“الخيمة الدكان”.. خيار بديل لسكان المخيمات مع ارتفاع الإيجارات

camera iconدكان في مخيم أم جرن في قرية كفرعروق شمالي إدلب- 3 من حزيران 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – إياد عبد الجواد

فرضت الظروف المعيشية في مناطق شمال غربي سوريا شكلًا جديدًا للحياة الاقتصادية لبعض السكان، وأمام عدم قدرة عدد منهم على فتح دكاكين ومتاجر لتقديم الخدمات التي يبرعون بها، على اعتبار أن أقل تكلفة إيجار تبلغ 50 دولارًا أمريكيًا، اتجه بعض النازحين لتحويل خيامهم إلى دكاكين بديلة يحصّلون من خلالها قوت يومهم.

لا يوجد دكاكين ومحال تجارية مبنية في المخيمات، على اعتبار أنها تتكوّن من خيام بالمجمل، ما يعني أن استئجار دكان يتطلب الانتقال للعمل في مدينة إدلب أو إحدى القرى.

محمد عبد المجيد (58 عامًا)، يقيم في مخيم “السكة” على طريق كفر بنة، ويعمل بصيانة السيارات والدراجات النارية، أوضح لعنب بلدي أن العمل من داخل المخيم لا يشهد إقبالًا كبيرًا من قبل السائقين.

وقال إن عمله لا يسبب إزعاجًا للجيران، لكنه لا يملك في الوقت نفسه مصدر دخل بديلًا، “عم نشحط تشحيط”، أضاف محمد، في إشارة إلى تردي الوضع المعيشي.

وتابع، “عملت من قبل في صيانة الدراجات والسيارات، وبعد النزوح عدت إلى هذه المهنة مجبرًا”.

إيجار الدكاكين مرتفع

وحول الأسباب التي دفعته للعمل ضمن خيمة، بيّن محمد عبد المجيد أنه لا يستطيع استئجار دكان، لعدم وفرة المال، كما أنه ترك كل ما يملكه خلفه عند نزوحه، وبات بالكاد يؤمّن قوت يوم العائلة.

يرى محمد أن امتلاك محل أو دكان يغيّر من الوضع، ويتيح للشخص وضع بضاعة في المحل، فحين يأتي زبون يريد صيانة دراجته صيفًا، لا يشعر الرجل بحماسة لتقديم خدماته بسبب ارتفاع درجات الحرارة داخل الخيمة التي لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء.

وإلى جانب مهنة محمد، هناك مهن أخرى ضاق العاملون بها في إيجارات الدكاكين، فاتجهوا لتوطين عملهم في خيمة صغيرة تُفقد المهنة كثيرًا من متطلباتها، مستغنين عنها تحت وطأة الضرورة.

أحمد المحمد الحسين، نازح من قرية البوابية في ريف حلب الجنوبي، لديه خيمة “سمانة”، يبيع فيها ما تبيعه “البقاليات” من مواد غذائية وأطعمة أطفال وغيرها، كونه لا يملك مهنة أخرى يعول من خلالها 20 شخصًا من أفراد العائلة بين أبنائه وأبناء ابنته الأرملة.

مدير مخيم “الخير” في ريف إدلب الشمالي، أحمد الطالب، أوضح لعنب بلدي أن التنظيم غائب عن هذه الدكاكين مع عدم وجود محال أو مراكز تجارية نظامية، كون المخيمات عشوائية بمعظمها، إلى جانب قربها من القرى التي يوجد فيها بطبيعة الحال دكاكين وأماكن للتسوق، في ظل انعدام قدرة النازحين أصلًا على الاستثمار وممارسة أعمال تجارية من هذا النوع.

دكان في مخيم أم جرن في قرية كفرعروق شمالي إدلب- 3 من حزيران 2023 (عنب بلدي)

لا خدمات داخل المخيم

الظروف المعيشية الصعبة دفعت أيضًا فايز إبراهيم الموسى، المنحدر من قرية إسلامين في ريف سراقب، ويقيم بمخيم “الخير” في حربنوش، للسير على الطريق ذاته، فاتجه لصيانة الأدوات الكهربائية أيضًا في خيمة ليعول عائلته المكوّنة من ثمانية أفراد.

أكد فايز لعنب بلدي أن الدكان يعتبر خيارًا أفضل لكن الإيجارات تفوق قدراته المالية، ليلجأ إلى الخيمة ويتخذ منها مقرًا لعمله، كما أن قدرات الأهالي ضعيفة، وبحاجة إلى المراعاة، فعند وجود محل بالإيجار، وما ينطوي عليه من التزامات ومصاريف، ستختلف أجرة الصيانة بالضرورة، وترتفع بالنسبة للزبون، لكن عند العمل بالخيمة، فأيًا كان الأجر الذي يحصل عليه فهو لا يشعر بالخسارة.

“المعيشة صعبة، والإمكانات محدودة، بالكاد نعيش”، قال فايز، موضحًا أن الأدوات التي يعمل بها بسيطة، كما يعاني مشكلة في توفير الطاقة الكهربائية لتجريب الأدوات التي يصلحها للناس، إلى جانب صعوبة البقاء في خيمة لا تقي من العوامل المناخية على مدار العام.

ويعاني سكان المخيمات في مناطق شمال غربي سوريا، منذ سنوات، نقصًا بتأمين عديد من احتياجاتهم، على رأسها المواد الغذائية، وهي احتياجات مشتركة مع المخيمات الناشئة استجابة للزلزال.

كما تتزايد احتياجات المخيمات مقابل تزايد عجز المنظمات وقلة الدعم.

بلغ عدد السكان الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية في شمال غربي سوريا خلال عام 2022 نحو أربعة ملايين و600 ألف شخص، بينهم ثلاثة ملايين و300 ألف يعانون انعدام الأمن الغذائي، ومليونان و900 ألف نازح داخليًا، بحسب تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).

وارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بعام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص خلال العام الحالي.

ووفق إحصائيات “منسقو استجابة سوريا”، ارتفعت نسبة العائلات الواقعة تحت خط الفقر في الشمال السوري إلى 89.24%، بينما ارتفعت نسبة العائلات التي وصلت إلى حد الجوع إلى 39.64%، خلال آذار الماضي.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة