البلطجي والسلطان
أحمد الشامي
ماذا يفعل جيش الاحتلال الروسي في حلب وشمال سوريا؟ هل الأمريكي في وارد مواجهة الوحش المافيوي على التراب السوري؟ من يفكر بعقلية الحرب الباردة يظن أن ما يربحه الروسي يخسره الأمريكي وبالعكس.
الحرب الباردة ونظام القطبين صارا وراءنا، ومن يشكك في ذلك فلينظر للاحتلال الأمريكي للعراق الذي كان يتوجب النظر إليه، بمنطق الحرب الباردة، كـ “تجاوز أمريكي” يستوجب أن يدعم الروس قوى المقاومة العراقية فهل هذا ما حصل؟
قبل العراق، إبان الغزو الأمريكي لأفغانستان قام الروس بمساندة ودعم القوات الأطلسية، ومازال الأمريكيون يتلقون الإسناد اللوجستي من قبل جيران أفغانستان من الجمهوريات المسلمة بغطاء من “موسكو”.
في العراق، اتخذ الروس موقفًا أكثر حيادية من موقف الرئيس الفرنسي حينها “جاك شيراك”. صحيح أنهم لم يقدموا الدعم للقوات الغربية الغازية لكن هذه القوات التي دخلت من “الكويت” لم تكن أساسًا بحاجة لدعم من أحد.
في النهاية، صب الغزو الأمريكي في مصلحة إيران المتحالفة مع الروس وأضعف تركيا العدو التاريخي والمنافس الأزلي لروسيا ولإيران.
العدوان الأمريكي على العراق لم يفشل، بل إنه نجح في كل أهدافه، أقلها الأهداف الحقيقية وليس تلك التي تم تقديمها لذر الرماد في العيون.
هدف الأمريكي من غزو العراق كان ذبح “السنة” بسخاء وتوريطهم في حروب عبثية يكونون وقودها وضحاياها في الوقت ذاته، وهو ما تم فعله. إضافة إلى ذلك نقل “اليانكي” الحرب إلى أرض “العدو” السني، وهو ما نجح فيه أيضًا بدلالة تحول كل مدن السنة تقريبًا إلى “غراوند زيرو” مطابقة لأطلال مركز التجارة العالمي، مع أعداد من الضحايا بنسبة ألف مسلم مقابل كل أمريكي قتل في الحادي عشر من أيلول 2001.
مع ذلك، كان هناك من يواجه “المارينز” في العراق فمن كان وراء هؤلاء؟
الدعم الضئيل الذي تلقته الفصائل التي قاتلت الأمريكيين في العراق لم يكن كافيًا بأي شكل من الأشكال لجعل الأمريكيين يرحلون أو يعترفون بالهزيمة، لكنه كان كافيًا لإقلاق راحة العم “سام” ورفع كلفة الاحتلال قليلًا. الأمريكيون لم يرحلوا لأن “القاعدة” هزمتهم، ولكن لأن الشعب الأمريكي لم يرد أن يدفع فلسًا واحدًا لإعمار العراق الذي دمره السفاح “بوش الصغير” وأكمل “أوباما” تخريبه وتسليمه لإيران.
من دعَمَ الفصائل التي أسمت نفسها “مجاهدة” كانت الدول الإقليمية التي ترى في النفوذ الفارسي خطرًا عليها وهي السعودية وتركيا.
نظام الأسد كان يلعب، كعادته، على الحبلين، مع إيران في لبنان و”ضدها” نظريًا في العراق، وفي النهاية أتت لعبته العراقية لمصلحة الولي الفقيه. نظام “بشار” هو مثل “الزوجة المارقة” أو الأصح كالعاهرة، يتناوب عليها الزبائن وهم كثر وكل شيء بثمنه.
بعدما استهلكت إيران نظام العصابة حتى النخاع، جاء دور الزبون الروسي ليستفيد من خدمات النظام العاهر هذا. بوتين أتى لكي يقوم بما فشلت فيه قوات “الولي الفقيه” التي حاولت اجتياح حلب العام الماضي وفشلت بفضل الدعم والتدخل التركي المحدود لصالح الثوار.
هذه المرة تكالب على الشمال السوري كل أفراد حلف الشر الدولي، الروسي بطيرانه، الكردي وعصاباته، زبانية الأسد وأشباههم من زعران “نصر الله” والحرس الثوري… إضافة إلى المباركة والغطاء الأمريكيَين.
هدف حلف الشر هذا هو تركيا وليس إنقاذ النظام الأسدي الذي يعاني من كثرة “الزبائن” لا من قلتهم.
المطلوب هو سحق أحلام “أردوغان” ومحو نجاحاته السياسية والاقتصادية وإعادة تركيا لما كانت عليه في الماضي، دولة هامشية تتسول على أبواب الغرب والناتو ولكن تحت البوط الروسي هذه المرة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :