توفي رئيس جهاز “الاستخبارات العسكرية” السورية (الأمن العسكري) السابق في عهد حافظ الأسد، عن عمر ناهز التسعين عامًا، بحسب ما تداولته حسابات شخصية لأقارب العماد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ونعى العماد دوبا، ابن شقيقه، أكثم محمد دوبا في منشور عبر صفحته في “فيسبوك” صباح اليوم، الأربعاء 21 من حزيران.
وبحسب نص النعوة الذي تناقلته حسابات إخبارية موالية، موقع باسم عائلة العماد، سيقام عزاء العماد في قرية قرفيص بريف اللاذقية الجنوبي، بعد أن ينقل جثمانه من المستشفى العسكري في مدينة اللاذقية.
من علي دوبا؟
كان اسم على دوبا مصدر رعب في سوريا لسنوات طويلة، وكان يمثل قبضة النظام الأمنية القوية.
شغل دوبا منصب رئيس الاستخبارات العسكرية السورية بين عامي 1974 و2000، وكان مستشارًا مقربًا من الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، وأحيل إلى التقاعد عام 2000.
انضم دوبا إلى الجيش السوري عام 1955، وأصبح نائب رئيس “الأمن الداخلي” في دمشق، في العام نفسه.
وبين عامي 1964 و 1966 شغل منصب الملحق العسكري في السفارة السورية في بريطانيا وفي بلغاريا بين عامي 1967 و1968.
ومن المهام الخارجية، عاد دوبا إلى سورية وأصبح رئيس “الاستخبارات العسكرية” في اللاذقية في تشرين الثاني 1970، ومنها صار رئيسًا للجهاز الاستخباراتي نفسه بمدينة دمشق، حيث دعم انقلاب حافظ الأسد “الأبيض” (الحركة التصحيحية) عام 1971.
وكمكافأة له على مشاركته بالانقلاب “الأبيض”، عينه الأسد الأب نائبًا لرئيس “المخابرات العسكرية” حينها، حكمت الشهابي، وبعد ثلاث سنوات أصبح رئيس هذه الشعبة، وانتخب عضوًا في اللجنة المركزية لحزب “البعث العربي الاشتراكي” عام 1978، ورقي إلى رتبة لواء بعدها بثلاث سنوات، بحسب ما ورد في كتاب “قاموس الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني“، الذي أشار إلى تشكل نظام البعث في سوريا.
تمت ترقية دوبا إلى رتبة عماد، وجرى تعيينه نائبًا لرئيس هيئة الأركان العامة في كانون الثاني 1993، إلى جانب مهمته في رئاسة جهاز الاستخبارات العسكرية.
وعندما ورث رئيس النظام السوري الحالي، بشار الأسد، السلطة عن والده عام 2000، أعيدت هيكلة كاملة للأجهزة الأمنية لضمان ولائها، وعزل العشرات من المستشارين وكبار المسؤولين العسكريين من نظام والده، لكونهم غير أوفياء للرئيس الحالي أو قريبين جدًا من عمه رفعت الأسد، والذي لم يُخف رغبته في قيادة البلاد، وكان من بينهم العماد علي دوبا، بحسب تقرير نشره الكاتب أدريان كلوسيت في صحيفة “لوموند دبلوماتيك” الفرنسية.
لم يكن لدوبا ظهور إعلامي متكرر، وآخر ظهور له كان خلال “الانتخابات” الرئاسية السورية، التي ظهر فيها جاليًا على كرسي في أحد المراكز الانتخابية في محافظة اللاذقية، بحسب تسجيل مصور تداوله مؤيدو النظام في أيار 2021.
أحد أعمدة حكم الأسد
عام 1995 أصدر منتدى “الشرق الأوسط”، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، دراسة حول هيكلة نظام الحكم في سوريا، حملت عنوان “صراع الخلافة في دمشق“، وورد فيها موقع العماد علي دوبا من المتغيرات السياسية داخل نظام الحكم في سوريا بعيدًا عن كونه رئيس “الاستخبارات العسكرية”.
وقالت الدراسة، إن العماد دوبا كان مسؤولًا عن الجزء الأمني داخل الجيش السوري، وفي الوقت نفسه كانت من مسؤولياته حماية النظام في سوريا بشكل عام، باعتباره رئيسًا لأهم وكالة أمنية.
وفي أوج الخلاف بين حافظ الأسد، وشقيقه رفعت، بالتحديد في منتصف شباط عام 1984، وجّه الرئيس الأسد بنقل قائد الكتيبة (170) العقيد سليم بركات، من موقعه كمسؤول عن حماية مبنى القيادة العامة للجيش ووزارة الدفاع، كونه من أتباع العميد رفعت الأسد، الذي أقنع الرئيس بتعيينه (رغم قلة كفاءته المسلكية) التي ظهرت خلال فترة نشاط “الإخوان المسلمين” في سوريا أواخر السبعينيات.
ومع الدعم الذي تلقاه العقيد سليم بركات من رفعت الأسد، أصر على البقاء في منصبه رغم منعه من دخول مبنى القيادة العامة للجيش، ووزارة الدفاع، بقرار تلقاه بركات من رئيس الأركان السوري آنذاك، العماد حكمت الشهابي.
ومع محاولته دخول المنطقة الممنوعة عليه، دخل العماد علي دوبا إلى مبنى الأركان، وجرد العقيد بركات من سلاحه وصفعه على وجهه، ثم أمر اللواء دوبا بإطفاء الأنوار في الكتيبة واعتقل العقيد بركات بسيارته الخاصة، ونقله إلى سجن “الشرطة العسكرية” في القابون، ولم يكشف مصيره بعد، بحسب ما ورد في كتاب وزير الدفاع السابق، مصطفى طلاس، “ثلاثة أشهر هزت سوريا“.
وكان لدوبا عقب ذلك، مساهمات متكررة في قمع محاولات رفعت الأسد، بدعم أمريكي، لتولي زمام السلطة على حساب أخيه حافظ، والتي انتهت بنفي رفعت خارج سوريا، بحسب الكتاب.