تصاعدت وتيرة الهجمات التركية ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بعد تراجعها قبل الانتخابات الرئاسية التركية، في أيار الماضي، إذ أعلنت أنقرة عن استهدافها عناصر من “PKK” في سوريا والعراق.
واعتبرت “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”)، أن ارتفاع وتيرة الاستهدافات هي دلالة على تفاهمات وسياسات مشتركة بين مجموعة “أستانة”.
وقالت وزارة الدفاع التركية اليوم، الأربعاء 21 من حزيران، إن قواتها المسلحة “حيّدت” ثلاثة عناصر من “العمال الكردستاني” (PKK) و”حدات حماية الشعب” (YPG) في منطقة نفوذها شمالي سوريا.
الاستهداف التركي اليوم، سبقه بيوم واحد ضربة جوية تركية على مقربة من مدينة القامشلي شرقي الحسكة، أسفر عن مقتل مسؤولة “الإدارة الذاتية” في القامشلي، إلى جانب ثلاثة أشخاص آخرين كانوا برفقتها.
وقالت وكالة “هاوار“، المقربة من “قسد”، إن القصف أسفر عن مقتل الرئيسة المشتركة في “الإدارة الذاتية” عن مدينة القامشلي، يسرى درويش، ونائبها وسائقهما.
“قسد” تحمّل المسؤولية لدول “أستانة”
عقب استهداف المسؤولة لدى “الإدارة الذاتية” يسرى درويش، ورفاقها، أصدرت “الإدارة” بيانًا نددت فيه بعودة الاستهدافات التركية لكوادرها، وحملت المسؤولية للدول القائمة على مسار “أستانة” (روسيا، تركيا، إيران، بمشاركة من النظام السوري المدعوم روسيًا وإيرانيًا، والمعارضة المدعومة تركيًا).
واعتبرت “الإدارة” أن القصف التركي يدل على وجود تفاهمات وسياسات مشتركة بين مجموعة (أستانة) والحكومة التركية، ودعت التحالف الدولي وروسيا والمجتمع الدولي إلى أن يخرجوا عن صمتهم تجاه ما تتعرض له من هجمات.
وانطلقت الجولة 20 من الاجتماع الدولي بشأن سوريا، بصيغة “أستانة”، في العاصمة الكازاخية، أمس الثلاثاء، وبدأت المحادثات بين الأطراف عبر اجتماعات تقنية ثنائية بين الوفود الممثلة عن الدول المشاركة.
وجاء اللقاء بعد تصعيد عسكري في الشمال السوري تجلّى بأربع غارات جوية روسية، استهدفت في اليوم نفسه، الأطراف الغربية لمدينة إدلب، إلى جانب قصف مدفعي طال المنطقة نفسها، وقصف تركي طال مناطق تمركز “قسد” شمالي حلب، وفي أرياف الحسكة والرقة.
توتر العلاقة مع دمشق
أمس الأربعاء، دفع النظام السوري بأرتال عسكرية نحو جبهات القتال شمالي وشرقي محافظة حلب، بحسب تسجيلات مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومعلومات حصلت عليها عنب بلدي من مصادر عسكرية معارضة.
صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، نقلت عن مصادر ميدانية لم تسمّها، أن مهمة القوات العسكرية التي وصلت ريف حلب، هي قتالية، وتهدف إلى وقف محاولات “التمدد الإرهابي” في مناطق ريف حلب الشمالي، لا سيما بعد تقارب “جبهة النصرة” (في إشارة منها إلى هيئة تحرير الشام) و“قوات سوريا الديمقراطية”، بحسب رواية الصحيفة.
الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، قال لعنب بلدي، إنه لا مفاوضات جارية حاليًا بين “قسد” والنظام السوري، إذ لا يزال الأخير بتمسك بموقفه الرافض لتقديم تنازلات.
وأضاف الباحث، أن “قسد” تحاول إعادة النظام إلى طاولة المفاوضات معها، لكن النظام لم يبد أي رد فعل في هذا الإطار.
وأرجع الباحث أسباب رفض النظام لاستكمال المفاوضات، إلى أنه يرى الوضع الحالي على أنه انتصار له، بحسب عاصي.
وتزامنت التعزيزات مع الحديث عن فشل المفاوضات بين حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يقود “الإدارة الذاتية”، والنظام، وتوقفها نهائيًا، ونقل موقع “أثر برس” عن مصدر كردي مطلع لم يسمّه، أن “الجانب الروسي لم يقم بدوره كوسيط بين الطرفين”.
وأضاف، أن النظام السوري دعا إلى تسليم جميع المناطق الواقعة تحت سيطرة “قسد” من دون أي شرط، إلا أن وفد “الإدارة الذاتية” قدّم “تنازلات كبيرة” للنظام، وأعرب عن استعداده للعمل تحت إمرته وفق اتّفاق يرضي الطرفين، لكن الطرف الآخر رفض تقديم أي تنازلات، بحسب “أثر برس”.
ماذا في “أستانة”
اقترحت الخارجية الكازاخية، اليوم الأربعاء، أن يكون الاجتماع الدولي بشأن سوريا، بصيغة “أستانة”، الجولة الأخيرة من اللقاءات بهذه الصيغة.
واعتبر نائب وزير خارجية كازاخستان، كانات توميش، في ختام مباحثات انعقدت على مدار يومين وانتهت اليوم، في العاصمة الكازاخية، نور سلطان، أن الوضع حول سوريا “يتغير جذريًا، ومن سمات سعي الدول العربية لإعادة العلاقات معها، وعودة دمشق إلى الجامعة العربية”.
وقال “على خلفية التطورات الإيجابية في سوريا مؤخرًا، ندعو لأن يكون هذا الاجتماع هو الأخير في مسار أستانة”.
وتطرق الاجتماع إلى وضع منطقة “خفض التصعيد” في إدلب، والاتفاق على بذل مزيد من الجهود لضمان التطبيع المستدام للوضع، وشدد المشاركون على الحاجة لحفظ الهدوء “على الأرض”، عبر تنفيذ كامل لجميع اتفاقيات إدلب الحالية.
وبالنسبة لشمال شرقي سوريا، قالت مجموعة “أستانة” إن “تحقيق الأمن والاستقرار الدائمين في هذه المنطقة لا يمكن إلا بالحفاظ على سيادة سوريا وسلامتها الإقليمية، ورفض محاولات خلق حقائق جديدة على الأرض”.