“الطريق لا يحسب بنهايته وحسب، ففي كل رحلة يصل المرء الى مكان ما، وفي كل خطوة يمكن اكتشاف وجه خفي من وجوه دنيانا، ويكفيه أن ينظر وأن يتمنى وأن يصدق وأن يحب”.
اقتباسٌ من رواية سمرقند للروائي أمين معلوف، التي تجمع بين فن الرواية والسرد التاريخي، وهي ثالث رواياته نشرًا عام 1988.
تقع الرواية في 375 صفحة، من ترجمة د.عفيف دمشقية، وتقسم إلى أربعة فصول: شعراء وعشاق، فردوس الحشاشين، نهاية الأعوام الألف، شاعر تائه.
في القسم الأول من الرواية يتناول الكاتب سيرة حياة عمر الخيام، وهو الشخصية المحورية في الرواية على اختلاف أزمنتها، بدءًا من ولادته في مدينة نيسابور وانتقاله إلى سمرقند وأصفهان من بعدها، التضييق والاتهامات بالزندقة التي واجهها لكتابته الرباعيات، تلك التي بها اشتهر فيما بعد، ثم المكائد والحيل في القصور وبين الأمراء، والشخصيات التاريخية التي تقاطع معها الخيام في حياته كنظام الملك وألب أرسلان وملكشاه وتركين خاتون “الصينية”.
لم يكتف الكاتب بعرض سير هذه الشخصيات التاريخية، بل تجاوز ذلك إلى التفصيل بالظروف المحيطة بكل منها، إضافة للتحليل النفسي لها ما يجعل القارئ على دراية بسبب تهافت أحدهم على السلطة وعزوف آخر عنها.
سنستمر مع الخيام في ثاني أقسام الرواية، لكن حياته في تلك المرحلة ستتقاطع مع تأسيس فرقة الحشاشين من قبل صديقه حسن الصباح، وهي فرقة ينتمي أفرادها للمذهب الإسماعيلي الذي اعتنقه الصباح وبدأ يبشر به، ليتخذ من منطقة “آلموت” لاحقًا مكانًا يجمعه مع مريديه ومتبعيه.
وتبقى آلموت عصية على أيّ هجوم عسكري طيلة 166 عامًا من الخوف والقتل و”الفدائيين”، بمحاولات من الصباح بسط سيطرته على المدن المحيطة.
ويعزو البعض اسم “الحشاشين” إلى تعاطي مريدي الصباح للحشيش، الذي كان عن طريقه يضمن تنفيذهم لمهماتهم دون خوف، فيما يعارض آخرون هذا التفسير ويقولون إن “حشاشين” هي تحريف لكلمة “أساسييّن” التي كان الصباح يطلقها على أتباعه، ومع اختلاف التفسيرين يتفقان على أن كلمة “assassin” بالإنكليزية، وتعني القاتل، مشتقة من اسم الفرقة، لارتباطها الوثيق بالقتل والاغتيال.
ننتقل في القسمين الثالث والرابع من الرواية إلى زمان آخر، يبعد عن تاريخ القسمين الأولين ثمانمئة عام تقريبًا، مع مؤرخ أحب الخيام وبحث عن مخطوط رباعياته في رحلة متشعبة جغرافيًا.