تشهد محافظة إدلب أزمة ونقصًا في مادة البنزين، وسط مخاوف من أصحاب السيارات والآليات من تفاقم الأزمة واحتكار التجار و”الكازيات” للبنزين ورفع أسعاره.
وتشهد محطات وقود المدينة حيث تسيطر حكومة “الإنقاذ” ازدحامًا لتأمين المادة، وبعضها وضعت لافتات بنفاد الكميات لديها، ويستخدم بعض سائقي السيارات احتياطاتهم، في حين تغيب الاحتياطات من المادة عن معظم “الكازيات”.
وأطلقت مديرية المشتقات النفطية في “الإنقاذ” وعودًا بتأمين البنزين خلال الأيام القليلة المقبلة، ويباع الليتر من البنزين “مستورد أول” بـ1.175 دولار، ما يعادل حوالي 27.85 ليرة تركية، ويباع على بعض “البسطات” بسعر 35 ليرة.
مخاوف من انقطاع البنزين
عبد اللطيف خضير (34 عامًا) يعمل سائق سيارة أجرة (تكسي) قال لعنب بلدي، إن انقطاع مادة البنزين يؤدي إلى قطع لقمة عيشه، وبدون البنزين يتوقف عمله الذي يعتبر مصدر رزقه.
وأضاف عبد اللطيف أنه حالما ينتهي من العمل يتتبع محطات الوقود التي يتوفر فيها البنزين، حاله كحال عشرات السيارات، وينتظرون فترات زمنية طويلة لتأمين البنزين وتعويض ما صرفته السيارة خلال الحركة، وحتى لا ينفد البنزين من السيارة ويتوقف عن العمل في اليوم التالي.
أسامة الخطيب (36 عامًا) مهجر يقيم في مدينة إدلب، قال إنه ينتظر لساعات مع عشرات الأشخاص ضمن طوابير أمام محطات المحروقات، من أجل الحصول على لترين بنزين للدراجة النارية التي يستخدمها للوصول إلى مكان عمله.
وأضاف أسامة الذي يعمل في ورشة حدادة على أطراف مدينة إدلب، أنه يعتمد بشكل أساسي على الدراجة النارية للذهاب إلى العمل، إذ لا تصل وسائل النقل العام لـ”كورنيش” إدلب حيث ورشة الحدادة.
هشام العثمان (54 عامًا) يعمل سائق “تكسي” في مدينة إدلب، قال إن الأزمات السابقة والحاجة الشديدة إلى البنزين عودت معظم السائقين على الاستمرار في العمل من خلال أخذ الاحتياطيات اللازمة.
وبحسب حديث هشام لعنب بلدي، فإن نسبة كبيرة من سائقي سيارات الأجرة التي تعمل على البنزين، لديهم خزان احتياطي صغير في المنزل، ويسعون إلى ملء خزان السيارة بالبنزين بشكل كاف، ما يضمن توفير وقود السيارات لعدة أيام إضافية في حال تفاقم الأزمة.
محمد السامي (41 عامًا) مهجر يعمل في ورشة نجارة على أطراف مدينة بنش شرقي إدلب، ويقيم في مدينة إدلب، يتنقل بين المنزل والعمل على دراجته النارية، قال لعنب بلدي إن انقطاع البنزين سابقًا كان يعني الجلوس في المنزل وعدم الذهاب إلى العمل، لكن توفر النقل العام بات حلًا بديلًا في حال لم تكن الأزمة “حادة”.
وأضاف محمد أنه لا يفضل تخزين البنزين في المنزل لوقت الأزمات، معتبرًا أنه أمر خطير ويحمل الأضرار.
المحطات فارغة
مالك الدقس، صاحب محطة محروقات “الدقسي” على الطريق الواصل بين مدينة إدلب وبنش، قال في حديث لعنب بلدي إنه يبيع في اليوم الواحد ألف ليتر من مادة البنزين تقريبًا، وشعر منذ أسبوعين بنقص وطلب متزايد.
وبحسب صاحب المحطة، تسعى شركات المحروقات إلى تزويد المحطات بمادة البنزين ولكن بكميات قليلة جدًا، وقبل يومين انقطع البنزين بشكل كامل، لافتًا إلى أن شركة “العربية” التي تزوده بالمحروقات استطاعت تأمين كمية قليلة من البنزين وتقسيمه على عدة محطات للوقود.
وعن الأزمة قال مالك الدقسي إن المواطنين اعتادوا على طلب كميات كبيرة من المحروقات في حال ورود أخبار انقطاعها وعدم دخولها من تركيا، ما يؤدي لارتفاع الطلب وغياب العرض، الأمر الذي يفاقم الأزمة بشكل كبير.
وكانت محطات الوقود قبل عام 2011 ملزمة بتأمين خزانات احتياطية للمحروقات، لكن هذه الخزانات غير معدة لبيع المواطنين وقت الأزمات، وإنما لضمان استمرار الأعمال الحكومية والعسكرية، وفق الدقسي.
ولفت صاحب المحطة، إلى أن اليوم لم تعد محطات الوقود تهتم بتوفير خزانات احتياطية للمحروقات، فالجهات العسكرية والحكومية لها احتياطياتها الخاصة بها، مشيرًا إلى نية الحكومة بإلزام محطات الوقود بتوفير خزانات وقود بنسبة 20% من كميات المبيع لوقت الأزمات.
وكحل مؤقت لحين توفر البنزين، قال الدقسي إن محطات الوقود تعمل على بيع كميات قليلة من البنزين للمواطنين، وأضاف أن المحطة تبيع سائق الدراجة النارية أربعة ليترات من البنزين كحد أقصى وسائق السيارة 15 ليترًا، معتبرًا أن هذه الكميات كافية لاستهلاك المواطن عدة أيام.
وعود بحل الأزمة
مدير المشتقات النفطية في حكومة “الإنقاذ”، أحمد سليمان، قال في تصريح لعنب بلدي إن سبب غياب مادة البنزين هو تبديل البواخر المحملة بالمادة والقادمة إلى الشمال السوري، في الميناء.
وكحل مؤقت توزع مديرية المشتقات النفطية، المخزون الاحتياطي المتوفر لديها على محطات المحروقات، وتسمح لها بالبيع من المخزون الاحتياطي الملزمة به الموجود لديها، لعدم حدوث أزمة، وفق سليمان.
وأضاف سليمان، أنه لن يكون هناك انقطاع لمادة البنزين خلال الأيام المقبلة، مع وعود بتوريدها إلى المنطقة.
وعن احتياطي البنزين لدى مديرية المشتقات النفطية، قال سليمان إن هناك مخزون للحالات الطارئة، وهو تحت إشراف المديرية التي تعمل على تزويد محطات الوقود به خلال الأزمات.
ولفت سليمان إلى أن بعض “ضعاف النفوس” يستغلون الأزمات لاحتكار المحروقات وبيعها على “البسطات” بأسعار مرتفعة، ولذلك تسيّر المديرية دوريات الرقابة ومكافحة الاحتكار، مشيرًا إلى أن الدوريات تعمل على مدار الساعة لمنع حدوث أي احتكار أو تلاعب بأسعار بمادة البنزين.
أزمة قبل ثمانية شهور
تكررت أزمات المحروقات في إدلب، أبرزها كان في تشرين الأول 2022، حين شهدت المدينة أزمة كبيرة في المحروقات بسبب انقطاع معظم أنواعها، إضافة إلى الغاز المنزلي، بسبب إغلاق المكتب الخاص بالسماح بمرور المحروقات من ريف حلب إلى إدلب.
ولم يُعرف السبب الحقيقي لإغلاق المكتب، إذ تزامن مع توترات أمنية شهدتها المنطقة من جهة، ومع قرار “الإنقاذ” بوقف تراخيص الشركات العاملة باستيراد وتجارة المحروقات من جهة أخرى.
ويوجد تضييق وتفتيش مكثف على خزانات السيارات والحافلات والآليات التي تعمل بالمازوت، وذلك في أثناء دخولها من مناطق ريف حلب إلى منطقة إدلب عبر معبري “دير بلوط” و”الغزاوية” الفاصلين بين منطقتي إدلب وريف حلب الشمالي، بينما يُسمح للسائقين بالاحتفاظ بكميات محدودة في خزانات الوقود.
اقرأ أيضًا: إدلب.. الاستثمار تحت عباءة “الإنقاذ“