدها.
“صحة حمص” .. تأكيد بعد نفي
أكدت مديرية صحة حمص أن عدد الوفيات لجميع حالات “الإنتانات التنفسية العلوية بلغ خمس حالات، تشمل جميع أنواع الإنفلونزا، بما فيها أنفلونزا الخنازير”.
وأوضح تقرير صدر عن المديرية، في 31 كانون الثاني الماضي، أن معظم الوفيات هم أشخاص لديهم أمراض مزمنة تضعف مناعتهم، بينما بلغ عدد المصابين أصحاب الحالة المستقرة 145 شخصًا.
وتقوم المديرية، بحسب التقرير، بإجراءات تبدأ بدورات للعاملين في القطاع الصحي للتعامل مع المرضى، وتوزيع لقاحات، وتوفير “معازل ومنافس علاجية” للحالات الشديدة، وجلسات رذاذ، وتقديم عقار “تاميفلو” مجانًا لجميع الحالات، حتى في مشافي القطاع الخاص.
تقرير “صحة حمص” جاء بعد أيام على نفي مديرها، حسان الجندي، وجود إنفلونزا الخنازير في المدينة، وقال لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، إن جميع الحالات التي دخلت إلى مشفى “الأهلي التخصصي” في حي الزهراء لا تملك هذا المرض، خصوصًا بعد إرسال العينات إلى مديرية الصحة وفحصها.
الدكتور جمال عيد، عضو مجلس إدارة المشفى الأهلي، تناغمت تصريحاته لإحدى الصفحات الموالية المحلية في المدينة، مع نفي الجندي، معتبرًا أن وجود حالات مصابة بالفيروس “محض إشاعات لا أكثر”، وأن ثلاثة أشخاص توفوا في المشفى، وصفت حالتهم بـ “التهاب رئوي حاد”.
وأوضح عيد أن أحدهم توفي بسبب قدومه إلى المشفى متأخرًا، والثاني أصيب بإنتان رئوي شديد، والثالث كان طفلًا عمره 15 عامًا، وهو مصاب بشلل رباعي ناجم عن ضمور دماغي منذ طفولته، وأن مقاومة جسده بالأساس ضعيفة و”بآخر عمره”، مشيرًا إلى أن جميع هذه الحالات تشكو مقاومة ضعيفة وأي حالة “رشح” عادي قد تؤدي إلى الوفاة.
اكتُشفت حالتها لكن “الصحة” نفت
إحدى ضحايا الإنفلونزا، سيدة توفيت في مشفىً خاص داخل مدينة حمص، الشهر الفائت، بعد تشخيص أحد الأطباء بإصابتها بالفيروس المسبب للمرض.
وتحدثت عنب بلدي إلى “م. ف”، ابنة المتوفاة، وقالت إن والدتها عانت من انهيار صحي سريع، نقلت إثره إلى مشفىً في المدينة، لتمكث فيه مدة لا تتجاوز 20 يومًا، دخلت خلالها في غيبوبة، “وشخصت حالتها بمرض إنفلونزا الخنازير، ما أدى إلى وفاتها سريعًا”.
اكتشاف حالة السيدة المصابة جاء سريعًا من الطبيب المختص في المشفى، وصرّح به وفق تقرير إلى مديرية الصحة، لكن المديرية نفت بدورها ما جاء في التقرير، وشخّصت حالتها بأنها مصابة بـ “التهاب رئوي حاد”، بحسب “م.ف”.
وتابعت الشابة “عقب الوفاة، قرأت تقرير مديرية الصحة، وجاء فيه أن التهابًا رئويًا حادًا سبب ثقوبًا في الرئتين، ما أدى إلى وفاتها سريعًا… منعنا من الدخول إلى غرفة والدتي أو الاقتراب منها لتوديعها، ما يؤكد أن هذا التصرف هو محاولة لوقايتنا من العدوى، والحد من انتشار المرض في مدينة حمص”.
حي الوعر مهدد بـ “كارثة“
تخوف من انتشار وباء إنفلونزا الخنازير، في حي الوعر، البالغ عدد سكانه نحو ربع مليون نسمة، لا سيما في ظل النقص الحاد للأدوية، وعدم وجود اللقاحات اللازمة.
وتحدثت عنب بلدي إلى الدكتور أبو المجد الخالدي، من مشفى الوعر، وقال “نحن متخوفون حقًا من انتشار إنفلونزا الخنازير، خصوصًا في ظل رفض النظام إدخال اللقاحات إلى الحي، فالفيروس يتحول كل عام، ويلزمه لقاحات تتناسب مع تحول شكله، كما نخشى انتشار الوباء بسبب دخول وخروج الأهالي من وإلى الحي بأعداد كبيرة في ظل الهدنة”.
حالة وفاة طالت امرأة في الأربعين من العمر في الوعر خلال الشهر الجاري، بحسب الخالدي، الذي أكد حالة وفاة هذه الحالة، “حدثت دون سوابق مرضية وأعراض شبيهة بالرشح، وتسارعت الأعراض وسببت قصور تنفس حاد، وأغلب الاختلاطات تشير إلى مرض ذات الرئة”.
الكوادر الطبية في الحي أشرفت بدورها على حملة توعية في المدارس ومراكز الإيواء، تجنبًا لـ “كارثة إنسانية” يمكن حدوثها، وفقًا للطبيب، وأردف “لا نملك في الحي المحاصر مخبرًا مختصًا لتشخيص فيروس H1N1 بدقة، كما أن التحليل الواجب إجراؤه (PSR) لا يجرى سوى في العاصمة دمشق وبتكاليف باهظة جدًا”.
حملات التوعية في الوعر كانت من خلال التعريف بطرق الوقاية كالكمامات وغسل الأيدي ومراجعة قسم الإسعاف عند حدوث أعراض كارتفاع الحرارة واحتقان البلعوم والآلام العضلية، إضافة إلى منع الاختلاط والتقبيل عند السلام، وتابع الخالدي “سنحاول بأقصى ما نملك تفادي كارثة بشرية قد تحصد حياة الآلاف من المحاصرين”.
حي الوعر دخل هدنة مع النظام السوري أوائل كانون الأول من العام الفائت، وما يزال يعاني انعدامًا للمواد الطبية والإسعافية، خاصة السيرومات واللقاحات، رغم وعود الأمم المتحدة بحل قريب لهذه الأزمة.