أعد الصحفي والباحث السوري محمد حردان ورقة بحثية بعنوان “الاقتصاد السياسي لصحافة المواطنة في دول الحروب”، وناقش فيها ظروف عمل المواطنين الصحفيين في سوريا والحقوق التي يجب حصولهم عليها.
وركزت الورقة البحثية التي ناقشها حردان، الجمعة 16 من حزيران، في مؤتمر “مستقبل الإعلام”، الذي أقامته مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في بريطانيا، على أهمية دور المواطنين الصحفيين في تغطية الأحداث في سوريا في ظل غياب الصحفيين وعدم قدرة الصحافة الأجنبية على الوصول إلى تلك المناطق وقيامها بدورها.
وجاء في الورقة أن وسائل الإعلام الجديدة وتقنيات الاتصال المعلوماتية لها دور كبير في هذا التطور، من خلال منح الناس العاديين الفرصة لجمع المعلومات المباشرة داخل الصراع ومشاركتها مع العالم.
ومحمد حردان، صحفي سوري وباحث في حقوق الإنسان حاصل على درجة الماجستير في الصحافة ويغطي أخبار الشرق الأوسط لعدد من الصحف والمواقع الإلكترونية.
المواطن الصحفي ونقل الصوت
وأوضح حردان لعنب بلدي أن الورقة جاء فيها وجود تخوف في البداية حول مدى مصداقية المحتوى الذي ينشئه المواطن أو المستخدم، إضافة إلى طريقة إعداد المادة لترقى إلى المستوى المهني المطلوب.
وبينما كان المواطنون الصحفيون يحاولون إسماع أصواتهم غالبًا من أجل نقل صوت الناس والضحايا في تلك المنطقة، كان عليهم مواجهة بعض القضايا الحرجة مثل الحقوق المهنية غير المحددة، والانتهاكات الاقتصادية التي تقوم بها مؤسسات الإعلام، بحسب الباحث.
وهدفت الورقة البحثية إلى الحديث عن صحافة المواطن في ظروف الحرب في سوريا، من خلال التركيز على النضالات التي يعيشها المواطن الصحفي السوري خاصة فيما يتعلق بحقوقه التي يجب الحصول عليها.
وجمع حردان في ورقته البحثية بيانات نوعية من مقابلات شبه منظمة ومقابلات عميقة مع 23 مواطنًا صحفيًا سوريًا من مناطق مختلفة وأربعة صحفيين محترفين في عدد من المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والعالمية.
وحللت الورقة الموضوع من الناحية السياسية والاقتصادية، وتوصل الباحث من خلال المقابلات التي أجراها إلى أن ظاهرة المواطن الصحفي في سوريا جاءت من رغبة هؤلاء الأشخاص في نقل صوت الشعب السوري إلى العالم وتوثيق الأحداث التي شهدتها المنطقة، كما أن هؤلاء الأشخاص كانوا يطلقون على أنفسهم لقب ناشط.
علاقة مع المؤسسات.. الاستغلال حاضر
نشأت العلاقة بين المواطنين الصحفيين والمؤسسات الإعلامية من خلال تزويدهم المؤسسات الإعلامية بالمواد الإعلامية دون أي مقابل، ليتحول ذلك في مرحلة لاحقة إلى تعاون شكلي بين الطرفين، وفق حردان.
وبدأت بعدها بعض المؤسسات بالتعاون مع أشخاص محددين والاعتماد عليهم في تغطية الأحداث.
ووفقًا للباحث، فإن المواطنين الصحفيين الذين تم التواصل معهم أخبروه أنهم تعرضوا للاستغلال من قبل المؤسسات الإعلامية، سواء من الناحية المادية وتحصيل أجور المواد المنتجة، أو تأمين حياتهم أو حتى ضمان استمرارية العمل مع تلك المؤسسات.
وذكر أن بعضهم لم يوقع على أي اتفاقية تضمن له حقوقه، وكان عبارة عن اتفاق شفهي، والبعض الآخر تعرض للاستغلال رغم وجود عقد مكتوب بين الطرفين.
وتبين من خلال المقابلات أن عددًا كبيرًا من المواطنين الصحفيين غير مدركين للحقوق التي يجب حصولهم عليها، وهذا ما دفع بالمؤسسة الإعلامية لاستغلال جهلهم بذلك وعدم منحهم كامل حقوقهم.
حلول وتوصيات
طرح الباحث في نهاية الورقة عددًا من الحلول والتوصيات، أهمها:
-وجوب قيام المنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الصحفيين بإجراء دورات تدريبية توعوية حول الموضوع.
-تفعيل دور النقابات المهنية لمتابعة سير تلك الأمور.
-امتناع المواطن الصحفي عن العمل دون توقيع عقد مكتوب يضمن له كامل حقوقه.
مؤتمر “مستقبل الإعلام” المؤتمر الثاني على مستوى العالم في طرح مواضيع الإعلام والاتصال والسياسة والاقتصاد، ويحضره باحثين وأكاديميين من حول العالم لمناقشة أهم المواضيع التي تخص إحدى تلك المجالات.
الصحافة في سوريا
يتعرض العاملون في المجال الإعلامي للعديد من الانتهاكات في مختلف مناطق السيطرة في سوريا.
واحتلت سوريا المرتبة 175 من 180 دولة، على مؤشر حرية الصحافة العالمي للعام 2023 وفق تقرير لمنظمة “مراسلون بلا حدود“، أصدرته في 3 من أيار الماضي، بمناسبة “اليوم العالمي لحرية الصحافة”.
وبنفس اليوم، نشرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” تقريرًا، وثقت فيه مقتل 715 من الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام منذ آذار 2011 بينهم 52 بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
وقالت إن الانتهاكات بحق المواطنين الصحفيين وحرية الرأي والتعبير لا تزال مستمرة في سوريا منذ نحو 12 عامًا.
ونشرت “مراسلون بلا حدود” قائمتها السوداء لعام 2021 بعنوان “مفترسو حرية الصحافة”، التي تسلّط الضوء من خلالها على أفظع المنتهكين الدوليين لحرية الصحافة.
وضمت القائمة 37 زعيمًا حول العالم، منهم رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
اقرأ أيضًا: “حالة طوارئ” تكبّل الإعلاميين في الشمال