ملاذ الزعبي
ترى، ما الذي يجمع بين منظمة مجتمع مدني فاعلة ولديها مستوى مقبول من الشفافية، ومنظمة مجتمع مدني أخرى فاعلة فقط في الفساد أو في استجلاب تمويل من كل فجًّ عميق على مشاريع من كل شكل ولون: تعزيز التعاون بين المزارعين السوريين من مختلف الأطياف عبر تنويع أنواع العلف المقدمة للدجاج في المداجن السورية في مناطق الموالاة والمعارضة، تمكين الصحفيين السوريين من خلق منصة لمخاطبة الرأي العام في جنوب شرق آسيا، ورشة عمل حول مستويات التدفق المعاكس للعنف في مختلف مناطق الصراع وتأثيرات ذلك على نويّات المجتمع الأهلي.
ترى، ما الذي يجمع بين كاتب سوري كردي يصف نفسه بأنه ديموقراطي، وبين ميليشيا قمعية تعاونت أو هادنت في أقل تقدير نظامًا قمع السوريين بصفة عامة والأكراد بصفة خاصة طيلة عقود. وقمعت هي أكرادًا آخرين خالفوها منهجها وأسلوبها وتوجهاتها.
ترى، ما هو المشترك بين ناشطة نسوية سورية تعتبر نفسها معارضة لنظام البطش الأسدي، وبين “نسوية” سورية ذات موقف مائع تجاه هذا النظام، أي ذات موقف مائع تجاه الذي يعتقل سوريات أو يختطفهن كوسيلة ضغط ويعذبهن ويغتصبهن ويقصفهن ويقتلهن ويهجرهن.
ترى، لِمَ يتفق “ديموقراطيون” من منابت أقلوية مختلفة على رغبتهم في إفناء تيارات الإسلام السياسي وأنصارها وحتى المناطق التي قد تكون لهم فيها بضع من شعبية. ولماذا يضمر كثر منهم عداء للإسلام بنسخته السنيّة تحت واجهة من عداء للإسلام السياسي.
ترى، كيف يتشارك أكثرويون من اتجاهات فكرية مختلفة في رغبتهم بإقصاء أبناء الأقليات من المشهد السياسي والثقافي، بل ومن كل ما يتعلق بالفضاء العام في بلادنا السعيدة.
ترى، لماذا يؤيد فلسطيني من الضفة الغربية وقومي عربي من تونس نظامًا قتل من الفلسطينيين أكثر مما قتلت إسرائيل. واستخدم ضدهم من تكتيكات الحرب ما لم تستخدمه إسرائيل في أشد اعتداءاتها المتكررة همجية.
يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة إذا عرفنا ما الذي يجعل فصيلين سلفيين جهاديين يتعاونان ويتحدان في مواجهة فصيل إسلامي غير سلفي أو فصيل محلي غير إسلامي رغم أن ذات الفصيلين يخوضان معركة إفناء بكل معنى الكلمة في ساحة أخرى غير بعيدة عن ساحة تعاونهما.