أعلن فريق عمل “المنظمة السورية للطوارئ” (SETF) عن إيصال مساعدات إلى مخيم “الركبان” عند المثلث الحدودي بين سوريا والأردن والعراق، كجزء من عملية أطلق عليها “الواحة السورية”.
وقال الفريق في بيان اليوم، الثلاثاء 20 من حزيران، إن الدفعة الأولى من المساعدات تشمل البذور وأدوات الري، ولوازم مدرسية لأكثر من ألف طفل، ممن حرموا من أي تعليم.
ولفت فريق المنظمة إلى أنها تستعد لإرسال شحنات إضافية من حليب الأطفال، وفيتامينات ما قبل الولادة، وكتب مدرسية، ومواد غذائية، ومن المقرر تسليمها في الأسابيع المقبلة.
وقالت المنظمة إن مركبات عملية “العزم الصلب الأمريكية” (OIR) ساعدت في التسليم لحزمة المساعدات، ولم تقدم واشنطن أيًا من المساعدات أو تحول مواردها إلى المخيم، وفق ما نقلته صحيفة “The National“.
يقبع حوالي ثمانية آلاف شخص في بقعة صحراوية بمخيم “الركبان” تغيب فيها مقومات الحياة، وسط حصار تفرضه قوات النظام السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيون.
ويواجه قاطنو المخيم كوارث وأزمات متتالية، أبرزها النقص الحاد في مياه الشرب، وقلة فرص العمل، والتشديد على دخول المساعدات والمواد، أبرزها الطحين، ما دفع السكان مرارًا إلى جمع فتات الخبز المخصص للأعلاف، واستخدامه طعامًا بعد نقعه بالماء، مع الكشك أو الحمّص.
أصعب مكان للعيش
الناشط الإعلامي عمر الحمصي، المقيم في المخيم، قال لعنب بلدي، إن البدو كانوا يعتبرون قديمًا أن الركبان أصعب مكان للعيش في البادية، إذ تكثر فيها الرمال وترتفع فيها درجات الحرارة.
وباتت اليوم مكانًا يضم آلاف المجبرين تحت ضغط الحاجة ومحاولة البحث عن مكان آمن، كون المنطقة قريبة من الحدود الأردنية.
أُقيم مخيم “الركبان” عام 2014، لإيواء عشرات آلاف السوريين الفارين من مناطق مختلفة في محافظات الرقة ودير الزور وريف حمص الشرقي، كانوا يحاولون العبور إلى الأردن، إثر سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على مساحات غير قليلة شرقي سوريا حينها.
وبعد أن كان المخيم حلًا مؤقتًا، أصبح مركزًا إقامة دائم في ظل تخل أممي عن السكان، ما جعل المخيم وقاطنيه “فريسة” للنظام السوري، وفق الناشط الحمصي، وخاصة بعد إغلاق الأردن للنقطة الطبية الوحيدة، وإغلاق الحدود بشكل كامل، في شباط 2020، بحجة انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، واعتبار المخيم شأنًا داخليًا سوريًا.
النظام يشدد الخناق
لم تكن صعوبة العيش في هذا المكان الصحراوي العامل الوحيد في معاناة السكان في مخيم “الركبان”، بل تراكمت الاحتياجات على القاطنين.
وتشدد قوات النظام حصارها على المخيم، وتتحكم بإدخال المواد الغذائية، في حين تغيب المساعدات الإنسانية عن “الركبان” منذ أربع سنوات.
الناشط عمر الحمصي اعتبر أن الشريان الوحيد الذي يمد المخيم بالحياة هو “تهريب” المستلزمات الحياتية عن طريق النظام، الذي يتحكم بالطريق، إذ منع بداية العام الحالي دخول الطحين لفترة استمرت أكثر من شهرين، ما أدى لأزمة انسانية دفعت بعض العائلات للاعتماد على البرغل والمعكرونة كبديل للخبز.
الناشط الإعلامي محمود شهاب المقيم في المخيم، قال لعنب بلدي، إن الخناق على قاطني المخيم يزداد يومًا بعد يوم، وأسهم في ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والمحروقات، والتي مصدرها قوات النظام، في حين لا يستطيع غالبية السكان شراء حاجياتهم اليومية، في ظل عدم وجود فرص عمل للشباب في المخيم.
واعتبر شهاب أن مخيم “الركبان”، أسوء مخيم في سوريا حيث يقع في بقعة صحراوية لا يصلح بها العيش، ومحاصر من جميع الجهات وهو أشبه بـ”سجن جماعي”.
الناشط الإعلامي حمود العبد الله المقيم في المخيم، قال لعنب بلدي إن مساعدات الأمم المتحدة لم تدخل منذ عام 2019، وسط حصار من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية للمخيم.
مياه الشرب على الدواب
تغذي منظمة “يونيسف” مخيم “الركبان” بمياه الشرب من الأردن لكنها توصل المياه لنقطتين تبعدان عن المخيم خمسة كيلومترات، ما يدفع السكان لاستعمال أساليب بدائية في نقل المياه على الدواب، أو دفع أجور للصهاريج وهذا مكلف في ظل انعدام للدخل في المخيم.
وقدّر الناشط الإعلامي عمر الحمصي تكاليف نقل المياه أسبوعيًا لكل عائلة بـ150 ألف ليرة سورية.
واقع صحي منهك
يوجد في المخيم نقطتان طبيتان تنقصهما المعدات لإجراء العمليات الجراحية، الأمر الذي أجبر بعض الحالات على تسليم نفسها للنظام السوري رغم خطورة الوضع الأمني فيها.
وقال الحمصي (يعمل بائعًا في صيدلية) إن المخيم يعاني من نقص كبير في الأدوية بما يقارب فقدان 90% منها، وإن الطريق الوحيد لها مناطق سيطرة النظام التي تمنع دخولها للمخيم.
التعليم لمحو الأمية
ينحصر التعليم في مخيم “الركبان” على الدراسة للمرحلة الابتدائية فقط ضمن جهود محلية من كادر متطوع من أبناء المخيم.
ولا يتجاوز التعليم المرحلة الابتدائية ما يفرض تخريج جيل فقد الأمل بالتحصيل العلمي بحسب الحمصي.
إذ يحرم الشباب والبنات من حق الاستمرار في التعليم في ظل استمرار معاناة المخيم لفترة زمنية شارفت على العشر سنوات.
ويبلغ عدد الطلاب بالمخيم 1200 طالب وطالبة موزعين على خمسة مدارس.
مطالب بممر آمن
يطالب سكان المخيم، وهذا ما عبروا عنه بوقفات احتجاجية سابقة، بفتح ممر أمن لهم للخروج باتجاه شمال غربي أو شمال شرقي سوريا.
وفشلت مساعي وجهود سكان المخيم في إقناع الأردن بفتح نقاط طبية ودخول مساعدات أممية لداخل المخيم.
ضم المخيم قبل عام 2018 حوالي 70 ألف نسمة، إلا أن أغلبية سكانه خرجوا باتجاه مناطق النظام السوري، ولم يبقَ فيه سوى ثمانية آلاف نسمة، بحسب ناشطين مطّلعين على الوضع الإداري فيه.
وتعتمد فئة من الأهالي في المخيم على الأعمال اليدوية والحرف لتأمين قوت يومها، كبناء البيوت الطينية التي يسعى الأهالي للاستعاضة بها عن الخيمة.
وفي آذار 2020، أغلق الأردن الحدود مع المخيم بما فيها النقطة الطبية، وأرجعت الحكومة الأردنية سبب الإغلاق لإجراءات الحد من انتشار فيروس “كورونا”.
وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قال حينها، إن “(الركبان) ليس مسؤولية الأردن، إمكانية تلبية احتياجاته من داخل سوريا متاحة، أولويتنا صحة مواطنينا، نحن نحارب (كورونا) ولن نخاطر بالسماح بدخول أي شخص من المخيم”.
اقرأ أيضًا: الكمأة.. مصدر رزق لسكان “الركبان” خارج حدود المخيم