يوافق اليوم 17 من حزيران، اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، الذي يتزامن مع خطر يهدد زيادة مساحات الجفاف في درعا جنوبي سوريا بعد تراجع منسوب المياه الجوفية فيها.
وتشهد المدينة جفاف معظم البحيرات السطحية، بينما أسهم قطع الأشجار في انعدام الغطاء الأخضر ما يزيد من خطورة تدمير البنية الحيوية للتربة، وبالتالي عدم صلاحها للزراعة.
ينابيع وآبار جفت
بدأت ينابيع وبحيرات في ريف درعا الغربي بالانحسار التدريجي منذ صيف عام 2017، واستمر حتى جفت بحيرة “المزيريب” بشكل كامل عام 2020، وكذلك جفت بحيرة “زيزون” وشلالات “تل شهاب” جفافًا موسميًا في الصيف.
ويضاف إليها جفاف عدد كبير من الآبار العشوائية التي حُفرت بعد عام 2011، وأسهمت في تراجع منسوب مياه الينابيع.
ويؤثر جفاف هذه المصادر بشكل مباشر على الثروة الزراعية، وخاصة الأشجار المثمرة، إذ شهدت المحافظة تراجعًا بمحصول العنب بعد احتطاب أشجاره. ويعود ذلك أيضًا لعدم كفاية مياه الري إذ يحتاج العنب ري مشبع كل أسبوع.
ويبست خلال العامين الماضيين عدد كبير من أشجار الرمان بسبب شح المياه، حسبما أفاد مزارعون لعنب بلدي.
حسين (25 عامًا) من مزارعي ريف درعا الغربي، قال إنه قص أشجار مزرعته من عرائش العنب، والتي تبلغ عشر دونمات، وذلك بعد تقّزم المحصول بسبب عدم كفاية مياه الري، بعد جفاف بئره وجفاف مياه الينابيع في بحيرة زيزون في ريف درعا الغربي.
ولم يتمكن عبد الرحمن (50 عامًا) من سقاية محصول الرمان ومحصول الزيتون، ما أجبره على قصها وبيعها للحطب.
وسابقًا، كان عبد الرحمن يعتمد على السقاية من مياه بئر يمتلكه في أرضه الزراعية، وقال في حديثه لعنب بلدي، إن المحصول الوحيد الذي بات يزرعه هو القمح وغالبًا تتوفر مياه الري في فصل الشتاء، حاله في ذلك حال معظم مزارعي المنطقة.
ثلاثة أسباب
أرجع المهندس الزراعي خالد سليمان من سكان محافظة درعا، الجفاف لثلاث أسباب رئيسة، أولًا نقص المياه الجوفية لأسباب تتعلق بالتغيرات المناخية، وثانيًا قطع الأشجار والرعي الجائر، وثالثًا الامتداد العمراني للأراضي الزراعية.
وقال سليمان لعنب بلدي، إن درعا لم تصل إلى حالة التصحر الكامل، ولكن توجد عوامل إذا استمرت ستؤدي مستقبلًا إلى التصحر، وأهمها تناقص مياه الري، إذ شهد الجنوب السوري انخفاضًا بمعدل الأمطار خلال الـ20 عامًا الماضية، ما أثر على غزارة الينابيع والآبار.
يضاف إلى ذلك الحفر العشوائي للآبار الذي دمر خطوط تغذية هذه الينابيع والبحيرات.
وأضاف المهندس الزراعي، أن التصحر الكامل هو حلول كثبان رملية على التربة بعد انعدام الغطاء النباتي، ما يؤدي لفقدان التربة تماسكها ويؤثر على احتفاظها بالماء والعناصر الغذائية.
تحطيب عشوائي.. لا محميات
بعد انطلاق الثورة السورية عام 2011 وارتفاع أسعار الحطب والمازوت تعرضت المحميات الحرجية للتحطيب العشوائي في محافظات الجنوب السوري.
وقال سليمان إن محافظة درعا خسرت محمية “تسيل” الطبيعية، وحرش مدينة نصيب، وحرش تل الحارة، والجابية والتلول الحمر، وكل هذه المناطق تعرضت لتحطيب كامل.
وأضاف، كانت محاولات من المكتب الزراعي خلال سيطرة المعارضة على المنطقة في ترميم ومحاولة زراعة المحميات، إلا أن الرعي الجائر منع نمو هذه المحميات.
وأوضح أن للحرب دور في تصحّر الأرض من خلال رفع السواتر وحفر الخنادق وزرع الألغام وهجرة السكان وخاصة الفلاحين، وتدمير البنى التحتية من آبار حكومية، كل هذه العوامل كان لها دور في تراجع الغطاء النباتي في درعا.
الصحفي المختص بالقضايا البيئة زاهر هاشم قال، في حديث سابق لعنب بلدي، إن الغابات تحتاج إلى عقود طويلة للتعافي، حيث لا تقل مدة التعافي عن عشرة إلى 25 عامًا.
وتعتبر الغابات موطنًا لنحو 80% من التنوع البيولوجي، لذلك فإن قطع الأشجار يهدد الكائنات الحية التي تعيش في الغابات بفقدان موطنها، وتصبح بعض الكائنات الحية عرضة للافتراس نتيجة ذلك.
ورغم سيطرة النظام على المنطقة الجنوبية في تموز 2018 إلا أن تحركات الضابطة الحراجية التابعة لمديرية زراعة درعا خجولة، إذ نظمت 23 ضبطًا منذ بداية العام الحالي، بحسب ما قاله رئيس دائرة الحراج في مديرية زراعة درعا، جميل العبد الله، لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في 2 من حزيران الحالي.